الثـقــافــة

الركود الثقافي الذي نعيشه يعود لعدم تقديرنا لأهمية الثقافة في حياتنا

الإعلامية، الكاتبة، والأستاذة الجامعية، أسماء أولاد إبراهيم، لجريدة "البديل":

إبداعات الشباب على كثرتها، فيها ما يصلح للنقد وفيها ما لا يصلح أصلا

الجيل القديم يرى أنه الأفضل لأنه بالكتابة الأدبية الراقية، ويستصغر شأن الكتابة الأدبية الشبابية التي يراها دون المستوى المطلوب

أسماء أولاد ابراهيم، إعلامية بالإذاعة الجزائرية بمستغانم، كاتبة، وأستاذة جامعية، حاصلة على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي. شخصية في حديثها وثانية في تفكيرها وثالثة في تحليل الواقع الثقافي، ورابعة في كتاباتها، كان بوسعها ان تكون شخصية واحدة لكنها فكرت، فقدرت صم قدرت ات تكون شخصيات متلاحقة من أجل التعبير اكثر عما يجول بخلدها.

 جريدة “البديل” حاورتها في بعض المسائل الثقافية فكانت إجاباتها عفوية وصريحة وواضحة كالعشب والماء.

أين انت من الزخم الإعلامي والثقافي بولاية مستعانم؟

 باعتبار أنني صحفية مختصة في الشأن الثقافي، فأنا أقوم بتغطية معظم التظاهرات الثقافية دعما للثقافة وتعريفا بالمثقفين بمستغانم والجزائر عموما، كما أشارك بوصفي كاتبة في الأماسي الأدبية التي أدعى للمشاركة فيها من حين إلى آخر. وبحكم تخصصي في النقد الأدبي فقد قمت بدراسة العديد من الأعمال الأدبية الجزائرية تحديدا قصد خدمة الأدب الجزائري والمساهمة في الرقي به .

برأيك ما أسباب الركود الثقافي؟

 أنا أرى أن الركود الثقافي الذي نعيشه يعود لعدم تقديرنا لأهمية الثقافة في حياتنا، ما زلنا نراها من الكماليات ونغفل عن دورها الأساسي والريادي في تنوير المجتمع وتطوره ورقيه. من المؤكد أننا نجد بعض النشاطات الثقافية لكنها تبقى فلكلورية في معظمها، ومناسباتية، ومتقطعة…

لماذا لا يوجد تكتل للجمعيات والعمل الجماعي ضمن برامج موحدة؟

 من الصعب أن يكون هناك تكثل للجمعيات الثقافية، قد نجد جمعيتين تشتركان في نشاط معين لا أكثر، لكن مجموعة من الجمعيات تحت مظلة واحدة قد يبدو مستحيلا، وهذا لأن لكل جمعية نظرتها وأهدافها من جهة، ومن جهة أخرى كل جمعية تحب الظهور في الواجهة لوحدها، كما نلمس بعض الصراع بين الجمعيات، وخصوصا صراع الأجيال فالجمعيات التي أعضاؤها كبار في السن لا يمكن أن تتفق أبدا مع جمعية شبابية.

 اين واقع الفعل الثقافي للجمعيات بولاية مستغانم؟

 هناك جمعية واحدة أو جمعيتين من الجمعيات الثقافية التي تصر على النشاط على مدار العام وخارج المناسبات، وغالبا ما تتلقى صعوبات جمة، منها عدم حصولها على مقر خاص بها، ومنها من عانت من مشكل إيجاد مكان لعرض نشاطاتها، لكن الإرادة والعزيمة التي تمتع بها أعضاؤها جعلها تجد حلولا فصارت تذهب هي للقاء الجمهور بدل انتظاره، إذ كثفت نشاطاتها في الحدائق العمومية والمقاهي، حتى صارت من أنشط الجمعيات الثقافية بمستغانم بمعدل نشاط كل أسبوع تقريبا.

لو عدنا إلى المثقف، هل لا يزال يبحث عن محله من الإعراب؟

  المثقف يقوم بالبحث عن المعارف وإنتاجها، والتوصل إلى الحقيقة لوضعها في سياق مباشر مع مصالح المجتمع لأجل تحريره من الجهل، وتوجيهه إلى المصالح الحقيقية التي ترقى به لحياة أفضل، لكننا نجد فجوة كبيرة بين المثقف والمجتمع وذلك يعود لسوء التواصل بينهما، فالعزلة التي يعيشها المثقف بعيدا عن مجتمعه، واستخدامه لمصطلحات لا يفهمها المجتمع قد زادت من اتساع هذه الفجوة. ولعل هذا راجع للتطور السريع في المعلومات والكم المعرفي الهائل الذي جعل المثقف يحاول جاهدا مستغلا وقته لمواكبة هذا التطور الفكري، وبالتالي انفصل عن واقعه وصار أقل ارتباطا بمشاكل مجتمعه. لهذا على المثقف أن يعمل جاهدا لملء هذه الفجوة وذلك ببدء العمل بشكل أعمق لجعل المجتمع يعي أولا وجوده من خلال معرفة الذات، وذلك بتحليل الصراعات التي يعاني منها وإيجاد حلول فعلية لها حتى يتحرر المجتمع من قيوده الداخلية، ليتمكن من مواجهة قيوده الخارجية بوعي أعمق.

ما هو رأيك في ابداعات شباب اليوم؟

إبداعات الشباب على كثرتها، فيها ما يصلح للنقد وفيها ما لا يصلح أصلا، فهناك كتابات شبابية ليست في المستوى صراحة، لأن دور النشر صارت تجارية تنشر لكل من يدعي أنه كاتب أو شاعر دون أن تكون هناك لجنة قراءة جادة ورصينة لتقييم العمل الإبداعي. ولا ننكر وجود كتابات شبابية جيدة لكن النقد لم يلتفت إليها، وهذا ربما يعود لنظرة التعميم التي ترى أن كل الكتابات الشبابية لا ترقى لمستوى إبداعي يجعلها تصلح للنقد.

هل هناك حقا تواصل بين الجيل القديم والجيل الجديد في مسألة التفاعل الثقافي والإبداعي.؟

التواصل بين الجيل القديم والجيل الجديد من المبدعين يكاد يكون منعدما، وهذا راجع لصراع الأجيال، فالجيل القديم يرى أنه الأفضل لأنه يمثل الزمن الجميل والكتابة الأدبية الراقية، ويستصغر شأن الكتابة الأدبية الشبابية التي يراها دون المستوى المطلوب، مما يعمق الفجوة بينهما أكثر. وأنا أرى أنه لا بد للجيل القديم أن يفتح دراعيه للجيل الجديد من المبدعين ويحتويه ويصحح أخطاءه ويعلمه أساسيات الكتابة ويشجعه.

الرداءة في الكتابات الأدبية تعود في كل مرة إلى الواجهة، هل من تعليق؟

 الرداءة في الكتابة الأدبية عند الكتاب الشباب موجودة، وما زلنا نراها تتوسع وتتكرس وتزداد للأسف بسبب دور النشر التجارية التي همها المدخول المادي، فصارت تنشر كتابات لا ترقى لأن توصف بالإبداع مما شجع الرداءة أكثر… وإن لم يوضع حد لهذا النشر العشوائي سوف تصبح ظاهرة سائدة وليست عابرة أبدا.

هل من إضافات نختم بها هذا الحوار؟

ختاما أقول إنه لابد من تضافر جهودنا جميعا لأجل الرقي بالثقافة والأدب الجزائري، وينبغي أن نأخذ بأيدي الكتاب الناشئين ونلهمهم الصواب بدلا من التصفيق لهم على الرغم من كون كتاباتهم لم ترق بعد للمستوى الذي يليق بالكتابة الإبداعية، أو الاكتفاء بانتقادهم دون تقديم البديل الذي يوجههم لتقديم الأفضل. وكل الشكر والتقدير لجريدة “البديل” على إثارة هذا الموضوع المهم… أتمنى لكم كل التوفيق.

حاورها: رامـي الـحـاج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى