
في تحول استراتيجي كبير، تشهد صناعة الذكاء الاصطناعي العالمية تحولاً جذرياً بقيادة الصين نحو تبني نماذج مفتوحة المصدر، مما يهدد هيمنة الشركات الأمريكية الكبرى على هذا القطاع الحيوي.
وأصبحت شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة رمزاً لهذا التحول بعد إطلاقها نموذج R1 الذكي مطلع العام الجاري، الذي حقق أداءً مذهلاً دفع كبرى الشركات الصينية لإعادة النظر في استراتيجياتها.
وقد أعلنت عملاقة التكنولوجيا الصينية “بايدو” مؤخراً عن إتاحة أحدث إصدارات نموذجها “إيرني 4.5” مجاناً للجمهور، في خطوة تعكس تبني استراتيجية المصادر المفتوحة على نطاق واسع. كما انضمت شركات كبرى أخرى مثل “علي بابا” و”تينسنت” إلى هذه الموجة الجديدة، مما يعزز التنافسية في سوق الذكاء الاصطناعي المحلي والعالمي.
ويشير المحللون إلى أن هذا التوجه يمثل نقلة نوعية في صناعة الذكاء الاصطناعي، حيث كانت النماذج الاحتكارية هي السائدة في السابق. ويقول الخبير التقني راي وانغ:” لقد غيرت ديب سيك قواعد اللعبة تماماً، حيث أثبتت أن النماذج المفتوحة المصدر يمكن أن تكون بنفس كفاءة النماذج المدفوعة، إن لم تكن أفضل”.
هذا التحول الصيني الكبير يأتي في وقت تشتد فيه المنافسة التكنولوجية بين بكين وواشنطن، حيث تسعى الصين جاهدة لتعزيز سيادتها التكنولوجية وتقليل اعتمادها على الشركات الأمريكية. وقد بدأت نتائج هذه الاستراتيجية تظهر بالفعل، حيث تقلصت الفجوة التكنولوجية بين البلدين بشكل ملحوظ في مجال الذكاء الاصطناعي.
غير أن هذا التوجه الصيني نحو المصادر المفتوحة يواجه تحديات كبيرة، لعل أبرزها القيود الأمريكية الأخيرة التي حظرت استخدام نموذج “ديب سيك” على الأجهزة الحكومية، بحجة مخاوف أمنية. كما أن استدامة نموذج الأعمال القائم على المجانية تظل محل تساؤل من قبل بعض الخبراء.
على الجانب الآخر، يرى مراقبون أن هذه الثورة الصينية في الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر قد تدفع الشركات الأمريكية الكبرى مثل “أوبن إيه آي” إلى إعادة النظر في نماذج أعمالها، مما قد يؤدي إلى تحولات كبرى في صناعة الذكاء الاصطناعي العالمية خلال السنوات المقبلة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله