
قدم المشاركون في الملتقى الوطني حول الإعلام وتعزيز الجبهة الداخلية في ظل التحديات الراهنة، الذي اختتمت أشغاله أول أمس السبت بقاعة المحاضرات لجامعة ابن خلدون بتيارت، جملة من التوصيات تتمحور إلى تحويل هذا الموعد العلمي إلى ملتقى دولي يفتح المجال لتبادل التجارب والخبرات بين الإعلاميين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم.
وأعدت لجنة من دكاترة جامعيين ورئيسة المكتب الولائي للاتحاد الولائي للصحفيين والإعلاميين الجزائريين، توصيات هذا الحدث المقام تحت إشراف والي ولاية تيارت تحت شعار “حول الإعلام وتعزيز الجبهة الداخلية في التحديات الراهنة“.
وأكد المشاركون في توصياتهم على دعم الإعلام الوطني ومرافقته في أداء دوره التوعوي والوطني، من أبرزها ضرورة إدراج الأمن السيبراني ضمن البرامج التعليمية، وإنشاء هيئات إعلامية خاصة بالأرشيف على مستوى ولاية تيارت، إلى جانب اقتراح دورات تكوينية لفائدة الصحفيين والناشطين في المجتمع المدني، لمواكبة التحولات الرقمية والتكنولوجية المتسارعة.
كما شدد المشاركون على أهمية إعداد استراتيجيات متكاملة لحماية الجبهة الداخلية، تنطلق من ترقية الهوية الوطنية، وتعزيز التنمية المحلية، وتحقيق التماسك المجتمعي، مع ضرورة إشراك مختلف الفاعلين من قطاعات التعليم والإعلام والمجتمع المدني في صياغة الحلول العملية، وتوفير الإمكانيات اللازمة لإنجاح هذه المساعي.
وفي ذات السياق، أوصت لجنة التوصيات بضرورة تطوير البرامج التدريبية لفائدة القضاة وضباط الأمن في مجال التحقيق الجنائي الرقمي، وتحديث الترسانة التشريعية لمواكبة التهديدات السيبرانية، إلى جانب تعزيز الاتفاقيات الدولية الثنائية ومتعددة الأطراف من أجل التصدي للجرائم العابرة للحدود، مع تكثيف حملات التحسيس والوقاية لتعزيز الوعي المجتمعي بخطورة هذه التحديات.
ومن أبرز المداخلات، التي سلط فيها البروفيسور الدكتور “عبد القادر بوراس”، أستاذ القانون الجنائي بجامعة “ابن خلدون” ومحام معتمد لدى المحكمة العليا، الضوء على الحماية القانونية التي وفرها المشرع الجزائري للوحدة الوطنية، معتبرا أن الدستور يشكل درعا صلبا ضد كل محاولات المساس بالجبهة الداخلية، وأن المنظومة القانونية لا سيما في شقها الجزائي تتضمن آليات صارمة تجرم أفعال التمييز وخطاب الكراهية وكل ما يهدد التماسك الوطني، ودعا إلى تفعيل هذه القوانين ضمن سياسة وقائية وردعية في آن واحد لحماية المجتمع من خطاب الفتنة والفكر المتطرف.
فيما أكد والي ولاية تيارت السيد “سعيد خليل”، أن الدولة تولي أهمية كبيرة للإعلام، معتبرا إياه رافعة أساسية للحكم الراشد، وأداة فعالة في مرافقة التحولات التي تعرفها البلاد، وأضاف أن المرحلة الراهنة تستوجب من الجميع العمل الجماعي لوضع تصور وطني يجعل من الإعلام أداة للتماسك لا وسيلة للتفرقة، وأداة للوعي لا أداة للتضليل.
أما رئيس الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين، “مصباح قادري” الذي بدوره اعتبر أن هذا اللقاء يشكل فرصة ثمينة لبحث سبل تطوير الخطاب الإعلامي، وجعله أكثر ارتباطا بقضايا المجتمع وهموم المواطن، مشيرا إلى أهمية إشراك الأكاديميين والخبراء في صياغة مضامين إعلامية بناءة تخدم المصلحة الوطنية.
وقد تضمن برنامج الملتقى زيارة إلى معرض توعوي نظم ببهو مجمع الكليات، إلى جانب سلسلة من المداخلات العلمية، كما تم عرض المشروع المجتمعي الذي حازت به جمعية “الأمير عبد القادر” على الجائزة الأولى في أولمبياد اللغة الإنجليزية بالأردن، وهو المشروع الذي حظي بإشادة واسعة من الحضور.
وقد حضر هذا الحدث الهام وجوه بارزة من مختلف القطاعات، على رأسهم عضو مجلس الأمة والنائب البرلماني، بالإضافة إلى السلطات المدنية والأمنية والقضائية، والأسرة الثورية، ورئيس جامعة ابن خلدون، وأساتذة جامعيون، وممثلون عن المجتمع المدني، وكذا أعضاء من المجلس الأعلى للشباب.
وفي ختام أشغال الملتقى، تم تكريم عدد من الفاعلين المشاركين، من أساتذة جامعيين وخبراء وممثلي هيئات ومنظمات، عرفانا بإسهاماتهم في إنجاح هذا الحدث الذي شكل خطوة أولى نحو بناء تصور وطني متكامل لدور الإعلام في حماية الوطن وتعزيز وحدته الداخلية.
ج.غزالي