
يعد التصنيع أحد أخطر المشاكل البيئية التي تواجه عالمنا اليوم، فعلى سبيل المثال تعتبر التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، وتلوث الأتربة والأنهار، والإستهلاك الكبير لموارد الغابات، وغيرها من الأخطار البيئية احدى الآثار التي يلعب التصنيع دورا أساسيا فيها.
ولحسن الحظ أننا وصلنا إلى نقطة فريدة وغير مسبوقة في تاريخ البشرية ، فنحن أمام حقبة جديدة تعرف بإسم الثورة الصناعية الرابعة، هذه الثورة خلقت لنا فرصة كبيرة لإعادة تشكيل الطريقة التي ندير بها بيئتنا اليوم، حيث يتم تسخير قدرات الرقمنة والتحولات المجتمعية من أجل حل المشاكل البيئية وخلق ثورة في مجال الإستدامة .وإدراكاً لهذه الفرصة الفريدة، أعلنت كلّ من مايكروسوفت وناشونال جيوغرافيك عن شراكة جديدة للمضي قدماً في الأبحاث التي تدور حول التحديات البيئية الكبيرة من خلال استخدام قوة الذكاء الاصطناعي، ولقد ساعد برنامج “منح الابتكار في الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض (AI for Earth Innovation Grant)، الذي تم إطلاقه حديثاً والبالغ تكلفته 1.2 مليون دولاراً ، بتقديم منحاً لـ 11 شخص من صانعي التغيير تتراوح ما بين 45,000 دولاراً و200,000 دولاراً، وذلك بهدف دعم مشاريعهم المبتكرة في مجالات الزراعة والمياه والتنوع البيولوجي وتغير المناخ. أحد الذين حصلوا على منحة الإبتكار في الذكاء الإصطناعي من أجل الأرض هو سولومون هسيانغ، حيث تركّزت أبحاثه على فهم تأثير تغير المناخ على هجرة البشر في إفريقيا، ولقد استعان سولومون بـ 1.6 مليون صورة جوية تاريخية جمعتها القوات الجوية الملكية البريطانية التي استخدمتها طائرات تجسس أثناء الحربين العالميتين من أجل مسح الدول التي كانت خاضعة للحكم البريطاني آن ذاك. ونتيجة لذلك تم التقاط ملايين الصور للمشهد الأرضي على مدار القرن الماضي في جميع أنحاء إفريقيا.
كما قرر سولومان وزملاؤه رقمنة هذه الصور وتطبيق أدوات التعلم الآلي وأدوات الذكاء الاصطناعي، من أجل إنشاء خرائط سكانية جديدة لأفريقيا بهدف فهم تأثير تغير المناخ على هجرة البشر عبر مرور الزمن. أحد الحاصلين أيضاً على منحة برنامج “الابتكار في الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض” هي الدكتورة ميرسي لونغاهو، وهي عالمة تغذية وعالمة أبحاث في المركز الدولي للزراعة الاستوائية، تستخدم ميرس الذكاء الاصناعي لإيجاد حلّ لسوء التغذية وهي أحد أكبر مشاكل أفريقيا المعاصرة ، حيث قامت ميرسي بتوظيف الذكاء الاصطناعي لدعم برنامجها التشخيصي “نظام الإنذار المبكر للتغذية”، حيث يقوم هذا البرنامج بالتنبؤ بأزمات التغذية قبل حدوثها، مع العلم قد دخل هذا النظام في مراحله الأولى، وسيتم إنشاؤه باستخدام منصة مايكروسوفت أزور .كيتي أدوتش وهي مستفيدة أخرى من المنحة، حيث تستخدم كيتي مهاراتها في علوم الكمبيوتر والجغرافيا، وتقوم بتطبيق التكنولوجيا في مواجهة التحديات البيئية. يركّز مشروعها على حديقة مورشيسون فولز الوطنية (Murchison Falls National Park) في أوغندا، ويسعى مشروع كيتي إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف وقياس التغيرات التي حدثت على سطح الأرض خلال العقد الماضي، لتسليط الضوء على دليل التحضر وتطور البنية التحتية، ويتم كل ذلك في محاولة من أجل دعم عمل الباحثين والعلماء وأخصائيي الحفاظ على البيئة في المنطقة. وتهدف مايكروسوفت بأن تصبح من كبار الداعمين للمنظمات الخيرية من خلال ما تقدمه من دعم مادي وتقني يساهم في تعزيز أداء عمل هذه المنظمات لتحقيق أكبر تأثير اجتماعي وبيئي ، أحد هذه المنظمات الخيرية التي تدعمها مايكروسوفت هي مؤسسة بيس باركس (Peace Parks Foundation)، وهي منظمة تهدف الى خلق علاقة بين الإنسان والمساحة البرية في إفريقيا على النحو الذي يتناغم فيه مع الطبيعة، حيث ينصب جانب كبير من عمل المنظمة على مكافحة الصيد الجائر في جنوب إفريقيا. وقد ساندت مايكروسوفت هذه المنظمة الخيرية من خلال إعطائها “منحة الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض” لتعزيز نظام المنتزهات الذكية في تلك المنظمة وتحسين عمليات الحماية من الصيد الجائر، حيث تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت عن طريق نشر شبكة من كاميرات المراقبة الذكية والتي تعمل بشكل آلي وتساعد على اكتشاف عمليات الصيد غير المشروع من خلال تحليل الصور الملتقطة.
ب. ريمة