تكنولوجيا

الصين تتصدر السباق العالمي في أبحاث الذكاء الاصطناعي..

كيف تفوقت على أمريكا؟ 

في تحول كبير يعكس تغير موازين القوى التكنولوجية عالميا، تفوقت الجامعات الصينية على نظيراتها الأمريكية في مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي، وفقاً لبيانات حديثة. وأظهرت الدراسات أن الصين شهدت طفرة غير مسبوقة في عدد ونوعية الأبحاث المنشورة خلال السنوات الـ03 الماضية، مما يعكس استثماراتها الضخمة في هذا القطاع الحيوي. 

الصين تتصدر القائمة العالمية 

تصدرت جامعة بكين قائمة المؤسسات الأكاديمية الأكثر إنتاجاً لأبحاث الذكاء الاصطناعي منذ عام 2022، بحسب تصنيفات موقع “إيه آي رانكينجز”، الذي يرصد الأداء البحثي في هذا المجال. كما احتلت جامعات صينية أخرى مثل “تسينجهوا” و”شنغهاي جياو تونج” مراكز متقدمة، بينما تراجعت جامعات أميركية مرموقة مثل “ستانفورد” و”معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” إلى مراكز متأخرة نسبياً. 
ويُعتبر هذا التحول مؤشرا واضحا على نجاح الصين في بناء كوادر علمية قادرة على المنافسة العالمية، حيث يعتمد العديد من الباحثين الصينيين على تعليمهم المحلي دون الحاجة إلى الدراسة في الخارج، خلافاً للنمط السابق الذي كان يعتمد على الخبرات الغربية. 

الاستثمار في العقول المحلية 

أحد أبرز الأمثلة على هذا النجاح هو شركة “ديب سيك”، التي تأسست على أيدي خريجي جامعات صينية وتطورت لتصبح منافسا قويا لشركات مثل “أوبن إيه آي” الأمريكية. وقد نجحت الشركة في بناء نماذج ذكاء اصطناعي متطورة بتكلفة أقل واستهلاك طاقة منخفض، مما يدل على كفاءة المنهج الصيني في الابتكار. 
ويقول البروفيسور “تشو سونج تشون”، أحد أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي في الصين، إن بلاده لم تعد بحاجة إلى تقليد الغرب، بل يمكنها قيادة الثورة التكنولوجية القادمة. وأكد في أحد المؤتمرات أن “الصين قادرة على وضع معايير جديدة في هذا المجال، وليس فقط اتباع النماذج الغربية”.

التعليم والتمويل.. سر التقدم الصيني 

يعود تفوق الصين في أبحاث الذكاء الاصطناعي إلى عدة عوامل، أبرزها: 
1ـ الاستثمار الحكومي الضخم: حيث خصصت الصين ميزانيات كبيرة لدعم الأبحاث التكنولوجية، خاصة في الجامعات الرائدة مثل “بكين” و”تسينجهوا”. 
  تعزيز الثقة بالبحث المحلي: بعد سنوات من الاعتماد على الخبرات الأجنبية، أصبحت الصين تعتمد بشكل متزايد على كوادرها المحلية، مما عزز الإنتاج البحثي. 
  التعاون بين الجامعات والشركات: حيث تعمل المؤسسات الأكاديمية بشكل وثيق مع الشركات التكنولوجية لتحويل الأبحاث إلى تطبيقات عملية. 

الولايات المتحدة.. هل تفقد الريادة؟ 

رغم أن أمريكا لا تزال تحتل المركز الأول في عدد الأبحاث المنشورة منذ عام 2015، إلا أن الصين تقترب منها بسرعة. ففي عام 2023، كانت الفجوة بين البلدين نحو 1900 بحث، لكنها تقلصت إلى 1400 بحث في عام 2024. وإذا استمر هذا المنحنى، فقد تتفوق الصين قريباً على منافستها الأمريكية.
لكن الخبراء يشيرون إلى أن التفوق الكمي لا يعني بالضرورة التفوق النوعي، حيث لا تزال العديد من الابتكارات الرائدة في الذكاء الاصطناعي تأتي من مختبرات أمريكية. ومع ذلك، فإن استمرار الصين في زيادة جودة أبحاثها قد يغير هذه المعادلة قريباً. 

مستقبل الذكاء الاصطناعي.. صراع الهيمنة 

يبدو أن المعركة بين الصين والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي ستشكل أحد أهم محاور التنافس التكنولوجي في العقود المقبلة. فبينما تعتمد أمريكا على ريادتها التاريخية وشركاتها العملاقة مثل “غوغل” و”ميتا”، تعوّل الصين على كفاءة نظامها التعليمي ودعم الحكومة اللامحدود. 
ويبقى السؤال: هل ستنجح الصين في قيادة الثورة التكنولوجية القادمة؟ أم أن أمريكا ستتمكن من الحفاظ على موقعها كقائدة للابتكار العالمي؟ الإجابة قد تحددها الأبحاث القادمة، ولكن ما هو مؤكد أن العالم يشهد تحولا جذريا في خريطة القوة التكنولوجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى