
أثارت التحذيرات الأخيرة التي أطلقها خبراء في مجال التكنولوجيا والأمن السيبراني، حول استخدام التقنيات الذكية في المجال العسكري موجة من القلق، وسط مخاوف من انعكاسات ذلك على الأمن العالمي وحياة الملايين. وفي هذا الصدد، حذر الدكتور “محمد محسن رمضان”، المتخصص في الحماية الإلكترونية ومكافحة الجرائم الرقمية، من المخاطر المحتملة لتوظيف هذه التقنيات خارج الأطر الأخلاقية والقانونية.
وجه آخر للتقنية المتقدمة
أوضح الخبير أن التهديد الحقيقي لا يكمن في قدرة الأنظمة الذكية على معالجة البيانات أو تقليد السلوك الإنساني، بل في إساءة استخدامها، خاصة مع تزايد الاعتماد عليها في إنشاء مقاطع مرئية مزيفة أو تنفيذ عمليات احتيال إلكتروني معقدة. وأشار إلى أن هذه التقنيات أصبحت أداة فعالة في التضليل الإعلامي، حيث يتم توظيفها لخلق سيناريوهات وهمية يصعب تمييزها عن الواقع.
التسليح الذكي.. مخاطر غير مسبوقة
لفت “رمضان” إلى أن الدول الكبرى تتسابق حاليًا لتعزيز ترسانتها العسكرية، عبر تطوير أسلحة مستقلة تعتمد على الخوارزميات الذكية، مثل الطائرات المسيرة القادرة على تنفيذ عمليات هجومية دون تدخل بشري. كما أكد أن هذه الأنظمة يمكنها تحليل المعلومات الاستخبارية بسرعة فائقة، مما يرفع من دقة القرارات العسكرية، لكنه يحمل في الوقت ذاته مخاطر جسيمة، خاصة مع إمكانية اتخاذ قرارات حاسمة دون رقابة إنسانية كافية.
أنظمة دفاعية ذكية.. بين الفائدة والخطر
من ناحية أخرى، أشار الخبير إلى الإمكانات الإيجابية لهذه التقنيات، مثل تطوير أنظمة دفاع إلكتروني قادرة على كشف الهجمات الرقمية والتصدي لها فورًا، أو استخدام المحاكاة الافتراضية لتدريب القوات العسكرية على سيناريوهات معقدة دون الحاجة إلى تدريبات ميدانية مكلفة. ومع ذلك، حذر من أن غياب الضوابط الأخلاقية قد يحول هذه الأدوات إلى أسلحة فتاكة تهدد الاستقرار العالمي.
نداء لتنظيم عالمي
دعا “رمضان” إلى وضع تشريعات دولية صارمة، تحكم استخدام التقنيات الذكية في المجالات العسكرية، مؤكدًا على ضرورة إبرام اتفاقيات دولية تمنع تحولها إلى أدوار عدوانية. كما طالب بإنشاء هيئات رقابية مستقلة لمراقبة التطورات في هذا المجال، مع التركيز على حماية المدنيين من التداعيات المحتملة.
في ظل التطور المتسارع للتقنيات العسكرية، تبرز الحاجة إلى موازنة بين الابتكار والأمن الإنساني، فبينما تقدم الأنظمة الذكية حلولا غير مسبوقة في الدفاع والاستخبارات، فإن إدارتها دون ضوابط قد يفتح الباب أمام حروب لا مكان فيها للقيم الإنسانية، مما يستدعي تحركا عاجلا من المجتمع الدولي لضمان استخدامها بشكل مسؤول.