خاص

الذكرى الـ 70 لاندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة

إحياء الجالية الجزائرية للحدث بإشراف القنصلية العامة بستراسبورغ

بقلم: الأستاذ “الحاج نور الدين أحمد بامون” (ستراسبورغ فرنسا)

 

كانت القنصلية العامة الجزائرية بستراسبورغ، حاضرة في الموعد التاريخي لإحياء هذه المحطة التاريخية الهامة في تاريخ الثورة التحريرية الجزائرية المظفرة بالخارج، وعلى غرار باقي السفارات والقنصليات والتمثيليات الدبلوماسية خارج الوطن.

لقد شهد تاريخ البشرية القديم والحديث برمته، عديد الصراعات والنزاعات المسلحة، التي نتج عنها ذاكرة جد معقدة.لا يختلف اثنان على أن الأول من نوفمبر هو اليوم وطني بالجزائري، ذكرى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي. ذكرى تاريخية غالية لا يمكن لها أن تمر مرور الكرام دون إحيائها والتذكير بها. إن الثورة الجزائرية من أهم الثورات الشعبية الجماهرية المعاصرة التي كان لها الأثر البالغ في دحر ورد المحتل الغاشم، والتي كانت مثال للشعوب المضطهدة المستعمرة التي تنشد الحرية والاستقلال، كما يشهد زعمائها وقادتها يومها.

إن احتفال الشعب الجزائري بالذكرى الـ 70 لاندلاع ثورة التحرير الوطني، يعد مفخرة في ظل الجزائر الجديدة مشيدة الأركان التي استلهمت من ماضيها المجيد مبادئ، أسست على ضوئها دولة سيدة بمؤسسات قوية واقتصاد واعد ودبلوماسية محنكة بإطارات وكفاءات دولية عالية جد مؤثرة، وبجبهة داخلية محصنة وموحدة ومجندة لتحقيق الريادة في كل المجالات والقطاعات.

هذه الجزائر الجديدة التي كرست في قانونها الأعلى بيان أول نوفمبر 1954 كمرجعية أساسية لا يمكن الانحراف ولا الابتعاد عنها وفاء لرسالة الشهداء، جعلت من تاريخ اندلاع الثورة المظفرة مناسبة، لأن نوفمبر هو المعين الذي لا ينضب وذخر الأمة ومناط فخر الشعب الجزائري وعزته، مثلما ذكره رئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون”، في عديد المناسبات، مؤكدا أن تضحيات الشهداء الأبرار والمجاهدين الأشاوس ومعاناة الشعب تحت هيمنة المحتل الفرنسي، ينبغي أن تكون مصدر إلهام للأمة الجزائرية ومرجعيته التي تفتخر بها الشعوب وتتخذها مثال يقتدى به. وانطلاقا من هذه الرمزية الخالدة، تزامنت أهم المواعيد الفاصلة في إطار بناء أسس الجزائر الجديدة مع شهر نوفمبر فخر الثورة الجزائرية.

 

وفاء الجزائر لرسالة الشهداء الأبرار

يأتي إحياء الذكرى الـ 70 لثورة الفاتح من نوفمبر هذه السنة، في سياق الجزائر الجديدة وإعادة انتخاب السيد “عبد المجيد تبون”، لعهدة ثانية، لتوثق الصلة بين جيل الثورة التحريرية وجيل الاستقلال جيلا بعد جيل، بنهضة قوية وشاملة في كل المجالات ومواصلة بناء الجزائر الجديدة في جميع القطاعات، ويكون المواطن الجزائري هو المعادلة الحقيقية فيها.

وترجمة لهذه المعاني، تقف الجزائر عامة حكومة وشعبا بكل فعاليات أطياف المجتمع داخل وخارج الوطن للجالية المقيمة بالخارج، إلى جانب رئيس الجمهورية مؤكدة مرة أخرى أنهم مجندين ومستعدين على أن يدافعوا عن وطنهم وسيادته، وإضافة إلى ذلك لمواكبة المسيرة الحافلة لتجسيد معالم الجزائر الجديدة التي شرع في رسم معالمها، التزاما منه بتعهداته لثورة الفاتح 54، وفي مقدمتها ملف الذاكرة الذي جعل منه واجبا وطنيا مقدسا لا يقبل أي مساومة وسيظل في مقدمة انشغالات الدولة لتحصين الشخصية الوطنية.

