
تشهد الدول حول العالم تحولًا جذريًا في إدارة الضرائب والتحصيل الضريبي بفضل التقدم في التكنولوجيا والرقمنة. يمثل التهرب الضريبي تحديًا كبيرًا للعديد من الحكومات، حيث يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإيرادات التي يمكن استخدامها في تمويل الخدمات العامة والبنية التحتية. تأتي الرقمنة كحلاً فعّالًا للحد من هذه الظاهرة وتحسين الشفافية والكفاءة في النظام الضريبي،تحسين الشفافية والرقابة إحدى أبرز المزايا التي تقدمها الرقمنة هي تعزيز الشفافية في العمليات المالية. من خلال استخدام الأنظمة الرقمية، يمكن للحكومات تتبع كل معاملة مالية بدقة وفعالية. يتم تسجيل كل حركة مالية إلكترونيًا، مما يسهل عملية التدقيق والمراجعة. يمكن للسلطات الضريبية استخدام البيانات الكبيرة وتقنيات التحليل المتقدمة لتحديد الأنماط المشبوهة والتدقيق في العمليات التي قد تنطوي على تهرب ضريبي،تسهيل الامتثال الضريبي تسهم الرقمنة في تسهيل عمليات الامتثال الضريبي للمكلفين بالضرائب. يمكن للأفراد والشركات تقديم إقراراتهم الضريبية إلكترونيًا من خلال منصات متطورة، مما يقلل من الأخطاء البشرية ويزيد من دقة البيانات المقدمة. كما أن استخدام التوقيعات الرقمية والتحقق الإلكتروني يساعد في تقليل فرص التلاعب والتزوير،تقليل الفساد والإجراءات البيروقراطية التحول إلى الأنظمة الرقمية يقلل من التفاعل البشري في عمليات التحصيل الضريبي، مما يقلل بدوره من فرص الفساد. تعتمد الأنظمة الرقمية على قواعد واضحة ومحددة مسبقًا، مما يجعلها أقل عرضة للتلاعب مقارنة بالإجراءات اليدوية. كما أن الرقمنة تساهم في تبسيط الإجراءات البيروقراطية، مما يسهل على المكلفين بالضرائب الامتثال للمتطلبات القانونية دون الحاجة إلى التعامل مع الروتين المعقد،تطوير نظم التحصيل الذكية تتيح الرقمنة تطوير نظم تحصيل ذكية تستطيع التعامل مع البيانات بشكل تلقائي. تستخدم هذه النظم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المالية وتحديد المبالغ الضريبية المستحقة بشكل دقيق. هذا النوع من الأنظمة يمكن أن يساعد في تقليل الأخطاء وتحسين الكفاءة، مما يعزز الثقة بين المكلفين بالضرائب والسلطات الضريبية، مكافحة الاقتصاد الخفييمثل الاقتصاد الخفي تحديًا كبيرًا للعديد من الدول، حيث يتم تنفيذ العديد من المعاملات بعيدًا عن أعين السلطات الضريبية. تساعد الرقمنة في مكافحة هذا النوع من الأنشطة من خلال تقديم أدوات مبتكرة لتتبع المعاملات النقدية والمصرفية. من خلال فرض أنظمة الدفع الإلكتروني وتعزيز استخدام البطاقات البنكية، يمكن للحكومات مراقبة وتحليل التدفقات المالية بشكل أفضل، مما يسهم في الكشف عن الأنشطة غير المصرح بها،تبادل المعلومات دوليًا تسهم الرقمنة في تعزيز التعاون الدولي بين السلطات الضريبية. من خلال منصات تبادل المعلومات الرقمية، يمكن للدول تبادل البيانات المالية للمكلفين بالضرائب بشكل سريع وفعال. هذه الخطوة تساعد في منع التهرب الضريبي عبر الحدود وتحسين الالتزام الضريبي العالمي،التحديات والمستقبل رغم الفوائد الكبيرة للرقمنة في الحد من التهرب الضريبي، إلا أن هناك تحديات تواجه هذا التحول. تشمل هذه التحديات قضايا الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية، بالإضافة إلى الحاجة إلى تدريب وتأهيل العاملين في السلطات الضريبية على استخدام التكنولوجيا الجديدة. كما يتطلب التحول الرقمي استثمارات كبيرة في البنية التحتية التكنولوجية،تعد الرقمنة أداة قوية وفعّالة للحد من التهرب الضريبي وتعزيز الكفاءة والشفافية في النظام الضريبي. من خلال تبني التكنولوجيا الرقمية، يمكن للحكومات تحسين عمليات التحصيل الضريبي، تقليل الفساد، وتسهيل الامتثال الضريبي للمكلفين. على الرغم من التحديات، يمثل هذا التحول خطوة مهمة نحو نظام ضريبي أكثر عدالة وكفاءة يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
بقلم:جلال يياوي.