
نظمت اليوم بالمدرسة العليا للاقتصاد بوهران محاضرة ،تحت عنوان : “الفرص والتحديات في التعاون الطاقوي بين الجزائر والاتحاد الأوروبي”،الرهانات والآفاق المستقبلية،من تنظيم الأستاذة “أورليامانييإسترادا”، أستاذة الاقتصاد بجامعة برشلونة والمتخصصة في القضايا الطاقوية،و الأستاذ فوسي بن عبو.
حيث تُعتبر الطاقة أحد الركائز الأساسية للتنمية الاقتصادية والاستقرار الجيوسياسي، وفي ظل التحولات العالمية نحو الطاقات المتجددة، تبرز أهمية التعاون الطاقوي بين الجزائر والاتحاد الأوروبي كفرصة استراتيجية لتحقيق مصالح مشتركة وتجاوز التحديات الإقليمية والدولية.
اشارت الأستاذة “أورليامانييإسترادا”، المتخصصة في القضايا الطاقوية، إلى أن هذا التعاون يطرح تساؤلات حول الأولويات والسياسات الطاقوية، خاصة في ظل غياب استراتيجية موحدة وتأثير المصالح الاقتصادية الخاصة.
كما ترى الأستاذة إسترادا أن أوروبا تسعى نحو الاستقلال الطاقوي عبر الطاقات المتجددة، لكن بمنظور يركز على نماذج إدارة محلية ومشاريع بنى تحتية محددة بدلًا من الهياكل الضخمة. وتؤكد أن أوروبا ليست كيانًا موحدًا، بل مجموعة من الدول ذات مصالح صناعية متباينة، حيث تتداخل مصالح الشركات الكبرى مثل “توتال” مع السياسات الوطنية.
وبخصوص إسبانيا فترى ذات المتحدثة انها تفتقر إلى سياسة طاقوية وطنية واضحة، حيث تهيمن الشركات الخاصة على السوق بهدف الربح المالي وليس المصلحة العامة،فالنظام الإسباني بخصوص تسعير الكهرباء يعتمد على السوق الهامشية (marginal market)، ما يجعل أسعار الكهرباء مرتبطة بتقلبات أسعار الغاز،اما بخصوص الفرق بين اسبانيا وإيطاليا،فأضافت ذات المحاضرة ان إيطاليا لديها شركة وطنية للطاقة تشارك فيها الدولة، بينما إسبانيا تفتقر لهذا التدخل الحكومي،ومن وجهة نظر الأستاذة “أورليامانيي”فان الكهرباء يجب أن تُعتبر خدمة عمومية وليس مجرد سلعة تجارية، مما يستدعي تدخل الدولة لضمان الأمن الطاقوي وخدمة المصلحة العامة.
التحديات العالمية والإقليمية
حسب “الأستاذة أورليا” فانه في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، تظل الطاقة أحد أهم الركائز التي تُحدد مسار الدول وتؤثر في الاستقرار الاقتصادي و السيادة الوطنية،وتُشير التحليلات إلى أن قطر و الولايات المتحدة تلعبان دورًا محوريًا في التحكم في سوق الطاقة عبر النفوذ الاقتصادي، مما يطرح تساؤلات حول موقع الجزائر في هذه المعادلات الدولية المُعقدة.
حيث تلعب قطر دورًا بارزًا كأحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال، بينما تُعتبر الولايات المتحدة لاعبًا رئيسيًا في سوق النفط والغاز الصخري،يُظهر هذا النفوذ الاقتصادي كيف تُستخدم الطاقة كأداة استراتيجية للتأثير في السياسات العالمية وتشكيل التحالفات الاقتصادية،المشكلة الحقيقية لا تكمن في نقص الموارد الطاقوية، بل في من يستفيد من العائدات وكيفية حماية السيادة الطاقوية للدول المنتجة.
أزمة 1973: نقطة تحول في التوازنات الاقتصادية العالمية
كانت أزمة 1973 لحظة فارقة أثرت على التوازنات الاقتصادية العالمية، حيث أدت إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل موحد عالميًا، هذا الارتفاع زاد من تبعية أوروبا وآسيا لموردي الطاقة، وأكد أن التحكم في تسعير الطاقة هو جزء أساسي من اللعبة الجيوسياسية و الاقتصادية الدولية،و رغم كون الجزائر من أهم منتجي النفط والغاز في العالم، إلا أنها ليست طرفًا فاعلًا حقيقيًا في المعادلات الطاقوية الدولية ، مما يُطرح تساؤلات حول فعالية السياسات الطاقوية الوطنية و قدرة الجزائر على حماية مصالحها،ويتطلب هذا تنويع في مصادر الطاقة بتعزيز الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية و الرياح وتطوير الصناعات الطاقوية المحلية بدلًا من الاكتفاء بتصدير المواد الخام والاستثمار في البنية التحتية
أستاذ العلوم السياسية ديدن منصور
يرى”الاستاذ ديدن منصور”ان الجزائر تسعى الى الاستقلال في مادة الغاز كمنتجين بالدرجة الأولى ،بدل ان تكون تحت وطأة الراس مال العالمي،
من خلال السيادة في اتخاد القرار،وأما بخصوص الطاقة الخضراء فيرى “الأستاذ منصور” ان الجزائر في اطار بسط القاعدة الأساسية من خلال تكوين إطارات ورسم خطة مدروسة في مجال الطاقة الخضراء والطاقات المتجددة، نظرا لطبيعة المناخ الذي يمكن ان يوفر طاقة شمسية واستعمال الطاقة الخضراء لاحتياجات البلد وبيع الغاز لتمويل الاقتصاد.
يُظهر التحليل أن التعاون الطاقوي بين الجزائر والاتحاد الأوروبي يتطلب رؤية استراتيجية مشتركة تراعي المصالح المتبادلة وتتجاوز المنظورات الضيقة،وإن غياب سياسات طاقوية واضحة في بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا، إلى جانب هيمنة المصالح الاقتصادية الخاصة، يُشكل تحديات جوهرية،فعلى الجزائر أن تسعى لتعزيز سيادتها الطاقوية عبر تنويع مصادر الطاقة و تعزيز الطاقات المتجددة، مع الحفاظ على التوازن بين المصالح الوطنية والتعاون الدولي.
ج.ايمان