الذي أكد عليه في العديد من المناسبات بحرصه الشديد على التعاطي مع ملف التاريخ والذاكرة بعيدا عن أي تراخ أو تنازل وبروح المسؤولية التي تقتضيها المعالجة الموضوعية النزيهة.

 

 

حب الوطن وقيم ومبادئ ثورة أول نوفمبر في نفوس أطفال أبناء الجالية

حرصا على غرس الروح الوطنية لأطفال أبناء الجالية الجزائرية بالمهجر، قيم ومبادئ ثور نوفمبر وأصولها التي لا يحيد عنها أي جزائري، فكرت لجنة تحضير الاحتفالات بإحياء الذكرى الـ 70 لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر في تنظيم وإجراء مسابقة تاريخية ثقافية فنية لصالح أطفال أبناء أفراد الجزائرية الموجودين في منطقة الدائرة القنصلية الجزائرية العامة بستراسبورغ، حول تاريخ حركات المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة الأول من نوفمبر 1954 الجزائرية. المسابقة الأولى تمثلت في مسابقة البحث التاريخي وتحرير مقال من صفحتين أو 03 صفحات لفئة الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 12 و16 سنة، أما المسابقة الثانية لفن الرسم لفئة الأطفال ما بين 7 و11 سنة، مسابقتين في غاية الأهمية استقطبت عددا كبيرا من الجنسين إناثا وذكورا، وبمشاركة واسعة بمواضيع جد مهمة ذات قيمة علمية وأدبية من حيث المضمون والصياغة، والتي استقبلتها لجنة التحكيم المكونة من أعضاء فعاليات المجتمع العزيز لأفراد الجالية وطاقم القنصلية العامة التي أفرزت نتائجها على منح الجائزة الأولى للطالبة (بخروبة هند) أصيلة مدينة هيليوبوليس بولاية قالمة التاريخية شرق الجزائر وسليلة عائلة بخروبة الثورية.

عن مقالها التاريخي بعنوان (رسالة إلى الشهداء)، والمرتبة الثانية للطالب (درار بوشليقة)، أما المرتبة الأولى في مسابقة الرسم للأخوة الطالبين (بن خيرات رسيم وإسراء)، أصيلا الشرق الجزائري سليلي أشاوس الشاوية الأحرار، والمرتبة الثانية للطالبة (ثابت تسبيح الجنة) أصيلة مدينة قسنطينة، مدينة الجسور المعلقة والعلم والفكر والتاريخ مدينة العلامة الإمام عبد الحميد بن باديس رائد الحركة الإصلاحية، والتي سبق لها وأن فازت بالمرتبة الأولى في مسابقة عيد الاستقلال 5 جويلية، والتي كرمت شخصيا من طرف السيد القنصل العام يومها، هذه مسابقة أعطت أهمية وقيمة علمية للعمل البحثي التاريخي.

 

فقرات برنامج إحياء الذكرى الـ 70 لاندلاع ثورة التحرير المجيدة

تضمنت فقرات برنامج الحفل برنامج ثريا وزاخرا، استهل باستقبال الضيوف بقاعة الأورونجري بفندق “هيلتون” بستراسبورغ، وتوجيههم لقاعة العرض لزيارة المعروضات والتمتع بروائع اللباس التقليدي الجزائري لمختلف مناطقه من (البلوزة الوهرانية، الشدة التلمسانية، القفطان والكاراكو) وغيرها.

إضافة إلى أبرز الصناعات التقليدية من حلي وأكسسوارات زينة والأدوات النحاسية، خاصة طبق الحنة للعروس ليلة زفافها. معرض لقي استحسان العديد من الزوار، لاسيما الفئة النسوية من العازبات والمقبلات على الزواج، معرض منظم من إعداد وإشراف الآنسة (زكاري لينا) ووالدتها أصيلات مدينة الورود ولاية البليدة التاريخية.

بكلمة ترحيبية وعرض الفقرات، تم الاستماع إلى النشيد الوطني، ثم الوقوف دقيقة صمت، وقراءة الفاتحة ترحما على أرواح الشهداء الأبرار الطاهرة، تلتها كلمة القنصل العام الأستاذ “منير بوربة”، التي ذكر فيها بثورة الفاتح نوفمبر 1954 وأهدافها وما قدمه مجاهدينا الأشاوس. وعلى فاتورة ضحايا حرب التحرير بداية من المقاومة الشعبية، مذكرا بأبطالها بداية من “الأمير عبد القادر” مؤسس الدولة الجزائرية وابنه “الأمير خالد”، مرورا بـ “المقراني” و”لالة فاطمة نسومر” و”الشيخ بوعمامة”، وباقي أبطال المقاومات الشعبية بكل ربوع الجزائر بدون استثناء، والتي ختمتها ثورة الفاتح نوفمبر من تنظيم مجموعة 22 ومجموعة السنة 6 مفجري الثورة عشية الفاتح من جبال الأوراس الأشم، وعن تضحيات الشعب الجزائري والتفافه حول ثورة التحرير، واحتضانه لها في بداية مهدها وتمسكه بمبادئ بيان أول نوفمبر ومساعدة الجيش ومرافقته في كل مراحل كفاحه المسلح، لغاية وقف إطلاق النار واستقلال الجزائر. كلمة كانت عميقة في مضمونها بمعناها الباطني والجوهري والتي شرح فيها مجمل عناصر تفاصيل ثورة التحرير الوطنية على مدى سنوات الحرب التحريرية السبعة ونصف وعلى مدة الاحتلال لقرن وإثنان وثلاثون سنة خلت كما يشهد العالم بأسره.

ختامها، شرع في توزيع الجوائز المقررة على الأطفال الفائزين في مسابقة المقال والبحث التاريخي، ومسابقة الرسم حول تاريخ الثورات الشعبية والحركة الوطنية وثورة الفاتح نوفمبر 54 المظفرة التي نظمتها القنصلية العامة بداية شهر أكتوبر الجاري إلى غاية يوم 29 أكتوبر كآخر أجل لتسليم الأعمال للجنة المسابقة بالقنصلية. ومسك ختامها مأدبة عشاء على شرف الحضور، وأغلقت فقرات برنامج الحفل.

وفي ختام الكلمة، هنأ القنصل العام باسمه الخاص ونيابة عن طاقم القنصلية العامة بستراسبورغ تهانيه الخالصة إلى الشعب الجزائري وإلى مجاهدين الأساوش وإلى أفراد الجالية بكل فعاليتها وأطيافها، شاكرا الجميع على تلبية الدعوى والحضور والذي يعتبر مكسبا للوطن وبرهان عرفان على وفاء أبناء الوطن نحو بلدهم الجزائر الوطن الأم الذي لا مفر منه إلا إليه ولا ملجأ إلا إليه. هذا الوطن الغالي الذي يسع الجميع وبدون استثناء.

وما جاء في كلمته الختامية إنه لمن دواعي الفرح والغبطة والسرور، أن أتقدم إليكم جميعا في هذا اليوم الأغر وهاته المناسبة الوطنية المجيدة واللحظات السعيدة، بخالص الشكر والعرفان والإمتنان، على كرم تلبيكم للدعوة وحضوركم المشرف لمشاركتنا الاحتفال الوطني بالذكرى الـ 70 لاندلاع ثورة التحرير المظفرة الفاتح نوفمبر 1954 المجيدة. واسمحوا لي أن أخص بجزيل الشكر مجموعة القائمين من عناصر طاقم القنصلية العامة، والعمال الساهرين على تنظم هذا الحفل البهيج والحرص على خدمتكم وتوفير سبل الراحة لكم في هاته الأمسية التاريخية، متمنيا للجميع المزيد من النجاح والسعادة الدائمة.

وعلى ارتشاف كؤوس الشاي والقهوة وألذ أطباق الحلويات الجزائرية من أنامل حرائر الجالية الجزائرية، وتبادل أطراف الحديث بين أفراد الجالية واسترجاع ذكريات السنين، لاسيما بين أفراد الأسرة الثورية وذويهم من عائلاتهم وأبنائهم وأحفادهم المرافقين لهم وقمداء المهاجرين وبالصور التذكارية، أسدل الستار على إحياء الذكرى الـ 70..عاشت الجزائر حرة أبية، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار وحفظ الله أبنائنا ومجاهدينا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى