
في الوقت الذي تتزايد فيه استخدامات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، يبرز تحد كبير يتمثل في ارتفاع استهلاك الطاقة المرتبط بتشغيل هذه التقنيات. مع تطور مراكز البيانات حول العالم، تتزايد احتياجاتها للطاقة بشكل كبير، ما يضع ضغوطًا إضافية على الموارد البيئية. تقرير حديث صادر عن شركة “ماكينزي” كشف أن مراكز البيانات في الولايات المتحدة فقط قد تضاعف استهلاكها للطاقة 3 مرات بحلول نهاية العقد الحالي، وهي ظاهرة عالمية تعكس مدى اعتمادنا المتزايد على التكنولوجيا.
معالجة هذا التحدي بالذكاء الاصطناعي
ولكن، كيف يمكننا أن نواصل تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي القوية والمبتكرة مع تقليل تأثيرها على البيئة؟ تعد جامعة “محمد بن زايد” للذكاء الاصطناعي واحدة من المؤسسات الرائدة التي تسعى إلى معالجة هذا التحدي.
يركز الباحثون في الجامعة على تصميم أنظمة حوسبة أكثر كفاءة تستهلك طاقة أقل دون التأثير على الأداء. على سبيل المثال، تُستخدم اليوم وحدات معالجة الرسومات ووحدات معالجة الموتّر كبدائل أكثر كفاءة لوحدات المعالجة التقليدية. هذه الوحدات مخصصة لتنفيذ العمليات المعقدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، فإنها تحتاج أيضا إلى تحسينات مستمرة لتقليل استهلاك الطاقة.
الباحثون يعملون أيضا بواسطة الذكاء الاصطناعي على تقنيات تقلل من العمليات الحسابية غير الضرورية داخل مراكز البيانات، مثل التكميم أو التقليم، وهي تقنيات تقلل من كمية البيانات التي تتم معالجتها دون التأثير على دقة النتائج. التطور المستمر في تصميم الترانزستورات والأجهزة الإلكترونية يلعب دورا كبيرا في تحسين كفاءة الطاقة، تقنيات مثل مصفوفة البوابات المنطقية القابلة للبرمجة تُعتبر بديلاً عمليًا يتيح للمطورين تخصيص الأجهزة لتلبية احتياجات محددة، مما يحد من استهلاك الطاقة مع الحفاظ على أداء عال.
تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي
من جانب آخر، فإن إعادة تصميم برمجيات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لتكون أكثر كفاءة يمكن أن يُحدث فرقا كبيرا. عبر تخزين النتائج المؤقتة وإعادة استخدامها، يمكن تقليل العمليات المتكررة التي تتطلب طاقة كبيرة. يمكن القول أن تحقيق التوازن بين استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة والحفاظ على الموارد البيئية ليس مهمة مستحيلة. الجهود المستمرة لتطوير أنظمة حوسبة أكثر كفاءة، إلى جانب تصميم برمجيات وعمليات مستدامة، يمكن أن تجعل تقنيات الذكاء الاصطناعي أكثر استدامة وأقل تكلفة.
هذه الحلول ليست مجرد استجابة للتحديات الحالية، بل هي جزء من رؤية أوسع لتحقيق مستقبل تقني يوازن بين الابتكار والحفاظ على البيئة، بما يدعم خطط الإمارات الطموحة لتحقيق الاستدامة وبناء اقتصاد أكثر خضرة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله