الثـقــافــة

السيرة الذاتية لأنس الشريف المقاوم بالكلمة والصورة

لقد عمل الكيان الصهيوني منذ أكتوبر 2023م، على إبادة الفلسطينيين المدنيين العزل ،بدون رحمة ولا شفقة ،فلم يترك المستشفى ولا الجامعات والمدارس والمساجد وحتى المنشآت التابعة للأنروا واليونسيف والالكسو ،بل بلغ به الأمر إلى الصحفيين المقاومين بالكلمة والصورة والصوت.

 

في مساءٍ ثقيل على غزة، خيّم الحزن على الوسط الإعلامي الفلسطيني والعربي، بعد أن طالت نيران من الاحتلال مراسل قناة الجزيرة أنس جمال محمود الشريف (28 عامًا)، خلال تأدية واجبه المهني في محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، رفقة زميله المراسل محمد قريقع و المصورين ابراهيم ظاهر و محمد نوفل، في قصف صهيوني مباشر استهدف خيمتهم الصحفية، ليرتقي الجميع شهداء الكلمة والصورة.

وُلد أنس الشريف في الثالث من ديسمبر عام 1996 في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ونشأ في بيئة لا تعرف إلا الحصار والمقاومة. تلقى تعليمه في مدارس وكالة الأونروا ووزارة التربية الفلسطينية، قبل أن يلتحق عام 2014 بجامعة الأقصى ويدرس تخصص الإذاعة والتلفزيون، متخرجًا عام 2018 بشهادة البكالوريوس، حاملاً حلمه بأن يكون صوتًا لمدينته المحاصرة.

لم تكن مسيرة أنس سهلة؛ فقد بدأ متطوعًا في شبكة الشمال الإعلامية، ثم شق طريقه كمراسل ميداني لقناة الجزيرة. عُرف بجرأته وقدرته على نقل تفاصيل الميدان وسط أخطر الظروف، ودفع ثمن ذلك مرارًا؛ إذ أصيب عام 2018 بشظية في البطن أثناء تغطيته مسيرة شرق جباليا، كما تعرض لتهديدات متكررة من جيش الكيان الصهيوني بسبب تقاريره التي فضحت جرائم الاحتلال.

في ديسمبر 2023، دفع أنس ثمنًا شخصيًا باهظًا حين قُصف منزل والده في جباليا، ما أدى إلى استشهاد والده، لكنه واصل عمله، مُصرًّا على أن إيصال الحقيقة أقوى من الخوف. ومع اندلاع حرب الإبادة على غزة في 07 أكتوبر 2023، أصبح الشريف أحد أبرز الوجوه الإعلامية التي تنقل للعالم مأساة الغزيين، في وقت كانت فيه الكيان الصهيوني يمنع دخول الصحفيين الأجانب ويعتمد سياسة التعتيم الإعلامي.

جاء استهدافه مساء 10 أوت 2025 ليمثل صدمة كبيرة، خاصة بعد أن أقر جيش الكيان الصهيوني علنًا أنه تعمد ضربه، زاعمًا أنه قيادي في “خلية إرهابية” تابعة لحماس، وهي اتهامات نفاها الشريف سابقًا واعتبرها حملات تحريضية لتبرير استهداف الصحفيين.

رحيل أنس الشريف لم يكن مجرد فقدان لمراسل ميداني، بل خسارة لصوت نادر حمل الحقيقة من قلب الخطر، وشهادة جديدة على أن الكاميرا في غزة قد تكون سلاحًا أخطر على الاحتلال من البندقية. ومع استشهاده، ترك أنس وصية صامتة لكل من بقي: أن تظل الحقيقة حية، وأن يستمر نقل صوت غزة مهما اشتد الحصار.

 

  إيمان سلمانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى