الحدث

المحليات تُسقط تشكيلات سياسية من غربالها

تحديات جديدة للأحزاب

مع اقتراب الانتخابات المحلية المزمع إجراءها في نوفمبر المقبل، يرى مراقبون أن هذا الموعد سيكون الحلقة الأخيرة بمسار تجديد وإقامة مؤسسات “الجمهورية الجديدة”، بعد الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات البرلمانية التي جرت شهر جوان الماضي.

وإلى وقت قريب رافقت أحزاب جزائرية الاستحقاقات الوطنية، وأرادت إلا أن تعتلي سدّة النتائج في مختلف الانتخابات، ورغم الانتقادات التي كانت توجّه إليها إلا أنها سمحت للأحزاب القريبة من السلطة وحتى تلك التي تلعب أدوارا لها من وسط المعارضة أن تغرق عديد المقاعد في جميع المجالس الشعبية المنتخبة و بالتالي مغانم سياسية.

وأكثر من ذلك تطاحنت أحزاب كبيرة من أجل الوصول إلى البرلمان، خاصة أن الاستحقاق المبكر أوصد الباب أمام عشرين سنة من انتخابات غير نزيهة وحياة نيابية أدارت ظهرها للطبقة الشعبية وتأججت الصراعات السياسيوية داخلها، كما أن الاستحقاق الأخير بنتائجه سعّر عملية ترؤس البرلمان ولحسن الحظ لم يفرز أغلبية باسم حزب واحد – وذهب الكرسي إلى منتخب مستقل-، ولكن في الكواليس الأغلبية موجودة من خلال التحالف الواقع بين تشكيلات سياسية هي عين السلطة في البرلمان.

ووصل ذات التطاحن إلى وضع الذباب الالكتروني على الطريق فعرّت أطراف مضمون ونقائص أحزاب هي في الحقيقة منافسة لها، فاشتعلت منصات التواصل الاجتماعي وأثرت على سير الانتخابات ونتائجها، فإذا كانت كل هذه الظروف قد صنعتها وسيّرتها أحزاب كبيرة واستفادت منها، فهل يعقل أن تغيب ذات الأحزاب أو جزء منها عن الانتخابات المحلية، والأدهى من ذلك  أن  تفلت من بين يديها مجالس شعبية بلدية وولائية في كبريات الولايات على غرار وهران  وقسنطينة، وإن كانت مغامرة الجري وراء جمع التوقيعات وعدم القدرة على الوصول إلى النصاب القانوني وذلك ما طرحه تشكيل يضم 14 حزبا على السلطة الوطنية المستقلة هي العائق الوحيد، فإن أحزابا من التشكيلات السياسية  ظلت تؤكد أن الأمر غير مطروح لديها وبإمكانها تحقيق الفائض وتكفيها قاعدتها النضالية لتحقيق الغرض، فلماذا غابت عن المحليات ونحن نعرف ما تمثله المجالس الشعبية المحلية من أهمية لدى الأحزاب التي تمرّست في التسيير المحلي، على غرار حزب جبهة التحرير، وقد  تأكد عدم قدرته على جمع التوقيعات وتسعى أطراف من دخله إلى تمديد آجال إيداع التوقيعات ليتدارك ما فات.

ومعلوم أن التمديد بيد السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تشتغل وفق نصوص قانونية ينظمها القانون العضوي  للانتخابات المستمد من مواد الدستور، علما أن الأحزاب التي ترى نفسها كبيرة كانت قد تقدمت إلى ذات السلطة  قبيل الانتخابات التشريعية  بطلب إعفائها من جمع التوقيعات  وطالبت الأحزاب الصغيرة بتقليص العدد وتحديد الولايات، كما أن الأفلان خسر 400 بلدية في التشريعيات الماضية رغم النتائج المقبولة التي حققها و التي جاءت مخالفة للتوقعات التي راهنت على سقوطه.

السقوط بمنطق الأرقام والتأمل الموضوعي لما هو معروض من معطيات  يبدو جليا،  فعدم المشاركة في المحليات والفوز بها أو تحقيق نتائج تحفظ ماء الوجه يطرح سؤالا يهزّ عرش هذا الحزب في البرلمان و هو الحزب الذي حلّ أولا في انتخابات جوان وسعى إلى ترؤس البرلمان، غير أن الأنانية السياسية الموجودة بينه وبين حلفائه على غرار حركة مجتمع السلم  طيّرت منهما الرئاسة لصالح المستقلين.

ق.ح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى