
بقلم: رامــي الــحــاج
أصبح التصميم عن طريق الذكاء الصناعي مجال شهد طفرة ملحوظة في الشهور الأخيرة، حيث ظهرت نماذج يتم تفعيلها عن طريق الكلمات بدلاً من الطريقة التقليدية للرسم باستخدام الخطوط والأشكال، ولقد حرص المهندسون المعماريون على استخدام تلك البرامج لاقتناعهم القصوى بأهميتها في تحديد المجالات الفنية في المستقبل، بل وقد استلهموا الصورة من معمار القاهرة الفاطمية، وحاولوا مزجها بعناصر هندسية حديثة نسبياً في إطار تعلم واكتشاف مدى قدرة الذكاء الصناعي على تناول العمارة الإسلامية، في محاولة لتحليل وفهم وتخيل ذلك النوع من المعمار. إن العمل بهذه التقنية التكنولوجية الحديثة بتقنية أثبتت قدرتها الفائقة على إخراج صور فنية سيريالية، مما يسهل مزج العديد من العناصر المعمارية والفنية المختلفة. وعليه لم يعد الفن المعماري مجرد شكل جمالي، بحيث هناك العديد من الأمور التي يجب أخذها بالاعتبار مثل البعد الوظيفي، والتأثيرات البيئية والاجتماعية، إضافة إلى الهندسة الإنشائية والتكلفة وغيرها، فتلك العناصر غير قابلة للتحقيق بالشكل المطلوب..
كما إنّ استخدام تلك الأدوات مجرد تصور لما قد كان أو ما سيكون في إطار أعمال فنية قد تلهمه أو تلهم آخرين لنوع مختلف من التصميم كان يستحيل تصوره بدون استخدام تلك التكنولوجيا في المستقبل، لأن لعالم كله على منعطف تاريخي في المجالات الإبداعية، وأصبحت هذه المسألة شديدة الأهمية في الوقت الراهن، لأنه من الواضح أن الذكاء الصناعي يتنامى تأثيره على المجالات الفنية بشكل عام وليست العمارة وحدها، الأمر يبدأ بتغذية البرنامج بكل التفاصيل والمعلومات الجديدة الخاصة من مصادر مختلفة حول عنصر ما مثل الإضاءة أو واجهة مبنى، ومع الوقت يبدأ البرنامج في إخراج تصاميم تخلو من الأخطاء، وتحقق كل المعايير وفق البيانات التي تم إدخالها، وذلك على العكس من المصمم أو المعماري التقليدي الذي يقدم عملاً يحمل مؤثرات عديدة مثل توجهاته الشخصية أو رؤيته الخاصة، وقد تسقط منه بعض الأمور أثناء التصميم، ذلك مقابل الذكاء الصناعي، الذي يكون لديه كل المعلومات كاملة والتقنية العلمية التي تتيح له تقديم منتج يكاد يكون نهائياً ومحسوماً، وحين نصل إلى هذه المرحلة وفي ظل الاتجاه إلى التصاميم الأكثر حداثة فإن كثيراً من المصممين والمعماريين سوف يفقدون وظيفتهم، خلال 15 سنة مثلما حدث في مجالات أخرى بالفعل، لكنه بالنسبة للعمارة سيحمل الكثير من السلبيات.
لكن تبقى مبررات الذكاء الصناعي في أنه سيتعامل مع الأمر بشكل مادي بحت، في حين أن المعماري هو الوحيد في هذه العملية الذي يحتفي بالأبعاد والمشاعر الإنسانية في التصميم، وهو ما لا يمكن للتكنولوجيا تحقيقه حتى بعد مليون سنة، وهو ما يعني أنه سيتطلب تنقيحاً للمنتج من قبل المعماري الإنسان الذي لا بد أن يمتلك موهبة حقيقية وقدرة كبيرة على التعامل مع الذكاء الصناعي، وهو ما يفجر بدوره قضية أخرى تتعلق بتطوير التعليم الأكاديمي وإدخال برامج السوفت وير والتكنولوجيا في الكليات المتخصصة بالمنطقة العربية، لمواكبة العصر.