تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي في الظل

مايكروسوفت تفجر مفاجأة إعلان "Surface"

في خطوة مفاجئة كشفت شركة مايكروسوفت مؤخرًا عن إنتاج إعلان مدته دقيقة واحدة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وذلك للترويج لأجهزة “سيرفس برو” و”سيرفس لابتوب”.


والمثير أن هذا الإعلان قد نُشر على منصة يوتيوب في 30 من شهر جانفي الماضي، أي قبل حوالي ثلاثة أشهر، دون أن يلاحظ الجمهور أو المراقبون استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميمه، مما أثار إعجاب البعض ودهشة آخرين حول مدى تقدم هذه التقنيات وقدرتها على محاكاة العمل البشري بدقة عالية.

تفاصيل الإعلان وتقنيات التنفيذ

بحسب تقرير نشره موقع “ذا فيرج”، المتخصص في أخبار التكنولوجيا، فإن الإعلان لم يُنتج بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، بل كان مزيجًا بين لقطات حقيقية وأخرى مولّدة تقنيًا. وأوضح “جاي تان”، مدير اتصالات التصميم الأول في مايكروسوفت، عبر منشور رسمي على مدونة “تصميم مايكروسوفت”، أن فريق العمل واجه بعض مظاهر “هلوسة الذكاء الاصطناعي”، أي الأخطاء الناتجة عن توليد الصور، مما استلزم تصحيح المخرجات وإدماجها مع لقطات مصورة واقعية لضمان جودة المنتج النهائي.

استراتيجيات الاختيار بين التصوير الفعلي والذكاء الاصطناعي

أوضح “تان” أن فريق العمل اتخذ قرارات مدروسة عند تحديد المشاهد التي يجب تصويرها فعليًا وتلك التي يمكن توليدها عبر الذكاء الاصطناعي. فقد تم تصوير المشاهد المعقدة التي تتضمن حركات دقيقة مثل الأيدي أثناء الطباعة على لوحات المفاتيح بشكل حقيقي، بينما لجأ الفريق إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء اللقطات السريعة أو الثابتة التي لا تتطلب حركة معقدة، مما ساعد على تسريع عملية الإنتاج بشكل كبير.

أسباب اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي

أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت مايكروسوفت للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج هذا الإعلان هو ضيق الوقت. فقد كان أمام فريق التصميم شهر واحد فقط لإنجاز الإعلان كاملاً، بدء من مرحلة التخطيط وصولًا إلى التصوير والمونتاج. عادةً ما تستغرق هذه العمليات عدة أسابيع متتالية، ولكن باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي تم تقليص مدة كتابة النصوص وتجهيز القصة المصورة وإعداد العرض التقديمي إلى يومين فقط، وهو ما اعتبره تان قفزة نوعية في كفاءة العمل.

ملاحظات لاحقة بعد كشف الحقيقة

على الرغم من أن الإعلان بدا متماسكًا وطبيعيًا عند عرضه أول مرة، إلا أن إعادة مشاهدته بدقة بعد إعلان مايكروسوفت عن سر صناعته كشفت بعض التفاصيل الغريبة. فقد لوحظ، على سبيل المثال، وجود نظارة ذات تصميم مسطح غير طبيعي، ودب يحمل ملامح غريبة إلى حد بعيد، إضافة إلى بعض الأشياء التي تبدو طبيعية من بعيد، ولكنها تظهر مشوشة وغير مفهومة عند تكبير الصورة.

الذكاء الاصطناعي يقتحم الإنتاج الإعلامي

مايكروسوفت ليست الشركة الوحيدة التي اختبرت قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي سرًا. ففي وقت سابق، استخدمت إحدى المحطات الإذاعية مذيعًا يعمل بالذكاء الاصطناعي لعدة أشهر دون أن يلحظ المستمعون الفرق. ويكشف هذا الاتجاه عن مرحلة جديدة في عالم الإعلام، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا خفيًا في إنتاج المحتوى، مما يطرح تساؤلات أخلاقية وفنية حول مستقبل الإبداع البشري.

تحديات ومخاوف مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

رغم الإنجازات المبشرة، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى يثير العديد من المخاوف. أبرز هذه المخاوف يتعلق بظهور مخرجات مشوهة أو مشكلات تتعلق بالمصداقية والدقة، خاصةً إذا لم يُكشف للمشاهدين أن المحتوى مولد آليًا. كما أن الاعتماد المفرط على هذه التقنيات قد يؤدي إلى تقليص الفرص الوظيفية للمبدعين والفنانين العاملين في مجالات الإنتاج الإعلامي والتصميم.

مستقبل الإعلانات: هل تحل الآلة محل الإنسان؟

بعد تجربة مايكروسوفت الناجحة، يبدو أن عالم الإعلانات سيتغير تدريجيًا مع اتساع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. فبينما تساهم هذه الأدوات في تسريع العمليات وخفض التكاليف، إلا أن السؤال يبقى: هل يمكن للآلة أن تحل فعلاً محل الإبداع البشري؟ وهل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من التقاط الأحاسيس الدقيقة واللمسات الفنية التي تميز عمل الإنسان عن غيره؟

الإعلان كمرآة للتطور السريع

الإعلان الذي نشرته مايكروسوفت يمثل شهادة عملية على سرعة تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومدى قدرتها على الاندماج بسلاسة مع الأعمال البشرية دون أن تثير الشكوك. لكنه في الوقت نفسه ينبه إلى ضرورة تطوير معايير رقابية وأخلاقية تواكب هذا التحول المتسارع، لضمان الشفافية والحفاظ على القيم الإبداعية الأصيلة.

العالم بين يدي الذكاء الاصطناعي

مايكروسوفت بإعلانها الأخير لم تكشف فقط عن منتج جديد، بل ألقت الضوء على عالم خفي من الإبداع الآلي الذي أصبح قادرًا على منافسة الإبداع الإنساني. وبينما نقترب أكثر من مستقبل تحكمه الخوارزميات، يبقى التحدي الأكبر هو كيف نضمن أن تكون هذه الأدوات خادمة للإنسان وليست بديلًا عنه.

الكشف عن نتائج مذهلة لتجربة الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية

كشفت شركة غوغل مؤخرًا عن نتائج مشروعها التجريبي “أعمال الذكاء الاصطناعي” الذي أطلقته العام الماضي في المملكة المتحدة، مسلطةً الضوء على أثر الذكاء الاصطناعي في تعزيز إنتاجية العاملين. وقد شاركت غوغل في تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع نقابات مهنية وشركات صغيرة ومعلمين من 12 مدرسة، في محاولة لاستكشاف أفضل أساليب التدريب على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

 وفورات زمنية تفوق التوقعات

أظهرت نتائج المشروع أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في تنفيذ المهام الإدارية قادر على توفير نحو 122 ساعة سنويًا لكل موظف، وهو رقم يفوق التقديرات الأولية التي وضعت عند 100 ساعة فقط.

وتأتي هذه النتائج وفقًا لما نقلته وكالة رويترز عن التقرير الرسمي، الذي أكد أن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُحدث فرقًا جوهريًا في تحسين كفاءة العمل، خاصة في المهام الروتينية والمتكررة. 

تأثير التدريب على استخدام الذكاء الاصطناعي

أوضح التقرير أن العاملين تمكنوا من مضاعفة استخدامهم اليومي للذكاء الاصطناعي بعد بضع ساعات من التدريب فقط، وأن مستوى استخدامهم بقي مرتفعًا حتى بعد مرور عدة أشهر. وهذا يؤكد أن الاستفادة من هذه التقنيات لا تتطلب استثمارات طويلة الأمد في التدريب، بل يكفي القليل من الوقت لتغيير سلوكيات العمل اليومية بشكل مستدام.

تأثير اقتصادي محتمل ضخم بحلول عام 2030

توقعت غوغل أن يؤدي تبني الذكاء الاصطناعي إلى نمو اقتصادي ضخم في المملكة المتحدة، يصل إلى حوالي 400 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2030. غير أن التقرير نبّه إلى أن تحقيق هذا النمو يعتمد إلى حد بعيد على مدى إقبال العاملين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مما يضع مسؤولية كبيرة على المؤسسات في تشجيع موظفيها على اعتماد هذه التقنيات.

فجوات في الاستخدام بين الفئات العمرية والاجتماعية

بيّن التقرير وجود تفاوت كبير في استخدام الذكاء الاصطناعي بين الفئات العمرية والاجتماعية المختلفة. فقد أشار إلى أن نحو 66 بالمائة من العاملين لم يسبق لهم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل، مع وجود نسبة مرتفعة من النساء فوق سن 55 عامًا اللائي يستخدمنه بمعدل أقل ب4 مرات مقارنة بالرجال دون سن 35 عامًا. كما أظهرت الشركات الصغيرة تأخرًا واضحًا مقارنة بالشركات الكبرى في تبني هذه التقنيات. 

أثر التدريب على الفئات الأقل استخداما

قبل انطلاق التدريب، كانت نسبة النساء فوق 55 عامًا اللواتي يستخدمن الذكاء الاصطناعي أسبوعيًا لا تتجاوز 17 بالمائة، بينما كانت نسبة الاستخدام اليومي لا تتعدى 9 بالمائة. غير أن هذه النسب ارتفعت بعد ثلاثة أشهر فقط من التدريب، لتصل إلى 56 بالمائة أسبوعيًا و29 بالمائة يوميًا، مما يعكس فاعلية برامج التدريب المكثف في سد الفجوات الرقمية بين الفئات المختلفة.

الحاجة إلى دعم ثقافة الاستخدام

أحد العوائق الرئيسية التي أبرزها التقرير هو الحاجة لما سماه “الإذن للاستخدام”، أي ضرورة طمأنة الموظفين بأن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مقبول ومشروع، تمامًا كما هو الحال مع استخدام الإنترنت أو محركات البحث.

فالكثير من العاملين يشعرون بالتردد أو القلق من استخدام هذه التقنيات، خشية أن يُعتبر ذلك تجاوزًا أو تهديدًا لوظائفهم.

 

سباق الذكاء الاصطناعي يتسارع

انضمت غوغل بشكل واضح إلى سباق الذكاء الاصطناعي الذي انطلق مع بروز شركات متخصصة مثل “أوبن إيه آي”. وتسعى غوغل إلى تشجيع استخدام منتجاتها وخدماتها القائمة على الذكاء الاصطناعي عبر توسيع نطاق التدريب وإزالة العقبات النفسية أمام المستخدمين، مدركةً أن النجاح في هذا السباق يتطلب بناء قاعدة واسعة من المستخدمين النشطين.

تؤكد نتائج مشروع “أعمال الذكاء الاصطناعي” أن مستقبل الإنتاجية بات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالقدرة على دمج الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل. ومع الفوائد الهائلة المحتملة التي قد تصل إلى مئات المليارات من الجنيهات، يصبح من الضروري على الحكومات والمؤسسات أن تضع استراتيجيات واضحة لتسريع وتيرة التدريب واعتماد التقنيات الجديدة، مع ضمان شمول جميع الفئات دون استثناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى