
ظهر الذكاء الاصطناعي خلال منتصف خمسينات القرن الماضي واستخدم مصطلح “artificial intelligence” لأول مرة عام 1956 في جامعة دارتمورث خلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي، ومن هذا الوقت بدأت رحلة الباحثون والأكاديميون في إنشاء ما يتجاوز المليون منشور حول الذكاء الاصطناعي وتعريفاته.
أوضح مخطط رقمي خاص بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) عن تتبع انتشار وتطور الذكاء الاصطناعي الذي سار في منحنى ضعيف وبطيء خلال السنوات الطويلة الماضية، ويمكن إرجاع هذا الضعف إلى عدم الوقوف بشكل واضح على دورة عمل الذكاء الاصطناعي وكيفية الاستفادة منه.
بدأ انتشار الذكاء الاصطناعي (AI) بشكل متسارع نسبيًا مع بداية 2012 مع زيادة قواعد البيانات ونموها وتطوير الطاقات التقنية والتكنولوجية للحاسوب وتوسع استخدامه تدريجيًا في بعض المجالات وبالأخص العلمية منها والخدمات المتعلقة بالتكنولوجيا والاتصال.
تحاول كبرى الشركات والمؤسسات إلى الاتجاه نحو الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته واعتماده كأهم التقنيات الحديثة التي يمكنها أن تحقق تحولاً كبيراً في العديد من المجالات والأعمال، ومتوقع مع هذا الاستخدام المتزايد المتماشي مع التطور المستمر لأنظمة الحاسوب والتعلم الألى أن يصبح الذكاء الاصطناعي طفرة تكنولوجية أساسية لا غنى عنها لتحقيق أكبر استفادة ممكنة في قطاع الأعمال بمجالاته المختلفة.
ما هو الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة؟
يحاكي الذكاء الاصطناعي دور الإنسان في عمليات الذكاء البشري ويساعده في التفكير والعمل والتواصل بطرق سريعة تركز في الأساس على مجموعة من الأساليب التقنية باستخدام أنظمة وأجهزة الحاسوب المختلفة التي تقوم بعمليات البحث الآلية لجمع ومعالجة البيانات واستخلاصها وتحليلها لأداء المهام المطلوبة بشكل آلي سريع والحصول على تنبؤات مستقبلية. يجمع البعض بين الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على أنهم تعريف واحد لا يوجد اختلاف بينهم، ولكن بالرغم من وجود علاقة تربط بين التعلم الآلي باعتباره مجموعة فرعية وجزئية من مصطلح أعم وأشمل وهو الذكاء الاصطناعي إلا أنه في النهاية ليس كل أساليب التعلم الآلي تمثل ذكاء اصطناعي وليس كل أنظمة الذكاء الاصطناعي تمثل تقنيات التعلم الآلي بالضرورة، ويتوقف الفرق بين المصطلحين على الجانب التشغيلي لدورة عمل كلاً منهما.
كيف تتم عملية التعلم الآلي؟
تتم عملية التعلم الآلي المكونة لأنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير الخوارزميات والنماذج الإحصائية المستخدمة في أنظمة الحاسوب، وتحدث هذه العملية بأساليب متنوعة لتتمكن في النهاية من أداء وإنجاز المهام بالاعتماد على الأنماط والاستدلال بدون تعليمات يدوية واضحة.
أهمية الذكاء الأصطناعي للشركات والعوامل الدافعة لتطبيقه في شركتك
يمثل الذكاء الاصطناعي أداة أساسية للشركات خاصة مع تحول العالم إلى الرقمي والاتجاه إلى استخدام التقنيات الحديثة بطرق أكثر تنافسية وتفاعلية في الشركات والمؤسسات، ويوفر العديد من المزايا والفرص المفتوحة والمتنوعة للشركات بأقسامها المختلفة: فهم سلوك المستهلكين وتحديد احتياجاتهم – تحسين التسويق وزيادة المبيعات – تحليل البيانات بشكل دقيق – تحسين الإنتاجية والكفاءة – تحديد الأنماط والتوقعات – تجنب الأخطاء وتقليل التكاليف وتحقيق الربح – التعرف على مشكلات العملاء وتقديم الحلول بشكل سريع وفعال – تحقيق أفضل تجربة للمستخدم والحفاظ على العملاء الحاليين وجذب عملاء جدد أو مُحتملين – تطوير الأنظمة الإدارية وتقديم توصيات مدروسة لتحسين عمليات اتخاذ القرارات في الشركات في الوقت المناسب.
الحالات التي يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بها في الشركة
يمكن الاستفادة من استخدام الذكاء الاصطناعي في حالات وأقسام متنوعة داخل الشركات، وينتج عن هذا الاستخدام إذا تم بشكل مناسب وصحيح نتائج مثالية تساعد على نمو وتطور الشركة بشكل تنافسي على كافة المستويات في مجال عملها، ومن أهم حالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الشركات.
الدعم والتواصل والمتابعة
تعتبر الروبوتات الذكية أحد أشكال الذكاء الاصطناعي المميزة في الاتصال المباشر والسريع وتقديم سبل الدعم المتنوعة والمُتكاملة، وتستخدم الروبوتات الذكية في التواصل مع العملاء وتوفير إجابات شاملة وواضحة ومحددة عن كافة استفساراتهم وتساؤلاتهم. تساهم الروبوتات الذكية في استمرار متابعة عملية التواصل بشكل كامل يحسن من تجربة العميل ويزيد من رضاه على مستوى الخدمة المقدمة وأخيرًا يجعله يتخذ قرار التعامل مع الشركة والاستفادة من خدماتها.
التحليل وتحسين النتائج
يمكن استخدام لغات البرمجة الخاصة بنظام الذكاء الاصطناعي داخل الشركات في تحليل البيانات الخاصة بالشركات المنافسة والبيانات والملاحظات الخاصة بالعملاء للحصول على نتائج منظمة ودقيقة تساعد بدورها في تطوير الشركة وتحقيق أهدافها المرجوة.
جمع البيانات من العناصر المرئية
يمكن استخدام أنظمة الرؤية الذكاء الاصطناعي في المسح الضوئي للأشكال المرئية مثل الصور والفيديوهات والمستندات والملفات المرئية الأخرى لجمع البيانات والمعلومات المهمة منها.
الصيانة الدورية لتجنب الأعطال وتكوين تنبؤات مستقبلية:
تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على الكشف عن الانحرافات في العمليات التشغيلية المختلفة داخل الشركة، مما يساعد على تفعيل إجراءات الصيانة الوقائية في الوقت المناسب لتجنب الأعطال وتقليل التكاليف وإنشاء تنبؤات مستقبلية للتعامل مع التحديات المحتملة.
تحسين رسائل الخطأ
تكون رسائل خطأ “DataOps” غالبًا صعبة القراءة وغير مباشرة، وتجعلك تحتار فيما يجب عليك فعله لحل المشكلة هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي بإجراء عملية معالجة اللغة الطبيعية مما يساعد على جعل رسائل الخطأ أكثر قراءة للإنسان ويساعد على تدارك المشكلات والأعطال والتعامل معها بسهولة .
استخدامات الذكاء الاصطناعي في الصناعات والمجالات المختلفة
توسع نطاق استخدام التقنيات الحديثة والتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في بداية الألفية الجديدة وتطور انتشار تعلم الآلة والشبكات العصبية العميقة وتحليل البيانات الكبيرة، وتطوير التطبيقات الذكية المستندة إلى الذكاء الاصطناعي مثل الروبوتات الذكية والأجهزة المنزلية الذكية والمركبات ذاتية القيادة.
يشهد الوقت الحالي توسعًا كبيرًا في استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات المختلفة ولا يقتصر فقط على المعاملات في المجالات العلمية والتقنية، وفيما يلي بعض المجالات المُستخدمة للذكاء الاصطناعي:
(01)- الطب: يساعد الذكاء الاصطناعي على تشخيص بعض الأمراض بشكل أدق وأسرع من التشخيص اليدوي من خلال الأشعة السينية بمختلف أنواعها والتصوير المغناطيسي وأنظمة المسح الضوئية الطبية المتنوعة، ويساعد أيضًا في تطوير الأدوية وتسريع التجارب السريرية للمركبات الكيميائية الجديدة .
(02)- صناعة الغذاء: وصل التطور في مجال الذكاء الاصطناعي إلى قطاع معالجة الأغذية الصناعية أيضًا فعلى سبيل المثال طورت شركة Tomra Systems ASA معدات فرز الأغذية قائمة على الذكاء الاصطناعي وتستهدف أسواق البطاطس المقلية والبطاطس المقشرة واللحوم المقطعة والمفرومة، تعمل هذه المعدات على معالجة الأغذية التابعة لشركة Tomra من خلال تحليل الأغذية من ناحية قياس الحجم والشكل واللون للبطاطس المقلية أو تحليل محتوى الدهون في اللحوم.
(03)- التجارة الالكترونية والتسويق الرقمي: يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات في إنشاء محتوى جذاب باستخدام تعليمات بسيطة ويحقق نسب مشاهدة عالية، ويساعد أيضًا في تحديد نوع الرسائل التي تلائم الجمهور المستهدف وتخصيص التواصل لمجموعات مختلفة أو حتى لأفراد محددين ما يعرف بالـ (التخصيص الفائق). يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الحملات الإعلانية عن طريق تحليل بيانات سلوك الجمهور والتفاعل مع الإعلانات، ويمكن إنشاء خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تقدم توصية توزيع الميزانية عبر القنوات المتعددة بناءً على توقعات أداء الإعلانات.
(04)- التعليم: ساهم الذكاء الاصطناعي في أتمتة العديد من المهام والعمليات التعليمية التي سهلت التعامل بشكل كبير على المعلمين والطلاب، وتساعد تطبيقات التعلم الآلي في مجال التعليم في تحديث المناهج بشكل تلقائي وسريع بما يواكب ثورة الانفجار المعلوماتي الحالية والمستقبلية. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المعلمين والأكاديميين في تقديم الدروس والمحاضرات بالتخصصات المختلفة، ويساهم أيضًا في إنشاء الاختبارات التعليمية وأدائها وتصحيحها على مستوى المراحل التعليمية المتنوعة.
(05)- الزراعة: انتشر استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الزراعي بشكل كبير بسبب مساهمته في تطوير وتحسين العديد من العمليات الزراعية ومنها الكشف عن أمراض النباتات وتحليلها ومعالجتها، تحسين مراقبة صحة التربة، زيادة الإنتاجية من خلال تحسين كفاءة الأراضي الزراعية، وتحديد هجمات الآفات والطريقة المثالية لاستخدام المبيدات الحشرية.