
عادت العلاقات الجزائرية – الإيطالية إلى واجهة الأحداث من خلال الزيارة الرسمية التي قوم بها رئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون”، إلى جمهورية إيطاليا الصديقة، يترأس خلالها، عن الجانب الجزائري، أشغال الدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية – الإيطالية رفيعة المستوى. حيث أن البلدين تربطهما علاقة صداقة تاريخية متينة، وشراكة استراتيجية موثوقة، أصبحت اليوم واقعا ملموسا من خلال تجسيد العديد من المشاريع الحيوية في مختلف القطاعات، ترجمتها إرادة سياسية قوية لإعطاء مزيد من الحركية على علاقات التعاون بين البلدين الصديقين.
وعليه، إن ترؤس رئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون”، رفقة رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي، السيدة “جورجيا ميلوني”، الدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية-الإيطالية الرفيعة المستوى، يعبّر عن الأهمية الخاصة في تمتين أواصر الصداقة التاريخية وتعزيز العلاقات الثنائية في عديد المجالات، وتوسيع التعاون النوعي ليشمل ميادين أخرى خارج مجالات التعاون التقليدية، خاصة وأن الجزائر تعد الشريك الاقتصادي الأول لإيطاليا في إفريقيا والأكثر استقرارا، وهو ما يعكسه وجود أزيد من 150 مؤسسة ايطالية ناشطة في الجزائر، خاصة مع صدور قانون الاستثمار الجديد الذي يكرس مبدأ رابح-رابح، حيث أبدت العديد من الشركات الإيطالية رغبتها في إقامة مشاريع بالجزائر، وبشكل خاص في ظل الضمانات التي يتضمنها هذا النص من أجل استقطاب الاستثمار الأجنبي. كما تعتبر هذه الزيارة، مناسبة سانحة للمتعاملين الاقتصاديين الجزائريين والإيطاليين من أجل بحث فرص الاستثمار والشراكات الجديدة في القطاعات متعددة، على غرار الطاقة والاقتصاد الدائري والبنى التحتية، النقل، الفلاحة، الصناعة والصناعة الصيدلانية.
عرفت العلاقات الثنائية بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، طفرة نوعية وديناميكية ملموسة، برزت بشكل خاص في الرغبة الطموحة لقائدي البلدين، السيد”عبد المجيد تبون”، والسيدة “جورجيا ميلوني”، لإعطاء دفع قوي ونفس متجدد في إطار تدعيمها بالحوار والتنسيق الاستراتيجي، إنطلاقا من معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار التي تربط البلدين.
وعليه، فقد أجرى رئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون”، زيارة دولة إلى ايطاليا في ماي 2022 سمحت بتوطيد العلاقات الممتازة بين البلدين والتوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون الهامة.، حيث ذكّر حينها بأنّ “ما سجلته الذاكرة الجزائرية إزاء إيطاليا الصديقة إيجابي جدا”، مجددا تأكيده على جودة العلاقات بين البلدين. كما شارك رئيس الجمهورية في جوان 2024، بمدينة باري الإيطالية، في قمة مجموعة السبع لكبار المصنعين في العالم، وذلك تلبية لدعوة من السيدة “جورجيا ميلوني”، بحيث توجت هذه الزيارة باتفاق استراتيجي حول إنجاز مشروع ضخم بولاية تيميمون، باسم “مؤسسة ماتيي إفريقيا” يخص إنتاج الحبوب والبقوليات والصناعات الغذائية.
وفي سياق التعاون الثنائي بين البلدين، قام الرئيس الإيطالي، السيد “سيرجيو ماتاريلا”، في نوفمبر 2021، بزيارة دولة إلى الجزائر سمحت بتوسيع نطاق التعاون بين البلدين من خلال التوقيع على ثلاث اتفاقيات مهمة تشمل مجالات العدالة، التربية والثقافة. كما أكد الرئيسان (الجزائري والإيطالي) من خلال مختلف اللقاءات والاتصالات التي جمعتهما، التقارب الكبير في وجهات النظر إزاء مختلف القضايا الدولية والاقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما فيما يتصل بترقية السلم والاستقرار والازدهار في منطقة المتوسط، وهي نفس المواقف المعبر عنها تجاه الأوضاع في فلسطين والصحراء الغربية وليبيا ومنطقة الساحل.
وفي سياق ذي صلة، قامت رئيسة مجلس وزراء إيطاليا بزيارة إلى الجزائر توجت بالتوقيع على إعلان مشترك بمناسبة الذكرى العشرين للإمضاء على معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون، علاوة على أربع مذكرات تفاهم وتعاون تخص قطاعات الطاقة، التكنولوجيا والأنشطة الفضائية للأغراض السلمية، يضاف إليها التعاون بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والكونفدرالية الاقتصادية الصناعية الإيطالية.
وفي إطار الزيارات المتبادلة بين البلدين، أجرى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول “السعيد شنقريحة”، زيارة إلى إيطاليا شهر أكتوبر 2024 تم خلالها الإشادة بـ”المستوى الممتاز للتعاون العسكري بين البلدين الصديقين، والذي يعكس مستوى التفاهم والثقة الكبيرة التي تطبع العلاقات الجزائرية-الإيطالية”.
أما في إطار التحضير للدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية – الإيطالية، وضمن التقليد الراسخ في مجال التشاور السياسي المنتظم بين البلدين، احتضنت الجزائر العاصمة شهر جوان الفارط، أشغال الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي الجزائري-الإيطالي، والتي تمحورت حول العلاقات الثنائية والقضايا السياسية والأمنية الشاملة، ما سمح بإجراء تقييم شامل للتعاون الثنائي في مختلف المجالات واستعراض مدى التقدم المحرز منذ انعقاد الدورة السابقة بروما في 2024.
هشام رمزي