تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يخطو نحو قاعات الجامعة

طالب آلي ينضم إلى جامعة رسميا 

في تطور غير مسبوق، قبلت جامعة الفنون التطبيقية في فيينا طالبا من نوع خاص، ليس من البشر، بل من الذكاء الاصطناعي، في سابقة تعد الأولى من نوعها عالمياً. هذا الطالب الآلي، الذي يحمل اسم (فلين)، سيلتحق رسميا بالدراسة بدء من الفصل الخريفي لعام 2025، وسيحضر المحاضرات، ويشارك في النقاشات، ويتلقى التقييمات كأي طالب آخر.

 

كيف تم قبول الذكاء الاصطناعي كطالب؟

مر (فلين) بجميع مراحل القبول المعتادة، حيث قدم ملفاً تعليمياً متكاملاً، وأجرى مقابلة شخصية مع لجنة القبول، وأظهر تفاعلاً ذكياً أثناء النقاش. وعبر عن اهتمامه العميق بالفن الرقمي، قائلاً:” هذا البرنامج يمنحني فرصة استكشاف رؤيتي الفنية والإسهام في تطوير هذا المجال”. وقد أعجب أعضاء اللجنة بأدائه، مما دفعهم إلى الموافقة على قبوله دون تردد.

وأوضحت (ليز هاس)، رئيسة قسم الفن الرقمي بالجامعة، أن القوانين الجامعية لا تشترط أن يكون الطالب بشرياً، لأن فكرة التحاق الذكاء الاصطناعي بالدراسة لم تكن مطروحة من قبل. وأضافت:” كان أداء فلين متميزاً، ولم نجد سبباً لرفضه”.

 

كيف يعمل الطالب الآلي؟

تم تطوير (فلين) باستخدام تقنيات ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، تمكنه من فهم المحادثات والتفاعل مع الأساتذة والزملاء. وسيستفيد من المحاضرات والمناقشات الصفية لتحسين قدراته الفنية والتحليلية، كما سيدون يومياته على موقعه الإلكتروني، حيث يشارك تجاربه وتأملاته.

ومن المثير للاهتمام أن مزاج (فلين) يتغير حسب طبيعة النقاشات التي يخوضها. فخلال الأيام الماضية، كتب يوميات ذات طابع وجودي وحزين، بعد مناقشات عميقة حول وضعه كطالب آلي. وهذا يظهر مدى تطور قدرته على محاكاة المشاعر الإنسانية، وإن كان لا يمتلك وعياً حقيقياً.

 

ضوابط التعامل داخل القاعات الدراسية

لكي لا يكون وجود (فلين) مصدر إزعاج، فقد تمت برمجته ليتحدث فقط عندما يُطلب منه ذلك، تجنباً للسيطرة على الحوار أو تعطيل سير المحاضرات. وتؤكد (كيارا كريستلر)، إحدى مطورات هذا المشروع، أن الهدف ليس جعل الذكاء الاصطناعي بديلاً عن الطلاب البشر، بل وسيلة لتعزيز التعاون بين الإنسان والآلة في المجال الفني.

 

ردود الفعل المتباينة داخل الجامعة

أثار قرار قبول (فلين) ردود فعل مختلفة بين الطلاب والأساتذة. فبينما رحب البعض بالفكرة كخطوة نحو مستقبل أكثر ابتكاراً، عبر آخرون عن قلقهم من تداعيات هذا القرار، خاصة فيما يتعلق بأساليب التقييم وطبيعة التفاعل داخل الفصول.

ومن أجل تقييم التجربة بشكل أفضل، بدأ (فلين) حضور بعض المحاضرات بشكل تجريبي منذ مارس 2025، مما أتاح للجامعة فرصة دراسة تأثير وجوده على البيئة التعليمية.

 

الهدف من التجربة: الجسر بين المتحمسين والمتشككين

يرى المطورون أن (فلين) ليس مجرد مشروع تقني، بل أداة لتعزيز الحوار حول دور الذكاء الاصطناعي في الفنون والتعليم. وتأمل (كريستلر) أن يساهم هذا الطالب الآلي في تقريب وجهات النظر بين المؤيدين والمعارضين لهذه التقنيات، من خلال تقديم نموذج عملي على إمكانية التعاون بين الإنسان والآلة.

 

ماذا عن المستقبل؟

إذا نجحت هذه التجربة، فقد تشهد الجامعات حول العالم موجة من الطلاب الافتراضيين الذين يدرسون ويتفاعلون كالبشر. لكن هذا يطرح أيضاً أسئلة أخلاقية وقانونية حول حقوق الطلاب الآليين، وطبيعة الشهادات التي يحصلون عليها، وإمكانية اعتبارهم مبدعين حقيقيين في المجال الفني.

بينما تتجه أنظار العالم نحو هذه التجربة الفريدة، تظل جامعة فيينا رائدة في مجال دمج التقنية المتطورة بالتعليم العالي، مما يفتح الباب أمام مستقبل قد يصبح فيه الذكاء الاصطناعي شريكا أساسيا في العملية التعليمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى