الحدث

المُرافعة من أجل نظام عالمي مُتعدّد الأقطاب وأكثر عدلاً

مخرجات القمّة الإفريقيّة الرُّوسية

إختتمت قمة روسيا والدول الإفريقية الجمعة الماضي فيسانت بطرسبورغالتي جرت على مدار يومين (27-28 الشهر الجاري) حيث أكدت على أنه حان الوقت لتغيير النظام العالمي المهيمن الحالي بنظام عالمي يتوافق وطموحات الدول وشعوبها، ومن الضروري ان يكون متعدد الأقطاب حتى يتمكن من توفير المناخ لتعاون اقتصادي مكثف.

إن قراءة متأنية في الإعلان المشترك المصادق عليه إثر القمة التي شارك فيها ممثلوا 49 دولة إفريقية من بينهم 17 رئيس دولة  من القارة، أول ما يستوقفنا بحكم التحولات الإقليمية والجيوسياسية والتطورات التي يشهدها إقتصادات العالم، هو الضرورة الملحة لإنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب يكون أكثر عدلا متوازن ومستدام، حيث أعرب المشاركون في القمة عن رفضهم القاطع لأي مواجهات دولية قد تتعرض لها  القارة الإفريقية مستقبلا. كما أنّ إعلان “سانت بطرسبورغ” يؤكج الإتفاق والتوافق بين الدول الإفريقية وروسيا في مسألة التعاون المشترك والمكثف  في شتى مناحي التمويل الغدائي والطاقة والمساعدة من أجل التطور، إلى جانب العمل في مجلس الأمن الدولي قصد التخفيف ورفع العقوبات المفروضة على الدول الإفريقية، ناهيك عن التنسيق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مجال سياسة  العقوبات ضد الدول الإفريقية، لافتين إلى اتفاقهما بخصوص المطالبة بتعويضات عن  الأضرار الناجمة عن السياسة الاستعمارية، والعمل على إعادة الممتلكات الثقافية  “التي وقع نهبها خلال حقبة الإستعمار. من جهته، أكد الرئيس الروسي فلادمير بوتين، في كلمة أدلى بها في ختام القمة إلى هناك فعلا إرادة مشتركة لمكافحة الاستعمار الجديد، وأنّ القمة الإفريقية – الروسية ستعقد مستقبلا مرة كل ثلاث سنوات وعليه سيتم إنشاء آلية  شراكة وحوار من أجل القضايا الأمنية منها مكافحة الإرهاب والأمن الغدائي  والتغيرات المناخية .

إعتماد خطة عمل 2023-2026 لتعزيز التعاون في عدة مجالات

أشغال القمة الثانية “روسيا-إفريقيا” ومنتداها الاقتصادي والإنساني، توجت أيضا باعتماد خطة عمل للفترة 2023-2026، من بين أهدافها الجوهرية تعزيز التعاون في العديد من المجالات لتحقيق المنفعة المتبادلة، بحيث نقرأ في وثيقة خطة العمل المنبثقة عن هذه القمة، التي شارك فيها الوزير الأول، السيد أيمن بن عبد الرحمان، ممثلا لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أنه تم تصميمها “لتنفيذ تعاون متبادل المنفعة” بين روسيا والدول الإفريقية، من خلال تحديد الأولويات والتدابير اللازمة للاستفادة من إمكانات الشراكة في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وذلك بأخذ في عين الاعتبار أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي (إطار توجيهي لتوحيد إفريقيا وتجميع جهودها وثرواتها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة). حيث اتفقت روسيا والدول الإفريقية من خلال هذه الخطة على تعزيز الحوار والتعاون في مجموعة واسعة من المجالات، لاسيما السياسة والأمن، الاقتصاد والقضايا الإنسانية، قصد تحقيق المنفعة المتبادلة والازدهار. كما تؤكد الوثيقة على تطابق وجهة نظر روسيا وإفريقيا حول أهمية الحفاظ على “الدور المركزي للاتحاد الإفريقي في الهيكل الإقليمي، وهو أمر حاسم لتعزيز السلام والاستقرار والنمو الشامل في القارة الإفريقية. أما فيما يخص التعاون الاقتصادي، سيتم العمل على تحديد القطاعات الاقتصادية في روسيا والدول الإفريقية لتنفيذ تدابير دعم التجارة المتبادلة، مع وضع خطط عمل وخرائط طريق شاملة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري، وكذا توسيع التعاون بين غرف التجارة والصناعة ومجالس الأعمال الروسية الإفريقية. ومما جاء في الخطة أيضا، زيادة استخدام العملات الوطنية في التسويات المتبادلة بين روسيا والدول الإفريقية، مع تطوير العلاقات المصرفية بين البنوك. كما سيعمل الجانبان على تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع مشاركتها في المعارض وغيرها من الأحداث التجارية، مع النهوض بدور المرأة في الاقتصاد ودعم رائدات الأعمال. وسيتم العمل أيضا خلال هذه الفترة على تكثيف التعاون بين السلطات الضريبية الروسية والإفريقية وكذا الجمارك. وتم التأكيد على التعاون لوضع الأمن الغذائي العالمي على رأس جدول الأعمال المتعدد الأطراف والمساعدة في معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي في العديد من الدول النامية الأفريقية. أما في مجال الطاقة، ستعمل روسيا والدول الإفريقية على التعاون لتطوير وإنتاج واستخدام جميع مصادر الطاقة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والبديلة، الطاقة النووية المدنية والطاقة المائية.

تكثيف التعاون في مجال الصناعة ومكافحة زراعة المخدرات

قمة “سانت بطرسبورغ”، أكدت أيضا من خلال أمانة منتدى الشراكة الروسية الإفريقية بوزارة الخارجية الروسية باعتبارها المكلفة بتنسيق تنفيذ أحكام خطة العمل، على تنمية التعاون في مجال الصناعة واستخراج الموارد المعدنية والمعادن النادرة، مع تسهيل تنفيذ مشاريع لتحديث البنية التحتية الصناعية في الدول الإفريقية وتوسيع التعاون الصناعي في مجال التكنولوجيا العالية. ناهيك على تعزيز التعاون في قطاع النقل وتسهيل المفاوضات بين ممثلي شركات الطيران الروسية والإفريقية لتوسيع الخدمات المباشرة للمسافرين. وفي مجال الصحة، سيتم تعزيز الحوار بين الوكالات ذات الصلة المسؤولة عن الصحة العامة، والوقاية من الأمراض المعدية، مع تبادل الخبرات وتطوير اللقاحات لتعزيز التأهب لمواجهة الأوبئة والاستجابة لها. في سياق متصل، نصت الوثيقة على تعزيز التعاون في مجال حماية البيئة، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، البحوث العلمية والتكنولوجية، التربية، الثقافة، الإعلام والرياضة. أما بالنسبة للتعاون السياسي والأمني، فسيكون هناك تفاعل رفيع المستوى وتشجيع الحوار البناء داخل الآليات الروسية-الإفريقية القائمة في مختلف المستويات بشأن مجموعة واسعة من القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك. وسيتم العمل أيضا على توسيع الإطار القانوني للتعاون بين روسيا والمنظمات الإقليمية الرائدة في إفريقيا على غرار اتحاد المغرب العربي، مع تكثيف التعاون البرلماني وتطوير التعاون بين الأحزاب السياسية. كما تم الإشارة إلى أهمية التعاون أيضا خلال الفترة الممتدة إلى غاية 2026، في القضايا المتعلقة بزيادة تسهيل شروط السفر لمواطني روسيا والدول الإفريقية. وفي نفس الإطار، سيتم تطوير الاتصالات بين الممثلين رفيعي المستوى لقضايا الأمن، بهدف تبادل المعلومات والخبرات الأمنية الدولية، مع مواصلة التعاون العملي في مكافحة زراعة المخدرات وإنتاجها وتصنيعها والاتجار بها، وكذا الجرائم المتصلة بها، مع التعاون على منع إساءة استخدام المنظمات الخيرية وغير الربحية في عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

محمد الأمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى