
الكاتبة “موساوي إيمان” من ولاية جيجل ، روائية وكاتبة قصص قصيرة وقصص أطفال، لها رواية جديدة بعنوان “لعنة مملكة كالدارا” فانتازيا بامتياز لمحبي الخيال والمغامرة لدار نشر “ثينهينان”، ورواية أخرى قيد الإنجاز بعنوان العبور وأعمال ادبية كثيرة.
حاورتها جريدة البديل للتعرف عليها عن قرب وتستذكر لنا مشوارها الادبي وتدخلنا عبر بوابتها الزمنية الى عالم الادب والفن.
كيف بدأتِ في عالم الكتابة؟
بدأت رحلتي في عالم الكتابة عندما كنت صغيرة، كنت أهرب إلى دفاتري لأدوّن كل ما أشعر به، كل ما أتخيله، وكل ما لا أستطيع قوله بصوت عالٍ. مع الوقت، تحوّلت هذه الخربشات إلى قصص، ثم إلى عوالم كاملة أعيش فيها وأدعوا الآخرين لزيارتها.
من شجعك أو ألهمك لتصبحي كاتبة؟
سأقول إن الشغف بالكلمات والكتب التي قرأتها في طفولتي، وكذلك والدي،شجعاني كثيرا وآمنا بموهبتي.
ما هي أعمالك المنشورة حتى الآن؟
لدي روايتين بعنوان “لعنة مملكة كالدارا”، فانتازيا بامتياز لمحبي الخيال والمغامرة لدار نشر ثينهينان ورواية “العبور” عمل أدبي متكامل يجمع بين الفانتازيا النفسية والرمزية الفلسفية بأسلوب سردي شاعري ورشيق لنفس دار النشر، وإنه في مرحلة الإعداد حاليا.
لدي كذلك أعمال ورقية جامعة أذكر منها: قصاصات عابرة الجزء الثاني والثالث بخاطرتين على التوالي لدار نشر مصرية دار “المنتدى للنشر والتوزيع.”
وكان وعدا مفعولا بخاطرة “المرأة الغزية” لدار نشر “الأنيس”. وهناك كتب يتم إنشاؤها حاليا لمعرض سيلا الدولي 2025 القادم إن شاء الله.
أما الكتب الإلكترونية فعديدة أذكر منها: (خريف عاصف، مرافئ الأفكار، رسائل إلى فلسطين، حين تتحدث الأرواح وأمل لا يموت).أما المجلات (مجلة أريس الثقافية،مجلة مداد الروح،مجلة أقلام مبدعة،مجلة كتابات ادبية وغيرها…
حدثينا عن آخر كتاب/رواية لكِ: الفكرة، الرسالة والفئة المستهدفة.
آخر رواية لي هي رواية العبور،العبور” ليست مغامرة بالمعنى التقليدي، بل دعوة للسفر إلى الداخل، لاكتشاف الذات، مواجهة الجراح، والشفاء منها.
إن “العبور” الحقيقي لا يكون إلا عبر مرآة النفس، وكل تجربة فيها جواب غير منطوق ينتظر أن يُفهم، رواية “العبور” عمل ناضج فكريًا، يصلح أن يُدرّس كمثال على:كتابة الفانتازيا النفسية المعاصرة،كيفيّة تجسيد الفلسفة عبر تجربة رمزية واستخدام السرد في تحليل الشخصية دون وعظ مباشر.
الفئة المستهدفةالقراء اليافعين والشباب (Young Adults)وتحديدا من الفئة العمرية بين 16 و30 سنة، والمهتمين بـ:الروايات الفانتازية النفسية، قصص المغامرات المشوّقة ذات الطابع الرمزي والروحي.
الاستكشافات الذاتية وتحديات الهوية والنضج الشخصي،لماذا؟
لأن الرواية تدور حول سبعة أصدقاء جامعيين، أي أن أبطالها من فئة الشباب، وهو ما يجذب القُرّاء من نفس الفئة.
تتناول قضايا الهوية، الخوف، الغرور، الهروب من الذات، الصداقة، النضج النفسي، وكلها مواضيع ترتبط بتحولات مرحلة الشباب.
تحتوي على رمزية عالية وعناصر سحرية (كالمرايا، العوالم الداخلية، المفتاح، الكتاب الأبيض…)، وهو أسلوب شائع في أدب الشباب.
لا تحتوي على مشاهد عنف دموية أو رومانسية جريئة، مما يجعلها مناسبة أيضًا لليافعين والمراهقين الناضجين (ابتداءً من 15 سنة تقريبًا).
وقد تهم كذلك القراء الناضجين الذين يستمتعون بالروايات التي تجمع بين الغموض، الفلسفة والرمزية النفسية.
المهتمين بعلم النفس، علم الطاقة، التحليل الرمزي، والروحانيات، بحكم ما تحمله كل تجربة من أبعاد تأملية داخلية.
ما الذي يميز أسلوبك عن غيرك من الكُتاب؟
أكتب بشغف الإنسان الباحث عن النور في العتمة، أحب أن أنسج عالمي من التفاصيل الصغيرة، من نبضات القلب المترددة، ومن اللحظات التي لا تُقال لكنها تُشعَر.
أسلوبي يميل إلى الدراما الهادئة، التي تلامس الروح دون ضجيج، ويجمع بين الخيال والواقعية العاطفية، حيث يعيش القارئ بين العوالم السحرية والمواقف الإنسانية الصادقة.
أمنح شخصياتي حرية الضعف والقوة، وأمنح القارئ فرصة أن يرى نفسه في كل منعطف من الحكاية، أُراهن دائمًا على القوة الصامتة للكلمات، على الإيحاء أكثر من التصريح، وعلى الغموض حين يكون الصدق أكثر ما يُقال دون أن يُقال.
ما سر اختيارك لدار “تينهينان” لنشر أعمالك الفردية؟
لأن الحلم في بداياته هشّ، يحتاج إلى يدٍ لا تمسك به فقط، بل تضمّه بحنان. وجدتُ تلك اليد في دار “ثينهينان”.
لم تكن مجرد دار نشر، بل حضنًا دافئًا لفكرة خجولة، لصوت كان يتلمّس طريقه وسط الضجيج. آمنت بي حين كنت ما زلت أتعلم كيف أؤمن بنفسي. لم تجعلني أنتظر في الظل، بل فتحت لي بابًا نحو النور، ومشت إلى جواري خطوة بخطوة، برفق، احتراف وصدق.
في زمن بات فيه النشر أشبه بسوق صامت، حيث تُباع الأحلام وتُنسى، اختارت “ثينهينان” أن تكون النُّور، أن ترى الكاتب لا كمجرد نصّ، بل كإنسان، تدعمه، تنصت إليه، تصقل صوته، وتذكّره بأن له مكانًا وأن كلماته تستحق أن تُقرأ.
“ثينهينان” ليست مجرد اسم، بل رسالة خفية تنادي كل كاتبٍ يتساءل إن كان لصوته مكان: نعم، لك مكان. نعم، يُمكنك أن تزهر.
كيف ترين تفاعل القراء مع أعمالك؟
أرى تفاعل القراء مع أعمالي كأحد أهم مصادر الإلهام والدعم، أفرح كثيرًا عندما تصلني رسائل من قرّاء تأثروا بشخصية معينة أو وجدوا أنفسهم في حدث روائي كتبته بصدق، النقد البنّاء أيضًا له دور كبير في تطوير أسلوبي، وأحرص دائمًا على الاستماع لآراء جمهوري وملاحظاتهم، لأظل قريبة منهم وأقدم لهم ما يمسّ قلوبهم.
هل هناك كُتاب أو أعمال أثرت فيك؟
نعم بالتأكيد،أعمال “أچاثا كريستي” دائما ما سحرتني،كتابات كل من “طه حسين” (الأيام) و”هيكل” (زينب) كذلك.
لمن تكتبين؟
أكتبُ لمن لا يزال في قلبه متّسعٌ للدهشة، ولمن يُخبّئ في أعماقه طفلاً لم يكبر…
أكتبُ بعيونٍ تحنو على الأطفال، أرسم لهم عوالم من نور وظلال، ألوّنها بخيالٍ طري، وأنسج من الحكايات جسورًا تمتد نحو الأمل. أغرس في أرواحهم بذور القيم، وأهمس لهم بأن العالم – رغم كل شيء – ما زال جميلاً، ما دام فينا قلب يُحب.
وأكتب للكبار بقلمٍ دافئ ككفّ أم، يُوقظ في أرواحهم الشغف حين يخبو، ويُنصت برفقٍ لذكرياتهم النائمة. أمنحهم لحظة سكون، ينظرون فيها إلى دواخلهم كما لو أنهم يطلّون من نافذة على وطنٍ نسيَهم.
كتابتي مزيجٌ من الحلم واليقظة، من الحنين والتمرّد، من الحزن النبيل والرجاء الذي لا يخبو.
كلماتي تنبع من قلب لا يعرف الزيف، ومن إيمان عميق بأن الحرف قد يبدّل المصير، قد يداوي، قد يُنقذ.
لا أكتبُ لأُبهر، بل لأبقى. لا لأُدهش، بل لألمس.
وكلماتي لا تطرق الأبواب، بل تنتظر أن تُفتح لها.
أما طموحاتي…
فهي لا تقف عند حدود الورق والحبر؛ بل تمتد كضوءٍ خافت يعلو في سماء الأدب، يحلم أن يضيء شيئًا في درب أحدهم.
أحلم أن أخلق عوالم تتنفس، يجد فيها القارئ نفسه ضائعًا… ومُكتشفًا في آنٍ معًا.
أرجو أن تحمل كلماتي عزاءً للوحيد، ودفئًا للتائه، وشرارةً صغيرة تُشعل رغبة في التغيير،أطمح أن تكون كتابتي مرآةً لهويتي، وجسرًا يصل بين جذوري وأجنحتي، يقدّم صورة مشرقة عن بلدي، تُحكى بأسلوب راقٍ، نابض بالحياة.
أحلم أن تتحوّل بعض حكاياتي إلى أفلام أو مسرحيات، تنقل المشاعر من بين السطور إلى نبض الصورة والصوت.لكن أجمل الحُلُم… أن تقرأني طفلة ذات مساء، وتبتسم لأنها شعرت بي أفهمها. لأنها رأت في كلماتي حلمًا يشبهها… وصدّقته.
كلمة أخيرة لجمهورك
أُؤمن أن الموهبة، مهما عظُمت، تظلُّ شُعلةً خافتة ما لم يُغذِّها الشغف، ويُحيط بها الإصرار، وحدها هذه العناصر الثلاثة، حين تتآزر، تصنع من المرء قوة لا يُستهان بها.
لم تكن اهتماماتي يومًا مجرّد هوايات عابرة، بل كانت نوافذ أُطلُّ منها على ذاتي، وجسورًا أعبر بها نحو عوالم أصوغها بإحساسي، وأحلامًا أنسج بها فرقًا، مهما بدا صغيرًا، في هذا العالم الواسع.
ورغم أن الطريق لم يكن يومًا مستقيمًا، إلا أنني ماضية فيه بثبات، لأنني أعلم، في أعماقي، أن لكل موهبة تسكنني رسالة، ولكل شغفٍ هدَف، وأنا هنا لأمنح كليهما صوتًا لا يخبو.
وإن كنتَ كاتبًا في مستهلّ الطريق، أو فنانًا يحبو في دروب الإبداع، فلتسمعني بقلبك: آمِن بذاتك. لا تنتظر من يمنحك الإذن كي تخلق، ولا تخشَ البدايات المتواضعة.
كل فكرة تحمل في رحمها بذرة عظَمتها، وكل محاولة، مهما بدت بسيطة، هي خطوة تُقرّبك من ذاتك الحقيقية،ثِق بصوتك، فإن لهذا العالم آذانًا تنتظر أن تسمعه.
وفي هذا المقام، لا يسعني إلا أن أُجاهر بامتناني العميق لدار نشر “تينهينان”، التي رأت نور كلمتي قبل أن يصل إلى عيون القرّاء، واحتضنت صوتي كما هو، دون تكلّف أو قيد.
لقد كان دعمهم محطة مفصلية في رحلتي، وستظلُّ ذكراهم محفورة في قلبي بكل امتنان.
حاورها: ياسين قطاوي