
جددت الجزائر رفضها لأي تدخل أجنبي من شأنه الإخلال بالنقاشات والحوارات الداخلية الليبية، لإيجاد حل نهائي للقضية الليبية، التي مازالت تراوح مكانها منذ 2011 إلى اليوم، داعية إلى فتح المجال أمام الليبيين للنقاش والتحاور بينهم دون ضغط أو تدخل أجنبي، وهم قادرين على إيجاد الحل، لاسيما وأن فياضات “درنة” كشفت المعدن الأصيل للشعب الليبي، الذي استجاب للفزعة وتوحد في مواجهتها، مبينا أن الانتماءات العشائرية لن تعيق تحقيق اللحمة الوطنية.
وخلال كلمة ألقاها “نذير العرباوي” الوزير الأول بصفته ممثلا ل”عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية”، في أشغال اجتماع رؤساء الدول الأعضاء في اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول ليبيا، بالعاصمة الكونغولية “برازافيل”، دعا رئيس الجمهورية إلى ضرورة العمل على إخراج الميلشيات وقوات المرتزقة، وكل القوات العسكرية الأجنبية مهما كانت مسمياتها، والتي مازالت تمرح في الأراضي الليبية. مضيفا أنه لا حل للقضية الليبية خارج منظور “ليبي، ليبي”، دون تدخل أي طرف أجنبي بين الأشقاء الليبيين، لأنهم أدرى بما يناسبهم من حلول لإعادة بناء ليبيا، مشيرا إلى أن الأزمة الليبية تستمر، وتبقى ماثلة أمامنا بتداعياتها وتعقيداتها المختلفة، جراء التدخلات الخارجية وسياسة الاستقطاب بين القوى الوطنية والأجنبية. وفي السياق ذاته، وجه رئيس الجمهورية دعوة إلى الشعب الليبي للتوحد والتفاهم، عبر لمّ الشمل وتغليب المصلحة العليا لبلادهم والتطلع إلى بناء ليبيا آمنة ومستقرة، بغرض تحديد مستقبله وتجاوز الانسداد الحالي، عبر إعادة بناء المؤسسات الليبية، وتكريس حقه في اختيار ممثليه واستعادة الأمن والاستقرار. في الوقت الذي دعا فيه الأطراف الخارجية، المعنية بالشأن الليبي للالتفاف حول هذا المسار البناء واحترام سيادة ليبيا، مؤكدا أن الحل النهائي لن يتأتى إلا عبر مسار يكرّس السيادة الوطنية ويتولى الأشقاء الليبيين زمام أمورهم. كما أكد “تبون” أن الجزائر تدعم مشروع المصالحة، ولن تدخر أي جهد من أجل المساهمة الفعالة في إنجاح هذا المسعى التصالحي. مشيراً إلى أن الجزائر تدعم كل الجهود الليبية والأطراف المعنية في سبيل تحقيق الأمن والسلم في ليبيا والمضي نحو إجراء انتخابات ومصالحة وطنية ليبية-ليبية، باعتبارها الضامن الوحيد لإشكالية الشرعية في ليبيا.
… الجزائر ترمي بكل ثقلها لحلحلة الأزمة الليبية
وفيما يتعلق بدور الجزائر في الملف الليبي، فإن الجزائر تعطي أهمية خاصة للشقيقة ليبيا، باعتبارها تقاسمها الحدود ونفس الجغرافيا، وما يجمعهما أكثر مما يفرقهما، لاسيما وأن البلدين يشهدان علاقات أخوية جيدة ومتينة.
وفي هذا المسعى، الجزائر تولي أهمية كبيرة لنجاح قمة “برازافيل حول ليبيا”، لاسيما وأنها تعقد أسابيع قبل تنظيم المؤتمر الجامع، المزمع عقده في 28 أفريل المقبل بمدينة “سرت” الليبية. وكان “أحمد عطاف” وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج قد حامل رسالة خطية من رئيس الجمهورية، “عبد المجيد تبون”، إلى أخيه رئيس المجلس الرئاسي لدولة ليبيا الشقيقة، “محمد يونس المنفي”، بالعاصمة الليبية طرابلس. في زيارة تعكس حرص رئيس الجمهورية على تعزيز أواصر الأخوة والتضامن والتعاون بين الجزائر وليبيا الحفاظ على تقاليد التشاور والتنسيق وتكثيفها، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين واستقرار المنطقة وجوارها الإقليمي، خاصة وأن رئيس الجمهورية يعمل على حلحلة الأزمة الليبية، منذ أصبح توليه قيادة الجزائر، عبر الدعوة إلى تغليب لغة الحوار والمصالحة بين كافة مكونات الشعب الليبي، ورفض التدخلات الأجنبية التي تفاقم الأزمات والتأكيد على ضرورة الحفاظ على سيادة البلاد ووحدته الترابية. وكانت الجزائر، قد أوفدت “أحمد عطاف” وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، محملا برسالة إلى “محمد المنفي” رئيس المجلس الرئاسي الليبي، قبيل قمة “برازافيل”، معلنة استعدادها الكامل موقع عضويتها بمجلس الأمن، للتدخل لصالح ليبيا ومساعدتها على حل قضيتها، مؤكدة أنها لن تدخر جهدا لتقديم الدعم للشعب الليبي، الذي تجمعه علاقات خاصة بشقيقه الجزائري، لافتة إلى أوصر الأخوة والمحبة التي رسختها العادات والتقاليد والتاريخ والجغرافيا والحدود المشتركة.
ومن جهته، وفي إطار “حلول إفريقية للمشاكل الافريقية” و”استقرار إفريقيا من استقرار ليبيا”، يقود الاتحاد الافريقي جهودا حثيثة لإيجاد أرضية توافقية تفضي إلى مصالحة شاملة تضع حدا لسنوات من الانسداد السياسي، من خلال تنظيم الاستحقاقات الانتخابية، التي كانت مقررة شهر ديسمبر 2021، قبل إرجائها إلى أجل غير معلوم بسبب خلافات حول بعض المسائل.
يذكر أن الجزائر، سبق واحتضنت اجتماعا لوزراء خارجية دول الجوار الليبي (الجزائر، تونس، مصر، تشاد، السودان والنيجر) في 2021، من أجل تنسيق وتشاور بين هذه البلدان والفاعلين الدوليين، من أجل مرافقة الليبيين في إعادة تفعيل مسار التسوية السياسية اللازمة، عبر الحوار الشامل بين مختلف الأطراف الليبية.
سليمة. ق