
“زين الدين بونجار”، مهندس دولة في الإحصاء والتخطيط، وخبير في مراقبة التسيير، يجمع بين خبراته الأكاديمية المتقدمة وتجربته العملية الواسعة في مجالات متعددة، مثل بناء الهياكل المعدنية، التنقيب عن المحروقات، النقل البحري، العزل الحراري، وغيرها. بالإضافة إلى خبراته العملية، يعمل حاليا على إتمام شهادة ليسانس في الحقوق الخاص، وهو مؤلف كتاب إيناس للأطفال المنشور بمصر، وكتاب آخر بالفرنسية في مرحلة الطباعة سيصدر قريباً في فرنسا.
يشغل “بونجار” حاليا منصب مسير شركة مغرب دستريب المتخصصة في توزيع المواد الغذائية، ويغطي نشاطها كل من محلات بيع المواد الغذائية والفنادق والمطاعم والمقاهي. وتأتي تجربته الواسعة كمراقب للتسيير والتخطيط لتشكل قاعدة معرفية قوية تؤهله لإدارة الشركات الحديثة بأسلوب علمي وتحليلي.
إدارة الفريق والقيادة: التمكين والتحفيز
يشدد “بونجار” على أن إدارة فريق عمل ناجح، تعتمد أساساً على فهم بيئة العمل واستغلال الموارد البشرية بأفضل شكل من خلال التدريب والتحفيز والتفويض والدعم واختيار الأشخاص الأكفاء. ويؤكد أن نجاح الشركة هو ثمرة جهود كل فرد للوصول إلى الأهداف المسطرة.
ويضيف أن القائد الفعّال هو من يستطيع تحقيق التوازن بين احتياجات العمل واحتياجات فريقه، باستخدام الذكاء العاطفي وتمكين الآخرين من اتخاذ القرار دون ضغط أو إفراط. ويستند في ذلك إلى تجربته الأولى مع مديره السابق، الذي غرسته قناعة صناعة القائد من خلال نقل الخبرة والتكوين للأجيال القادمة، وهو مبدأ يحرص “بونجار” على تطبيقه اليوم في فرق عمله.
التنافس والجودة: البيئة الداخلية والخارجية
يصف “بونجار” المنافسة بأنها البيئة الخارجية لكل مؤسسة، وتنقسم إلى جانبين: داخلي، يتمثل في المنافسة على جودة الخدمات ورضا الزبائن، وخارجي، يتمثل في دراسة سياسات المنافسين وإيجاد حلول استباقية تحمي وجود الشركة في السوق. ويؤكد أن التنافس اليوم أصبح معلوماتيًا، حيث أصبحت البيانات والمعلومات “أكسجين العصر الحديث”.
كما يرى أن الجودة ليست مجرد الحفاظ على المعايير، بل ملاءمتها لمتطلبات السوق والعصر الحديث من خلال التطوير المستمر. ويشير إلى أن لكل سوق خصائصه الخاصة، تستند إلى دراسة سلوك المستهلك والفئة المستهدفة والاحتياجات والقدرة الشرائية، وهو ما يدفع الشركات لتكييف منتجاتها وخدماتها بشكل دائم.
مبدأ الربح المشترك والبدايات في المقاولاتية
نظرا لطبيعة النشاط التجاري، تعتمد شركة “بونجار” على مبدأ رابح-رابح، الذي يضمن تحفيز العمال وزيادة المبيعات، مع التأكيد على أن المكافآت تُمنح من هامش الربح الصافي، مما يحفز الموظفين على تحسين الأداء وتقليل الأعباء.
وعن بداية أي مشروع، يشبه “بونجار” ريادة الأعمال بسباق الألف متر: الخطوة الأولى تحتاج إلى العلم والتكوين، والاستعداد لمواجهة الفشل والتعلم من التجارب السابقة، مؤكدا أن الاستثمار الأول يجب أن يكون في المعرفة لضمان النجاح المستقبلي.
التسيير واتخاذ القرار وكذا الكتابة والإدارة
يشير “بونجار” إلى أن التسيير يعني القدرة على الاستشراف ورسم رؤية واضحة للشركة منذ البداية، مع التركيز على تطوير الجودة لتلبية متطلبات السوق. ويؤكد أن تحليل البيانات هو حجر الزاوية في إدارة المؤسسات الحديثة.
ويتخصص “بونجار” في استخدام الإحصاء ونماذج اتخاذ القرار لحساب مؤشرات الأداء الرئيسية (KPI)، التي تسمح بقياس فعالية الموارد وتحقيق الأهداف. وتشمل هذه المؤشرات المالية، دوران المخزون، رضا الزبائن، أداء الموردين، عدد زيارات نقاط البيع، ووقت التوزيع لضمان جودة الخدمة. كما يعتمد على التنبؤ الاقتصادي وتحليل بيانات السوق مثل الناتج المحلي الإجمالي ومؤشر أسعار المستهلك لتحديد مستويات المخزون والإنتاج والمشتريات، بما يوازن بين العرض والطلب وسلوك المستهلك.
إلى جانب عمله الإداري، يؤكد “بونجار” حبه للشعر باللغة العربية وممارسته الكتابة باللغات الأخرى، ويرى أن التأليف هو تقديم منتج معرفي أو أدبي. العلاقة بين الإدارة والكتابة تظهر في تقديم الأفضل في العمل، إذ أن المدير الكاتب يسعى دائماً لتقديم نتيجة إيجابية سواء كانت فكرة، علماً، أو أدباً.
ويضيف أن الكتابة ليست مجرد توثيق، بل نقل تجربة ناجحة أو تجنب تجربة فاشلة، ونشر الوعي العلمي والعملي من جيل إلى جيل، لتكون بمثابة بصمة حقيقية على طريق تطوير المجتمع.
تجمع تجربة “زين الدين بونجار” بين الإدارة التقليدية، التحليل الإحصائي، التخطيط الاستراتيجي، والتمكين البشري، مع مراعاة التنافسية الحديثة والاعتماد على المعلومات لاتخاذ القرارات. رؤيته تؤكد أن نجاح الشركات اليوم يعتمد على القدرة على استخدام البيانات بذكاء، تطوير الفرق، والتكيف مع متطلبات السوق الحديثة، مما يجعل تجربته نموذجاً متكاملاً لإدارة الأعمال في عصر الرقمنة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله



