
مرت أمس الذكرى الـ15 لرحيل الأديب الجزائري الكبير “الطاهر وطار” (15 أوت 1936 – 12 أوت 2010)، الذي ترك خلفه إرثا إبداعيا نفيسا أغنى الساحات الثقافية الجزائرية، العربية والعالمية، حيث ترجمت الكثير من التي عبّر من خلالها عن هموم الجزائريين بمختلف شرائحهم الاجتماعية.
حيث عبّر عن مكنوناتهم وطموحاتهم وويلاتهم وخيبات آمالهم، لأكثر من 10 لغات، وتمكن من خلال إبداعاته الأدبية رسم ملامح الشخصية الجزائرية أثناء ثورة التحرير وبعد الاستقلال، على غرار رواياته: “عرس بغل” 1983، “العشق والموت في الزمن الحراشي” 1982، “الشمعة والدهاليز” 1995، “الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي” 1999. واستكمل “وطار” هذه التركيبة، بـ “الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء” 2005، إضافة إلى مجموعاته القصصية، ويتعلق الأمر بـ “دخان من قلبي” 1961، “الطعنات” 1971، والشهداء يعودون هذا الأسبوع” 1974.
تأتي ذكرى رحيله في زخم البحث عن التفاصيل في أعماله الأدبية، من طرف الكثير من المثقفين والأدباء والشعراء والشخصيات في الجزائر، حيث يبرز د. “مراد لوافي” حتمية البحث في الأعمال الخالدة لـ “وطار”، ويدعو بشدة للتعمّق في تحليل أعمال الروائي الراحل، على غرار ما تقوم به الأمم الأخرى في تبجيل وتخليد علمائها ومثقفيها. فيما نجد الأستاذ “قاسم بلحاج” يوافق الرأي فيما ذهب إليه د. “مراد لوافي”، على ضرورة الاهتمام والحرص على جمع كل كتابات من اشتهر بكنية “العم الطاهر”، بل ويؤكد بأنّ الفقيد ساير جميع المراحل التاريخية للجزائر، وأرخ لها بأفكاره الحرة.
وأشار إلى أنه لا يمكن التعامي عما دوّنه أحد كبار تجليات الأدب الجزائري المعاصر، منوّها في السياق ذاته، بمواكبة وطار البارعة لكل ما جرى في دواخل المجتمع الجزائري، والتحولات التي طبعت هرميات السلطة المحلية. ويرتكز على لوحة “قصيد في التذلل” التي أبدعها وهو على فراش الموت، وانتقد من خلالها المثقفين ومسؤولياتهم في وسطهم الاجتماعي.
أما الأستاذ “أحمد منور” يتوقف مطوّلا عند مسار وطار الذي استمرّ نصف قرن، ويلتقي منور مع د. “عمار طالبي” في عظمة الرجل وروعة ريشته التي ولّدت تراثا خصبا للتدارس. ونجد في الواجهة أيضا تقاطع الأكاديمي “علي ملاحي” والكاتب “جمال فوغالي” في أنّ الكاتب الراحل، كان ظاهرة أدبية فريدة من نوعها جديرة بالبحث المستمر. ليؤكد مجددا د.”مراد لوافي” قائلا بأنّ وطار رجل ولد بفكرة في غير زمانه، وأنّ الساحة الثقافية افتقدت برحيل “وطار” صوتا قويا في الدفاع على الثقافة الجزائرية واللغة العربية.
مشيرا أيضا إلى جرأة “وطار” وتحديه، تماما مثل الساحة الثقافية المغاربية والعربية والإفريقية التي افتقدت في الراحل اسما شامخا. وبرزت نجاحات “وطار” في جمع كل الأفكار رغم تباينها من خلال جمعية الجاحظية التي أسسها مطلع تسعينيات القرن الماضي. وظلت الجمعية تتخذ الثقافة محوراً تتقاطع فيها كل ألوان الطيف. وهو ما ركّز عليه الدكتور “مخلوف بوكروح” الذي ذهب إلى أنّ وطار من المثقفين الذين أدركوا طبيعة المؤسسة الثقافية. وانتهى د. “بوكروح” إلى أن الطاهر وطار أجاد ممارسة الفعل الإبداعي باقتدار.
هشام رمزي