
في إطار المتابعة الدورية لمختلف الملفات التنموية، ترأس والي ولاية غليزان، السيد ‘كمال بركان’، اجتماعًا للمجلس التنفيذي بالولاية بحضور رئيس المجلس الشعبي الولائي، السيد ‘عبد القادر بغدادي’، والأمين العام للولاية، السيد ‘دغة لعريبي’، إلى جانب رؤساء الدوائر والبلديات والمدراء التنفيذيين. وقد شكّل اللقاء مناسبة لتشريح جملة من الملفات الحساسة التي تهم المواطن بشكل مباشر، بدءًا من الدخول المدرسي والجامعي 2025/2026، وصولًا إلى وضعية المشاريع التنموية الممولة بالقروض.
الدخول الاجتماعي: اختبار حقيقي للمنظومة التربوية والجامعية
يُعتبر الدخول المدرسي والجامعي واحدًا من أبرز التحديات السنوية، حيث لا يقتصر الأمر على استقبال التلاميذ والطلبة، بل يرتبط أساسًا بجاهزية الهياكل التربوية والمرافق الجامعية، تقرير مدير جامعة أحمد زبانة الدكتور أحمد بحري’ كشف عن جهود استقبال الطلبة الجدد، غير أن السؤال يبقى حول مدى قدرة الجامعة على مواجهة الضغط المتزايد على الإيواء والنقل والإطعام، أما مدير التربية السيد ‘ أحمد شقاليل’ فقد عرض خطة التحضيرات، لكن يبقى هاجس الاكتظاظ داخل الأقسام ونقص الأساتذة في بعض التخصصات من أبرز العراقيل التي يتخوف منها الأولياء،تقارير مديري التجهيزات العمومية والإدارة المحلية سلطت الضوء على عمليات التهيئة وإنجاز المؤسسات التعليمية، لكن تباطؤ بعض الورشات يثير القلق بشأن استلامها في آجالها المحددة. إذن، فإن الدخول الاجتماعي المقبل سيكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة السلطات المحلية على توفير ظروف تعليمية لائقة، خصوصًا في المناطق الريفية حيث تبرز نقائص النقل المدرسي والإطعام.
التقلبات الجوية: بين خطة الوقاية وواقع الميدان
مع اقتراب فصل الخريف، شكّل ملف التقلبات الجوية محورًا أساسيًا في الاجتماع، فقد قدّم مدير الري خطة عمل لمجابهة الفيضانات المحتملة وضمان حماية المنشآت، غير أن مثل هذه الخطط كثيرًا ما تصطدم بواقع ميداني هش، يتمثل في انسداد البالوعات، غياب الصيانة الدورية، وضعف شبكات صرف المياه في العديد من البلديات.
ومن ثَمَّ، فإن نجاح هذه الخطة يتطلب تعبئة فعلية للمصالح التقنية وتنسيقًا محكمًا مع البلديات، بدل الاكتفاء بتقارير نظرية.
النظافة وتحسين المحيط: حملات ظرفية أم إستراتيجية دائمة؟
ملف النظافة عاد بقوة على طاولة النقاش، حيث عرض مدير البيئة ورؤساء الدوائر حصيلة الحملات السابقة وخطة جديدة لتعزيزها. لكن المتابع للشأن المحلي يلاحظ أن هذه الحملات غالبًا ما تبقى ظرفية، ترتبط بمناسبات معينة، ولا تؤسس لثقافة بيئية دائمة. إن تحسين المحيط يتطلب تغييرًا في الذهنيات، إشراك المجتمع المدني والجمعيات، وتوفير إمكانيات دائمة للبلديات التي تعاني في معظمها من ضعف الموارد البشرية واللوجستية.
المشاريع التنموية: القروض بين الإنجاز والتعثر
من أبرز النقاط التي أثارت النقاش في الاجتماع، وضعية استهلاك القروض الموجهة للمشاريع التنموية ضمن مختلف البرامج (PEC، ADCEC، CSGCL). تقارير مديرية البرمجة ومتابعة الميزانية أظهرت أن بعض المشاريع تعرف تأخرًا في الاستهلاك والإنجاز، وهو ما يعكس عراقيل إدارية وتقنية في آن واحد، كما أن تأخر صرف الاعتمادات في بعض الحالات يُعرقل ديناميكية التنمية المحلية، ما ينعكس سلبًا على حياة المواطن الذي ينتظر مشاريع الماء، الطرقات، الصحة والسكن. هذا الواقع يطرح سؤالًا جوهريًا: هل المشكلة في نقص التمويل، أم في ضعف المتابعة وتراخي بعض المصالح في تنفيذ المشاريع؟
قراءة ختامية: الحاجة إلى مقاربة شاملة
من خلال هذا الاجتماع، يظهر أن السلطات الولائية تسعى لإعطاء دفع جديد لمسار التنمية المحلية، غير أن حجم التحديات يكشف أن المشكل لا يكمن فقط في رسم الخطط والتقارير، بل في التنفيذ الفعلي على الأرض. فالدخول الاجتماعي، ومجابهة التقلبات الجوية، وضمان النظافة، ومتابعة المشاريع التنموية، كلها ملفات مترابطة تستوجب صرامة أكبر في متابعة آجال الإنجاز، و تعبئة المجتمع المدني كشريك أساسي، و تنسيق محكم بين مختلف المديريات التنفيذية، و اعتماد مقاربة استباقية بدل رد الفعل.
إن نجاح هذه الإستراتيجية سيحدد في النهاية مدى قدرة ولاية غليزان على تحقيق نقلة نوعية في التنمية المحلية وتحسين حياة مواطنيها.
جيلالي.ب