حوار

السيد “طويلب صلاح الدين” رئيس المكتب الولائي (م.و.ف.م.م) بمعسكر يصرح:

"رقمنة القطاع الفلاحي نحو مردودية أعلى للاقتصاد الوطني"

تعد الفلاحة قطاعا استراتيجيا واسعا، ويجب أن يصنف كقطاع سيادي بالنظر إلى ارتباطه الوثيق بالأمن الغذائي الذي يمثل أساس السيادة الوطنية، ومن ثم فإن النهوض بالفلاحة وتحسينها يستلزم وضع استراتيجية وطنية شاملة، تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد وضمان الأمن الغذائي في مواد أخرى.

 

إن الرقمنة، تتيح جمع بيانات دقيقة بما يسمح برفع الإنتاجية بنسبة تصل 50 بالمائة، وتقليص الفاقد الغذائي بنحو 25 بالمائة، فضلا عن ترشيد استهلاك المياه بنسبة قد تصل إلى 35 بالمائة، بفضل أنظمة الري الذكية، وإشراك الشباب والمهندسين الزراعيين يمثل عنصرا حاسما في هذه النقلة النوعية، فالرقمنة تمثل العمود الفقري لعصرنة قطاع الفلاحة، من خلال جمع وتحليل بيانات دقيقة حول الأراضي، المناخ، المياه الجوفية والتربة، يمكن تحسين إدارة الموارد ورفع الإنتاجية، كما أن استعمال نظم المعلومات الجغرافية.

وللتذكير بالطابع الاستراتيجي الذي يكتسيه القطاع الفلاحي، بالنظر إلى التحديات الراهنة، على غرار ندرة المياه، تزايد الكثافة السكانية، التغيرات المناخية، والسياق الجيوسياسي العالمي، التقت جريدة “البديل” بالسيد “طويلب صلاح الدين”، رئيس المكتب الولائي للمنظمة الوطنية للفلاحين والمنتجين والمتحولين بمعسكر، وأجرت معه هذا الحوار.

 

كيف تجري الحملات التحسيسية الجوارية لتوعية المنتجين؟

القطاع يواجه اليوم تحديا محوريا، يتمثل في العصرنة مع توفير جميع الإمكانيات والوسائل الضرورية لإنجاح الموسم الفلاحي، خاصة البذور، العتاد، مدخلات أسمدة ومبيدات مع تسهيل اقتنائها عبر تعاونيات الحبوب والبقول الجافة، وتكثيف الحملات التحسيسية الجواريـة لتوعية المنتجين بضرورة احترام المسار التقني، واعتماد السقي التكميلي لرفع المردود بالهكتار، الذي ما يزال دون المستوى المطلوب ودون الجدوى الاقتصادية، ومرافقة منتجي الثروة الفلاحية والتقرب منهم، واعتماد مقاربة تشاركية مع ممثلي الشعب الفلاحية والشركاء الغرف الفلاحية، المجالس المهنية للاستماع إلى تطلعاتهم ورفع العراقيل البيروقراطية متابعة دقيقة، لتوفير مادة البطاطا خلال فترات الفراغ المقبلة أكتوبر ونوفمبر مارس وأفريل والحفاظ على شعبة الدواجن، وضمان استدامتها عبر توفير اللقاحات ضد الأمراض الفتاكة واستقرار الأسعار.

وكذا وتعميم التعليمة الخاصة بإدماج المربين الناشطين بطرق غير نظامية، لتمكينهم من الاستفادة من المرافقة الصحية والدعم الذي توفره الدولة إلزام المدراء الولائيين بمعايير أداء دقيقة، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ البرامج التنموية ميدانياً، واعتماد التقنيات العصرية والوسائل التكنولوجية في الري الفلاحي، والتوقف نهائياً عن استخدام الطرق التقليدية حفاظاً على الموارد المائية التقرب من حاملي المشاريع والحلول الابتكارية على مستوى الولايات للاستفادة من خبراتهم وبحوثهم تسريع وتيرة تسوية العقار الفلاحي، مع تنظيم أبواب مفتوحة أسبوعيا لاستقبال الفلاحين والاستماع لانشغالاتهم وإيجاد حلول إدارية في آجال معقولة .

 

ما دور الغرفة الوطنية للفلاحة في تحقيق رقمنة القطاع الفلاحي؟

رقمنة القطاع الفلاحي لا تتحقق من خلال وزارة الفلاحة وحدها، يقول مالحة، وإنما يجب إشراك الغرفة الوطنية للفلاحة والغرف الولائية التابعة لها، فهي الجهة الأقرب إلى الفلاحين والجمعيات الناشطة في مختلف الشعب، ومن خلال هذه الآلية يمكن الحصول على معلومات دقيقة تساعد في رسم خريطة وطنية واضحة، كما تسمح الرقمنة برصد الموارد المائية بشكل منهجي، وهو أمر حيوي في ظل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وانتشار الجفاف.

لا يمكن الحديث عن تطوير الفلاحة دون التطرق إلى دور الشباب الذي يمثل رافعة أساسية للنهوض بالقطاع، فالأفكار الجديدة والتقنيات الحديثة والمؤسسات الناشئة التي يقودها الشباب تشكل عنصرا مكملا للفلاحين التقليديين الذين يواجهون تحديات متعددة، وهنا يبرز دور الشباب الحامل للمشاريع والابتكارات خاصة في مجالات الروبوتيك والتقنيات الذكية، مما يجعل إدماجهم في عالم الفلاحة ضرورة حتمية لتجديد القطاع وضمان استدامته، وفق الخبير ذاته الفلاحة الجزائرية.

حيث منذ الاستقلال، بقيت تقليدية في أغلب ممارساتها، وهو ما يستدعي اليوم الولوج إلى الفلاحة العصرية، يقول “بوخالفة”، ويعد إدخال التقنيات الحديثة في مختلف المجالات، خاصة في البحث العلمي، الوسيلة الأساسية لتحسين الإنتاجية ورفع المردودية، بالإضافة إلى تطوير المسارات التقنية المتعلقة بتحسين البذور والأسمدة واختيار الأنواع التي تتماشى مع الظروف المناخية، لاسيما في ظل التغيرات المناخية والجفاف والاحتباس الحراري، فضلا عن الانعكاسات الجيوسياسية.

وبخصوص التأكيد على ضرورة إعطاء فرصة للشباب، وتمكينهم من الاندماج في القطاع الفلاحي، من خلال برامج دعم وإمكانيات جديدة، أكد أن الشباب بما يملكه من طاقة وأفكار مبتكرة يمكن أن يكون رافعة حقيقية لتطوير الفلاحة في الجزائر وترتكز أولويات القطاع في المرحلة المقبلة على 3 محاور رئيسية، أولها التنظيم الوطني بمشاركة الخبراء والمختصين، وثانيها إدماج الشباب بشكل فعّال في عالم الفلاحة، وثالثها إدراج التقنيات الحديثة وفي مقدمتها الرقمنة، باعتبارها الوسيلة الأنجع لتحسين المردودية وتطوير الإنتاجية، لكون رقمنة القطاع الفلاحي قد عادت إلى واجهة الاهتمام كخيار استراتيجي لمواجهة التحديات وضمان الأمن الغذائي للجزائر.

 

كيف تصبح الفلاحة أكثر جاذبية للشباب بالولاية؟

الفلاحة لم تعد نشاطا تقليديا، بل قطاعا استراتيجيا يحتاج إلى عصرنة، إعادة هيكلة، وتوظيف التكنولوجيا، حتى يصبح أكثر جاذبية للشباب وأكثر مساهمة في الاقتصاد الوطني ورغم هذه المكاسب، يضيف المتحدث ذاته، تبقى بعض التحديات قائمة مثل ضعف البنية التحتية الرقمية في المناطق الريفية، نقص التكوين لدى الفلاحين في استعمال التكنولوجيا، والتكلفة الأولية المرتفعة للمعدات الحديثة، لكن الإرادة السياسية المعلنة، مع وجود جيل شاب مهيأ لتبني الرقمنة، يفتح الآفاق أمام الجزائر للانتقال نحو قطاع فلاحي عصري، شفاف، وفعال، قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية وضمان الاستقرار الغذائي للبلاد.

إن الفلاحة تعد قطاعا استراتيجيا واسعا، ويجب أن يصنف كقطاع سيادي بالنظر إلى ارتباطه الوثيق بالأمن الغذائي الذي يمثل أساس السيادة الوطنية، ومن ثم فإن النهوض بالفلاحة وتحسينها يستلزم وضع استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد وضمان الأمن الغذائي في مواد أخرى. وتمثل الرقمنة أداة فعالة لضبط السوق الوطنية من خلال جمع بيانات دقيقة حول الإنتاج والكميات المتوفرة وتوزيعها، ما يقلل من المضاربة والندرة المصطنعة، كما أن السجل الوطني الزراعي الرقمي، الذي اكتمل في 58 ولاية، يعد خطوة كبيرة نحو توفير قاعدة بيانات شاملة للفلاحين

 

برأيك، ما هي الخطة التي تتبناها الدولة في القطاع؟

تحسين القطاع الفلاحي لا يمكن أن يتحقق في سنة أو سنتين، لذلك يصبح من الضروري إعداد خطة واضحة المعالم تتبناها الدولة الجزائرية، على أن تشمل أبعادا قريبة المدى، وأخرى متوسطة المدى لتطوير القطاع تدريجيا، إضافة إلى رؤية بعيدة المدى لضمان استدامة الأمن الغذائي، وتقوم هذه الخطة على تحديد الأولويات بدقة وحصر الموارد المتوفرة مع وضع آليات عمل فعالة وتوفير الموارد المالية والتقنية الكفيلة بإنجاحها.

 

كيف ترون الفلاحة، كقطاع استراتيجي وسيادي بامتياز؟

يمثل القطاع الفلاحي في الجزائر قطاعا استراتيجيا وسياديا بامتياز، لارتباطه بالأمن الغذائي الذي يعد أساس السيادة الوطنية، حيث تراهن الدولة على تحويله إلى قطاع عصري، فعال وقادر على تلبية احتياجات السوق الوطنية وإشباع سلة غذاء الجزائريين، ومن هنا برزت الرقمنة كخيار حتمي يضمن الحصول على معطيات دقيقة وفورية حول المساحات المزروعة، الإنتاج، ضبط الموارد المائية واليد العاملة، بما يفتح المجال أمام اتخاذ قرارات مبنية على بيانات واقعية مباشرة من الحقول، بهدف مضاعفة الإنتاجية وترشيد الموارد.

تتكامل هذه الرقمنة مع إنشاء أقطاب فلاحية موزعة جغرافيا، وتعمل على دعم بحوث البذور الأصلية وتطويرها وإعادة هيكلة المؤسسات لتكون أكثر فعالية وشفافية، مدعومة بتطوير القوانين الأساسية للجمعيات والمؤسسات والمجالس المهنية أن تكنولوجيا النانو تتيح ثورة في تحسين تغذية النبات ومقاومة الآفات، حيث الأسمدة النانوية توفر توصيلا محكما للعناصر الغذائية مع تقليل فاقد الأسمدة، مما يزيد من كفاءة استخدامها، ويحسن النمو والإنتاجية بنسبة تتراوح ما بين 30 و50 بالمائة حسب المحصول، مع تقليل استهلاك المياه بنسبة تتراوح ما بين 15 و35 بالمائة عبر أنظمة ذكية، مدعومة بتقنيات النانو الحساسات النانوية تساهم في مراقبة التربة والنباتات بدقة، مما يمكن من التدخل الفوري في حالات الإجهاد أو نقص العناصر.

مختار سلطاني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى