الثـقــافــة

القنصلية الجزائرية العامة بمعية الجالية الجزائرية بستراسبورغ

إحياء الذكرى الـ 63 لمجازر الثلاثاء الأسود 17 أكتوبر 1961

بقلم: الأستاذ الحاج نور الدين أحمد بامون (ستراسبورغ بفرنسا)

 

كعادتها كانت القنصلية العامة بستراسبورغ في الموعد التاريخي لإحياء هذه المحطة التاريخية الهامة في تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية المظفرة بالخارج يومها لدعم القضية الأم.

على غرار باقي السفارات والقنصليات والتمثليات الدبلوماسبة خارج الوطن. أحيت مناسبة الذكرى بتنظيم وقفة تاريخية وبرنامج ثري تخليدا لمآثر مجاهدينا الأشاوس وترحما على شهداءنا الأبرار.

 

أهمية الاحتفال بمناسبة مجازر 17 أكتوبر 1961

إن الاحتفال بذكرى مجازر الثلاثاء الأسود هو مناسبة لإستحضار الإرث التاريخي المجيد المقدس للمجاهدين عامة ورجال ثورة نوفمبر المجيدة وترحما على شهدائنا الأبرار من ضحوا بالنفس والنفيس. هو إستخلاص العبر من دروس الثوار الجزائريين في البطولة الوطنية وقضية التحرر من همجية الإستدمار الفرنسي. أن هذا الإحتفال يأتي أيضا لنقل الحدث للأجيال القادمة ويحصنها باعتبارها حجرة الإسمنت الذي تتكسر عليها كل المحاولات الفاشلة المعادية للمساس بالسيادة الوطنية ومحاولة النيل مؤسسات الدولة، أن النهوض والرقي والتطور لن يتجسد إلا بهذه الوقفات التاريخية وإحيائها بكل فخر وإعتزاز وشموخ بإشراك فئة الشباب بصفته طليعة المستقبل. إن إحياء الجزائر قاطبة لمناسبة ذكرى مجازر 17 أكتوبر1961. من كل سنة المخلد للذكرى. يعد مكسب وطنيا تاريخيا وعظيما يفتخر به. للعلم إنها بدعم من مختلف فئات المجتمع الجزائري جاءت لإلتفاف الجالية الجزائرية بوطنها وتمسكها بثورتها المظفرة وإثباتا لوجود الثورة وإعلان لشموليتها وكسرا للحصار المفروض عليها. إحياء الذكرى يساهم في الحفاظ على الذاكرة الوطنية من خلال تلقين بطولات شهدائنا ومجاهدينا للأجيال الشابة من أبناء الوطن عامة ولجاليتنا خصوصا تحصينا للهوية الوطنية.

إذ تستوقفنا هذه المحطات التاريخية الجد هامة للإعتراف بجميل ما قدمه أجدادنا وأباؤنا من تضحيات جسام بالنفس والنفيس لإسترجاع حرية وإستقلال الجزائر. إذ تعتبر هذه التضحيات الجسام مصدر إلهام لنا وقوة لمواجهة التحديات الراهنة بكل عزم. والتي بلا شك أنها ما تزال تشكل قوة وأرضية صلبة لتكون مثالا يحتذى به للعديد من الشعوب المضطهدة في كفاحها لإنتزاع حريتها وإستقلالها. ستضل تضحيات شهدائنا الأبرار رحمهم الله ومجاهدينا مرجعا ثابتا للجزائر عامة ولدبلوماسيتها الخارجية عبر جميع هيئاتها الدبلوماسية من سفارات وقنصليات وتمثليات. في إسماع صوت الجزائر في المحافل الإقليمية والجهوية والدولية.

 

للتذكير بأهمية الحدث

في مثل هذا اليوم من عام 1961، استيقظ العالم على حدث كبير صنعه أفراد الجالية الجزائرية بباريس وضواحيها نساء ورجال وأطفال عمال وطلبة، بقيام مظاهرات سلمية استقبلتها الشرطة الفرنسية بوحشية وجرايمة نكراء لا تعد ولا توصف ولا يمكن شرحها مهما كان الحال لبشاعتها وهمجيتها. للتذكير تعود أسباب المظاهرات وشرارتها المندلعة إلى يوم 05 أكتوبر 1961 بعد إصدار المحافظ موريس بابون قرار بحظر تجوال الجزائريين من الساعة الثامنة مساء وحتى الخامسة والنصف صباحا، والذي إعتبره المهاجرون الجزائريون وقتها قرار الحظر جائر عنصري وتعسفي. ومساسا بحقوقهم وكرامته وحرمان من حقهم في التجول والخروج. يعتبر هذا اليوم مناسبة تاريخية مجيدة متجددة لتخليد مآثر الثورة وإستحضار الإرث المقدس لشهدائنا الأبرار ومجاهدينا الأشاوس. وكذا لتجديد العهد على المضي قدما في بناء جزائر أفضل وفاءا لمبادئ ثورة أول نوفمبر 1954 الخالدة.

 

فقرات برنامج الحفل للفترة الصباحية 

تميز الإحتفال بإحياء الذكرى 63 لمجازر 17أكتوبر1961، بمقر القنصلية الجزائرية العامة بستراسبورغ، بتسطير برنامج بسيط في محتواه وعظيم في مضمونه وغني بفقراته. تم الحفل الذي أقيم في أجواء سادها الإحترام والخشوع والتقدير برفع الراية الوطنية وتزين باقي فضاء القنصلية العامة بالأعلام ووضع باقة إكليل ورد. وتنظيم معرض صور ولوحات وتقارير أرقام وإحصائيات لحصيلة المجازر من باديتها لنهايتها عرض بمدخل القنصلية بفضائها الشاسع أين إطلع الجمهور على أهمية التفاصيل والجزئيات الخاصة بالمجازر الدموية، ومن تنشيط الدبلوماسبة الفتية الجامعية الحقوقية, من الجيل الصاعد في ظل الجزائر الجديد ورهانات الرقي والإزدهار لفئة الشباب من الكفاءات والإطارات الدبلوماسية المؤهلة والمرشحة لإعتلاء مناصب راقية وسامية مستقبلا، صاحبة الحنجرة الذهبية الأستاذة العرابي مريم. المنطلقة بكلماتها المنتقاة بسلاسة كالسهم لتشد الإنتباه وتبهر الحضور وتخترق القلوب للتربع على عرش مملكته وتثبت بأن الجزائري أينما حل وإرتحل لا ولن يتخلى عن لغته العربية لغة الضاد لغة الأجداد بطلاقتها وصوتها الشجي، ولن يقبل عنها بديل. أفتتحه بالتذكير بالحدث وبكلمة ترحيبية دعت فيها جمع الحضور إلى الوقوف للإستماع إلى النشيد الوطني قسما ولحنه المدوي والذي ردد بأصوات شجية عن ظهر قلب للعديد. لاسيما بعض الشباب الذي أبهروا الحضور وشنفوا مسامعهم. ووقفة ترحم في خشوع وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح شهدائنا الأبرار رحمهم الله.

 

كلمة القنصل العام

كما قام القنصل العام الأستاذ منير بوروبة من خلال كلمته بالتذكير بأهمية الحدث العظيم بهذه المناسبة وفي ومضة وجيزة في مضمونها مفضلة في عمقها، ذكر فيها بالتضحيات الجسام التي قدمها شهدائنا الأبرار بجميع فئاتهم ومستوياتهم ومجاهداتنا ومجاهدينا الأشاوس من جداتنا وأجدادنا وأمهاتنا آباؤنا وجميع فعاليات الشعب الجزائري برمته يومها من أفراد الجالية بباريس وضواحيه. في مظاهرة سليمة محظة من أجل رفع حظر التجول ونيل الجالية من حرية التنقل وعدم تضييق الخناق عليها ومنه المطالبة باسترجاع سيادة الجزائر. وأكد أن هذه الذكرى الغالية، تعد مصدر إلهامنا من أجل التحفيز أكثر من ذي قبل على العمل والحفاظ على عظمة دولة الجزائر الديمقراطية والاجتماعية في كنف ظل الجزائر الجديدة. ويسعدها أن تنتهز هذه الفرصة المجيدة لتبرهن للجميع على مكانة الشهيد والمجاهد ولكي يبقوا أبطال فخر وشرف ذاكرة تاريخ الجزائر المجيد. وأن تبرز لشبابنا تضحيات الجالية الجزائرية إبان الثورة التحريرية ستظل مرجعا في ذاكرة الأجيال وأن حضورهم لمثل هذه المحظات وإحياء المناسبات التاريخية الهامة في سجل أحداث الجزائر يمثل عنوانا لارتباطهم الوثيق بالوطن الجزائر الأم ولإيمانهم بقضيتهم. وبهذه المناسبة التاريخية المجيدة، تقدم السيد القنصل العام بإسمه الخاص، ونيابة عن كافة طاقم القنصلية العامة من إطارات من موظفات وموظفين بتقديم أصدق التحايا والتشكرات للشعب الجزائري الأبي عامة، وللجالية الجزائرية خاصة, لوقوفهم وقفة إجلال وإكبار لأرواح شهدائنا الأبرار الأشاوس، وتخليدا لمآثر مجاهداتنا ومجاهدينا الأبطال. راجيا من الله العلي القدير أن يعزز وحدتنا ويرفع لواء الجزائر عاليا.

