
في ظل التوسع الكبير في استخدام التقنيات الحديثة وانتشار التعاملات الرقمية. بات من الضروري التفكير في كيفية حماية الحماية الرقمية و معلوماتنا الشخصية التي قد تكون مكشوفة على الشبكة. فالكثير من المستخدمين يتركون خلفهم اثارا رقمية تمتد لسنوات. دون إدراك لحجم المخاطر التي قد تنجم عن ذلك. سواء من حيث انتهاك الخصوصية أو التعرض للاختراق وسرقة الهوية.
الآثار الرقمية الخفية: خطر لا يُرى بالعين المجردة
الأثر الرقمي هو كل ما تتركه أثناء تصفحك أو استخدامك للأجهزة والتطبيقات. سواء كان منشورا على موقع تواصل. أو تسجيلا في موقع قديم. أو حتى مجرد بحث أجريته عبر الشبكة. وهذا الأثر ينقسم إلى نوعين، الأول نشط ويتعلق بما قمت بنشره أو التفاعل معه علنا، أما النوع الثاني فهو كامن. مثل ملفات التتبع وسجل التصفح، وهو غالبا ما يكون غير مرئي للمستخدم، لكنه متاح لكثير من الجهات دون علمك.
البقاء على هذا النحو من الانكشاف قد يسمح للمخترقين أو الشركات الإعلانية أو حتى جهات أخرى بالوصول إلى بياناتك. وقد يستخدمونها بطرق تضر بك، ولذلك فإن التخلص من هذه الآثار القديمة أصبح خطوة أساسية لحماية حياتك الرقمية من الانتهاكات.
لماذا يجب التخلص من الأثر الرقمي؟
إزالة اثارك السابقة ليست رفاهية، بل هي إجراء وقائي، فمن خلال تقليل كمية المعلومات المنشورة عنك. تستطيع أن تحمي نفسك من أن تكون هدفا سهلا للمحتالين، كما أنها تساعد على تحسين صورتك الرقمية، لا سيما إن كنت قد نشرت في السابق محتوى قد لا يعكس حالتك أو شخصيتك الحالية، ومن جهة أخرى، فإن إزالة الحسابات والبيانات التي لم تعد تستخدمها يقلل من فوضى بياناتك، ويجعل التحكم في معلوماتك أسهل وأكثر أمانًا.
حذف هذه الآثار أيضا يحصنك ضد هجمات إلكترونية قد تستهدف حساباتك القديمة التي قد تكون غير محمية، وهو أمر يزداد أهمية مع تكرار حوادث تسريب بيانات المستخدمين من مواقع مختلفة في السنوات الأخيرة.
الحماية الرقمية.. خطوات عملية لبداية جديدة على الشبكة
أولى الخطوات الفعالة هي أن تبدأ بالبحث عن اسمك، أو عنوان بريدك الإلكتروني، أو أية معلومات استخدمتها عبر مواقع الإنترنت المختلفة، وذلك من خلال محركات البحث، هذه الخطوة تتيح لك معرفة الأماكن التي ربما لا تزال تحتفظ ببياناتك، بعدها تأتي مرحلة التخلص من الحسابات غير النشطة، أو تلك التي لم تعد تستخدمها، حيث ينبغي الدخول إليها، وحذفها من جذورها عبر الإعدادات، وفي حال نسيان كلمة المرور، يمكن استخدام خاصية الاسترجاع المعتادة ثم المتابعة في حذف الحساب.
قد تكتشف أن بعض المواقع لا تقدم خيار الحذف المباشر، أو تجعله معقدًا، في هذه الحالات، يمكن التواصل مع دعم الموقع للمطالبة بحذف البيانات، أو استخدام أدوات إلكترونية صممت خصيصا لمساعدتك في تعقب حساباتك القديمة وتقديم روابط مباشرة لإلغاء تفعيلها، مع التنويه إلى أن بعضها قد لا يعمل بشكل مثالي مع كل المواقع، لكنه يبقى أداة مفيدة.
وقاية تبدأ من الوعي وتنتهي بالإجراء
إن وعيك بخطورة ما تتركه خلفك من بيانات، وقدرتك على التعامل معها بحكمة، هما أولى أدواتك للدفاع عن نفسك في العالم الرقمي، لا تستهِن بالمعلومات التي ظننتها غير مهمة، فقد تكون هي الخيط الذي يستدل به الآخرون عليك، لذا اجعل من مراجعة أثرك الرقمي عادة دورية، تمارسها كما تفعل في تنظيف بيتك أو مراجعة ملفاتك المالية.
وأخيرا، فإن تقليص الأثر الرقمي لا يعني بالضرورة أن تتخلى عن وجودك على الشبكة، بل هو دعوة لأن يكون هذا الوجود أكثر اتزانا وتحكما، بحيث تختار ما تشاركه، وتضمن أن ما يُحفظ عنك يخدمك، لا يُستَخدم ضدك، وبهذا تكون قد خطوت خطوة حقيقية نحو أمان رقمي أفضل لك ولمن حولك.