وفي ختام الوقفة التاريخية وإحياء المناسبة العظيمة قام القنصل العام بعقد لقاءات هامشية لأفراد الجالية فرادى ومجموعات استمع إلى إنشغالاتهم وطلباتهم وتكليف أعوان القنصلية الحاضرين في عين المكان بالتكفل بهم فورا ومرافقتهم إلى المصالح والمكاتب المعنية لتلبية مطالبهم وقضاء مصالحهم. كما شكر الجميع الذين لبوا النداء وحضروا لإحياء المناسبة رغم كبر سنهم وحالتهم الصحية منهم من رافقه أبناءه ومنهم من أحضر معه أحفاده لغرس الروح الوطنية النوفمبرية في نفوسهم وأستمع إليهم مطولا رغم انشغالاته وارتباطاته.

 

وقفة الفترة المسائية بساحة 17 أكتوبر1961 بستراسبورغ

أمسية تذكر وترحم في وقفة تاريخية لإحياء الذكرى السنوية الـ 63 لمذبحة الثلاثاء الأسود بنهر لسين الشهيرة من على جسر سان ميشيل في باريس، التي أرتكبتها الشرطة الفرنسية ضد المهاجرين الجزائريين المقيمين بباريس والقادمين إليها يومها من منطقة نانتيرت، الذين نزلوا إلى الشوارع رفضا لقرار حظر التجول وللمطالبة بإستقلال البلاد. وبساحة 17 أكتوبر 1961 بستراسبورغ، التي إعتمدتها سلطات بلدية ستراسبورغ سنة 2012 ودشنت بمناسبة 17 أكتوبر لسنة 2013 رسميا. تجمع ظهيرة اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024 تزامنا ونهاية العمل حشد من أبناء المهاجرين للجالية الجزائرية أهالي وأسر رفقة أطفالهم كلهم حماس فياض بالحس الوطني، على جسر الراين، تخليدا لذكرى المئات من الجزائريين الذين قتلوا ظلما في 17 أكتوبر 1961، دون رحمة ولا شفقة التي راحوا ضحيتها على يد الشرطة الفرنسية لا لشيء إلا لكونهم تظاهروا سلميا رفضا للظلم والاضطهاد. هذا وبتوافد الحضور وحلول الساعة الخامسة مساء موعد الوقفة, أفتتح الحفل من تنشيط الأستاذ خرباش خميسي رئيس مجموعة الجمعيات الجزائرية بالران السفي وناطقها الرسمي، بكلمة ترحيبية وتشكرات لجميع المساهمين في إحياء ونجاه هذه المناسبة ومنه إبراز الحدث وأهميته القسوة والتذكير به للتاريخ عامة ولأجيالنا خاصة، تلتها كلمة بتقديم عرض مفصل عن أحداث مجزرة 17 أكتوبر1961، الوقوف دقيقة صمت ترحم على شهدائنا الأبرار وضحايا المجازر، ثم وضع إكليل من الزهور ترحما على أرواحهم الطاهرة، تشرف بوضعه الأستاذ منير بوربة القنصل العام والأستاذ صالح عيسي المنتخب المحلي ممثلا عن السيدة رئيسة البلدية، وبحضر العم الحاج إسماعيل عمراني أحد كبار رجال الثورة وصناعها بفرنسا وشاهد على مسارها والحاج مسعود و لعرج والعم مطمور وغيرهم ورمي حزمة الورود بالنهر من طرف أفراد الجالية نساء ورجال وأطفال، إحياء لذكرى ضاحيا المجزرة ولقاء على هامش الوقفة مع رموز كبار ثورة التحرير بفرنسا ممن مازالوا على قيد الحياة للنهل من ذاكرتهم وموسعاتهم التاريخية لإيصال الرسالة للشباب.وختامها فاتحة الكتاب ودعاء شامل من العم الحاج إبراهيم بلعطوي من عمداء الحركة الجمعوية وأعيان الجالية حفظه الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى