
تولي الجزائر أهمية قصوى لمكانة المرأة في المجتمع، تنفيذا لبرنامج رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، التي وضعها ضمن التزاماته الـ54، ومرافعتها عن حقوقها في هيئة الأمم المتحدة، بصفتها عضوا غير دائم، ليس للمرأة الجزائرية فقط، بل لنظيرتها في فلسطين أيضا وما تواجهه في ثورة الاستقلال والتحرر، وكل المجتمعات.
وترجع هذه المكانة الكبيرة للمرأة نظرا لدورها ومشاركتها جنبا إلى جنب مع الرجل في استقلال الجزائر وتحقيق التنمية والمحلية وولوجها كل الميادين حتى العسكرية منها، وهو ما يفرض تمكين المرأة من الرقمنة لتحقيق المساواة بين الجنسين، حسب تصريح الأمينة العامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات “نورية حفصي”، التي شددت على أهمية الرقمنة للمرأة، ومشاركتها في هذا المشروع الهام للغاية ومن الضروري أن تكون البلدان مرقمنة ومجهزة بالإنترنت. وأضافت خلال على هامش الدورة 67 للجنة قضايا المرأة للأمم المتحدة والمجتمع المدني أنه على الجميع الاستفادة منها، بمنح الوسائل للمجتمع المدني وتكوينه وتمكينه ليكون شريكا موثوقا به. من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، جميع القادة إلى اعتماد توصيات تقرير الأمم المتحدة الأول حول التكنولوجيات والابتكار والتعليم والمساواة بين الجنسين بشكل عاجل، مضيفا أن الأمر يتعلق بترقية التعليم، والتكوين الرقمي للنساء والفتيات، وإعداد خوارزميات تأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان. وأضاف الأمين العام الأممي، أنه يجب توصيل العالم أجمع بالانترنت قبل2030، فالأنترنت ليست سوى خطوة أولى، فالتمثيل والمشاركة النسوية في قلب التحول الاجتماعي والاقتصادي.
وتعهد الأمين العام الأممي بتخصيص مبلغ 300 مليون دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة لفائدة المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والمناضلين من أجل حقوق الإنسان في حالة أزمة.
إطلاق مشروع دعم التجارة الإلكترونية لمشاريع المرأة في الجزائر
تم الإطلاق الرسمي لبرنامج دعم التجارة الإلكترونية للمشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تديرها المرأة في الجزائر الأشهر الماضية بهدف تكوين رائدات الأعمال في الجانب الرقمي. وقد قام وزير السياحة بإطلاق هذا المشروع، بالتعاون مع البنك العالمي، مؤكدا على التزام قطاعه بمرافقة المرأة لولوج عالم الأعمال ودعمها في خوض غمار المقاولاتية لدعم الاقتصاد الوطني. ويهدف هذا المشروع إلى دعم صاحبات المشاريع من حرفيات من خلال توسيع نطاق الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية، بناء القدرات وتوسيع الشبكات، إضافة إلى توفير المرشدين وفرص للاتصال بالأسواق العالمية، تعزيز الإدماج والقدرة التنافسية الاقتصادية للمرأة من خلال استخدام تقنيات جديدة كالتجارة الالكترونية والتسويق الرقمي. هذه المبادرة تصب في صميم التزامات رئيس الجمهورية بهدف تنفيذ سياسة فعالة لترقية وتمكين المرأة وكذا تحقيق التحول الرقمي. كما يتم توفير الدعم الرقمي لرائدات الأعمال في الجزائر من خلال تكوينهن في استخدام الأدوات الرقمية لتحسين الوصول إلى الأسواق الوطنية والدولية.
ويمول المشروع من خلال مبادرة تمويل رائدات الأعمال وهي مبادرة دولية ممولة من قبل 14 دولة مانحة و8 بنوك تنمية بقيمة إجمالية مقدرة ب 300 مليون دولار لصالح 60 دولة من بينها 6 دول عربية.
مخبر الدراسات الاتصالية والإعلامية بجامعة مستغانم يقدم دراسته
كشفت دراسة مخبر الدراسات الاتصالية والاعلامية بجامعة مستغانم، أن تكنولوجيات الاتصال الجديدة تعتبر أدوات تغيير إستراتيجية للمرأة في الجزائر.
حيث يسود الاعتقاد بين الكثير من الباحثين بأن التكنولوجيات الاتصالية الجديدة، وفي مقدمتها الإنترنت، تعد رافعة أساسية لتفعيل مقاربة النوع الاجتماعي، حيث يمكنها الدفع نحو التمكين الاجتماعي والثقافي للمرأة، مما يؤدي إلى تعزيز المساواة بين الجنسين، فضلا عن تأهيل الأدوار الاجتماعية للنساء كفاعلات أساسيات في سائر الرهانات المجتمعية. إذ أن ولوج المرأة للإنترنت في العالم العربي عموما والجزائر بشكل خاص، لا يزال مرتبطا بشكل إكراهي بالجندر والمتغيرات الرمزية والسوسيوديمغرافية وظروف النفاذ، فمنذ بداية انتشار استخدام الانترنت، كان الولوج بطيئا ومتعثرا، واقتصر على 6 بالمائة من النساء فقط من المجموع لكلي للفئات النسوية. ومن أهم معوقات الولوج إلى الإنترنت بالنسبة للمرأة الجزائرية نذكر التصورات النسوية السلبية حول التكنولوجيات الجديدة وتكلفة الأدوات التقنية والربط مع الإنترنت، إضافة إلى انخفاض منسوب التنور الحاسوبي وعدم الإلمام بكيفة الاستخدام. من جهة أخرى،لا شك أن استخدام الإنترنت من قبل النساء في الجزائر، خصوص النساء من الطبقات المتوسطة، وفئة المتعلمات، من شأنه خلخلة التقسيم الجندري والتأثير على طبيعة وتصور النظام الاجتماعي للأدوار النوعية للجنسين، وبصفة أكثر التأثيرعلى الطبيعة الجندرية للفضاء العمومي ودمقرطته. وتتجه المرأة الجزائرية تدريجيا نحو إعادة تعريف الفضاء العمومي في مجتمعها بالرغم من المعوقات الثقافية والاجتماعية والرمزية التي تعاني منها. حيث لوحظ مؤخرا، أن الكثير من الجزائريات ينتجن خطابات إلكترونية لتحدي الصمت المفروض عليهن، ويحاولن تأسيس مجتمع قائم على المساواة بين الجنسين، من خلال استغلال الفضاءات الافتراضية والفضاءات التدوينية والاجتماعية المتعددة، ويقاومن الخطابات المكرسة للنظرة المقصية للمرأة والتي عادة ما تحصرها في أدوار اجتماعية نمطية ومحدودة. استخدام الإنترنت وسائر وسائط الاتصال الجديدة من طرف النساء الجزائريات للتعبير عن أنفسهن وإسماع صوتهن في ظل بيئة تهيمن عليهن و تهضمهن حقوقهن الرمزية وتمنعهن من المشاركة السياسية والثقافية المتساوية، إضافة إلى والتعبير عن هوياتهن وذواتهن ومطالبهن ويسعين لمقاومة أشكال الإقصاء. كما يستهدفن بناء رأسمال نسوي افتراضي من شأنه أن يسهل ظهور فضاء عمومي افتراضي نسوي. وللتفاعل مع الإشكاليات التي يطرحها موضوع استدماج مقاربة النوع الاجتماعي في فهم تشابكات العلاقة وخصوصياتها بين المرأة وتكنولوجيات الاتصال الجديدة، قدم مجموعة من الباحثين تصوراتهم وإسهاماتهم التي تضمنت مستويات تحليل متعددة وضمن حدود وامتدادات معرفية متنوعة، وقد استهل الباحث “أمين بن عمرة” دراسته، التي حاول من خلالها الاقتراب من مفهوم الفجوة النوعية الرقمية، والبحث في عمقها السوسيولوجي والانثربولوجي ومستوياتها الثقافية والسوسيورمزية، التي تسهم في إعادة إنتاجها واستمراريتها، والمسارات الانثربولوجية التي تحكم الاختيارات التكنولوجية للفئات النسوية، والإمكانات العلائقية التي تضبط سيرورة استدخال التكنولوجيات الرقمية ضمن ترتيبات واقعها اليومي.
كما اتجه الباحث “حطاب حطاب” إلى مناقشة إشكالية مفهوم الجندر داخل الحيز الثقافي، اللغوي والعلمي وعلى صعوبة تحديد هذا المفهوم، نظرا لتشابكه مع طبيعته الثقافية ومكوناتها. فيما عالجت الأستاذة “فطيمة سبقاق” موضوع التجارة الالكترونية النسوية من خلال التطرق إلى أهمية تكنولوجيا المعلومات عند المرأة وما مدى استفادتها من التجارة الالكترونية.
التحول الرقمي ودوره في التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء في المنطقة العربية
ركزت دورة لجنة وضع المرأة بهيئة الأمم المتحدة على الابتكار، والتغيير التكنولوجي والتعليم في العصر الرقمي، لتعزيز العمل لسد الفجوات بين الجنسين في هذا المجال.
شاركت في الندوة، وزيرات ووزراء من عدة دول عربية، ونظمتها منظمة المرأة العربية بالتعاون مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وقد طرحت خلالها الدكتورة “فاديا كيوان” المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية مبادرة تهدف إلى تحفيز مؤسسات القطاع الخاص على تعزيز المسؤولية الاجتماعية. ودعت إلى وضع ميثاق عالمي للرقمنة برعاية الأمين العام للأمم المتحدة. وكانت الندوة بمثابة مساحة حوار ونقاش حول أبرز التحديات والفرص في الدول العربية، فيما يتعلق بالتحول الرقمي ودوره في التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء في المنطقة العربية، وقد شهدت عرضا مهما لأبرز المبادرات التحفيزية في عدد من الدول العربية. وبحثت الندوة موضوع الفجوة الرقمية بين الجنسين التي تحتاج إلى الكثير منالتدخلات والعمل في إطار استراتيجي وقرار وطني يرصد، بمؤشرات واضحة إدماج مفهوم المساواة بين الجنسين في كل السياسات المعنية بالتكنولوجيا والتحول الرقمي. إضافة إلى أهمية الاستثمار في طاقات النساء والفتيات في المنطقة العربية، لاسيما وأنهن يشكلن أكثر من 60 في المائة من حملة الشهادات، في المجالات العلمية والرياضيات والهندسة. كما شددت اللجنة على ضرورة التحلي بالقناعة والإرادة والالتزام إذا أردنا تغيير هذا الواقع ويجب أن تكون مبادئ المساواة والحقوق الإنسانية جزء لا يتجزأ من هذه الثورة الرقمية. فلا يمكن أن تتحقق أهـداف التنمية المستدامة، إلا إذا كان هناك استثمار في كل القدرات البشرية، نساء ورجالا، كبارا وشبابا، وذوي الهمم، والناس في الريف والمدن.
تدخل النساء والفتيات في العالم ككل وبالمنطقة العربية على وجه الخصوص هذه الثورة الرقمية وهن مثقلات بالتمييز في القوانين والتشريعات والقوالب النمطية. هن يردن أن يتزودن بعالم المعرفة ويسرعن الخطوة لكن هناك قوى تعيدهن إلى الخلف، إنهن يخضن معركة.
هل ستستغل المرأة الذكاء الاصطناعي أم تنافسه؟
تعتبر المرأة أيقونة الجمال، تترك لمستها في كل مكان تتواجد فيه، نجاحها وتفوقها تصنعهما بجدها وتعبها، وترفض أن يكون الطريق سهلا إن لم يحفظ بصمتها. ورغم مواكبتها للتطورات التي يشهدها العالم واستغلالها للتميز والتفرد، إلا أنها حذرة ومتوجسة، مما جاء به الذكاء الاصطناعي خوفا أن يقضي على ما صنعته بجهدها وتعبها.
حيث يحتمل أن يلحق الذكاء الإصطناعي ضررا أكبر بوظائف النساء خاصة في العمل الكتابي، حسبما كشفته دراسة للأمم المتحدة، مضيفة أن خطورة الذكاء الاصطناعي التوليدي سببها النسبة الكبيرة من النساء اللائي يعملن في هذا القطاع، لا سيما في البلدان الأكثر ثراء. وخلصت الدراسة التي أعدتها منظمة العمل الدولية إلى أن معظم الوظائف والصناعات معرضة جزئيا للعمل آليا، وبالتالي فمن المرجح أن يتم استكمالها بدلا من استبدالها بالذكاء الاصطناعي. كما كشف تقرير هذه الدراسة أن العمل الكتابي سيكون المهنة الأكثر تضررا من الذكاء الاصطناعي التوليدي لقدرته على إنتاج نصوص، صور، أصوات، إضافة إلى رسوم متحركة ونماذج ثلاثية الأبعاد وبيانات أخرى. ويتوقع أن تصبح ربع مهام العمل معرضة بشدة للأتمتة المحتملة. وشدد تقرير الوكالة التابعة الأمم المتحدة من أن تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على العمال المتضررين سيظل قاسيا. وتتوقع الدراسة أن تؤدي العمليات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى ما يقرب من 12 مليون تحول وظيفي في الولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2030. وتعد النساء أكثر عرضة من الرجال بنحو مرة ونصف للانتقال إلى مهن جديدة بسبب الذكاء الاصطناعي، فالأعمال التي يتم الاعتماد على النساء لإنجازها مثل الدعم المكتبي وخدمة العملاء، هي الأكثر عرضة للفقدان بسبب الذكاء الاصطناعي.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المهارات الرقمية لأكثر من 50 بالمائة، بحلول عام 2025، مما يعني أن مستقبل العمل سيتطلب تحسين المهارات وتولي أدوار مختلفة أو جديدة تماما. ويعد الاستعداد لمستقبل العمل أحد المشكلات البارزة في عصرنا، فمع تطور الوظائف تتطور المهارات اللازمة لأدائها.
الذكاء الأصطناعي يهدد النساء في المجتمعات المحافظة
يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً وشيكاً للنساء في المجتمعات المحافظة بسبب الضرر المحتمل الذي قد يلحق بالسمعة من الصور التي ينشئها، حتى لو ثبت لاحقاً أنها كاذبة، يمكن أن تكون له آثار خطيرة وطويلة الأمد على حياة المرأة. وفي المجتمعات المحافظة، فإن الانتشار السريع لمثل هذا المحتوى يمكن أن يسبب ضرراً لا يمكن إصلاحه لمكانة المرأة الاجتماعية وحياتها الشخصية. ويمثل ظهور الصور الفاضحة التي يولدها الذكاء الاصطناعي تحديا جديدا ومثيراً للقلق، خاصة في مناطق مثل الهند وباكستان. وتواجه هذه البلدان، حيث حقوق المرأة في حالة محفوفة بالمخاطر بالفعل، أزمة محتملة مع تزايد قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء محتوى واقعي بشكل مقنع، مما يؤدي إلى آثار ضارة. وينتج عن هذا الاتجاه إلى تفاقم التحديات المجتمعية القائمة التي تواجهها النساء بشكل كبير، مما يؤثر على عملهن، تعليمهن، صحتهن العقلية وسلامتهن الشخصية. كما أن احتمال استخدام هذه التكنولوجيا بشكل ضار لتشويه سمعة المرأة يشكل تهديدا فريدا وحديثا لكرامتها ومكانتها. وفي هذه المجتمعات المحافظة، تتنقل النساء بالفعل عبر شبكة معقدة من التوقعات والقيود الاجتماعية. ويضيف الخوف وإمكانية استهدافهن بمحتوى فاضح ينتجه الذكاء الاصطناعي طبقةً جديدةً من الضعف، مما قد يزيد من تقليص مشاركة المرأة في الحياة العامة والمهنية. ويمكن أن تؤدي الصدمة والتوتر الناجم عن الانتشار المحتمل للمحتوى الصريح الناتج عن الذكاء الاصطناعي إلى تفاقم مشكلات الصحة العقلية، مما يؤدي إلى زيادة حالات الضيق النفسي. ويشكل خطر تزايد العنف، بما في ذلك جرائم الشرف، فيما يتعلق بالنشر المحتمل للصور التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، مصدر قلق كبير في هذه المجتمعات.
والجدير ذكره، فإن المكتب الوطني لسجلات الجرائم في الهند أبلغ عن أكثر من 445256 حالة جرائم ضد المرأة في عام 2022، أي ما يعادل تقديم ما يقرب من 51 تقريراً أولياً في المتوسط كل ساعة. وفي باكستان، تم الإبلاغ عن أكثر من 63367 جريمة على أساس الجنس في العام نفسه. ويشمل ذلك حوادث مروعة لجرائم الشرف، حيث وقعت 1025 امرأة ضحية لهذه الجريمة.
نساء عالمات في الذكاء الاصطناعي
برعت نساء في الذكاء الاصطناعي، وحجزن مكانا متقدما في تطوير تطبيقاته وإدارة مؤسسات تكنولوجية كبرى. يحدث هذا التفوق، رغم النظرة غير المريحة لوضعية تعامل المرأة مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي مقارنة بالرجال.
ومن أمثلة النساء الناجحات والبارعات في هذا المجال المديرة المشاركة لمعهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان (HAI)، وأستاذة علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد “في في لي”، وهي واحدة من أكثر النساء تأثيرا في مجال الذكاء الاصطناعي، اشتهرت بعملها في رؤية الحاسوب والتعرف على الصور، مما أدى إلى إنشاء “إميج نت” (ImageNet)، وهي قاعدة بيانات واسعة النطاق للتعرف المرئي، والتي أصبحت معياراً قياسياً لخوارزميات التعرف على الصور، وقد أدى تطويرها إلى تقدم كبير في مجال رؤية الحاسوب.
أما المثال الثاني لهذا النجاح فهو لعالمة حاسوب أميركية “سينثيا بريزيل” وهي معروفة بعملها في مجال الروبوتات الاجتماعية. كما أنها أستاذة فنون وعلوم الإعلام في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ومديرة مجموعة الروبوتات الشخصية في مختبر الوسائط بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وتشتهر بريزيل بتطوير أول روبوت اجتماعي “كسمت” (Kismet)، والذي صُمم للتفاعل مع البشر بطريقة طبيعية وبديهية. وأدى عملها إلى تطوير مجال الروبوتات الاجتماعية وتطوير الروبوتات التي يمكنها المساعدة في التعليم وعلاج المسنين. وفيما يتعلق بالشخصية الثالثة فهي “بشافي غولدفاسر” عالمة حاسوب معروفة بعملها في نظرية التشفير، مديرة معهد سيمونز لنظرية الحوسبة في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وأستاذة الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وقدمت غولدفاسر مساهمات كبيرة في مجال التشفير، بما في ذلك تطوير إثباتات المعرفة الصفرية والاختراع المشترك لنظام التشفير الاحتمالي المعروف باسم نظام التشفير غولدفاسر ميكالي.
وتُعتبر مهارات الذكاء الاصطناعي واحدة من أكثر المهارات الرقمية المطلوبة اليوم. فقد كشف استطلاع جديد أجري على أكثر من 500 شخص كبير في مجال تكنولوجيا المعلومات أن غالبية هؤلاء (ونسبتهم 67%) يعطون أولوية للذكاء الاصطناعي لأعمالهم خلال الـ18 شهرا القادمة، وأن نحو ثلثيهم (33%) يضعونه أولوية من أولوياتهم الرئيسية.
35 بالمائة من النساء فقط يستخدمن الذكاء الاصطناعي مقابل 54 بالمائة من الرجال
تستخدم 35 بالمائة من النساء الذكاء الاصطناعي فقط مقابل 54 بالمائةمن الرجال، إما في حياتهم المهنية أو الشخصية، ينخفض هذا الرقم إلى وفقا لاستطلاع أجري في وقت سابق. كما يوجد 24بالمائة من الإناث فقط من القوى العاملة في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة في المملكة المتحدة، ونتيجة لذلك قد تشعر النساء بقدر أقل من الثقة في استخدام التكنولوجيا بما فيها أدوات الذكاء الاصطناعي. وكشف تقرير لليونسكو عام 2019 أن النساء لا يمثلن سوى 29 بالمائة من مناصب البحث والتطوير في مجال العلوم على مستوى العالم، وأن احتمالات معرفة كيفية الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في الاستخدامات الأساسية أقل بنسبة 25 بالمائة من الرجال. وارتفعت فيه شعبية تطبيق “شات جي بي تي” منذ إطلاقه، فإنه من الواضح تردد النساء في استخدامه مقارنة بالرجال. وبحسب الدراسة فإن هناك عدة تفسيرات لعزوف النساء عن استخدام الذكاء الاصطناعي منها أن النساء عادة ما يرغبن في الحصول على مستوى عال من الكفاءة في أي شيء قبل الخوض فيه. على عكس الرجال الذين يكونون سعداء بالخوض في الأشياء دون الكثير من الكفاءة. يضاف إلى ذلك خوف المرأة من نظرة الناس إليها بأنها تستخدم الذكاء الاصطناعي لأنها غير مؤهلة بالقدر الكافي ولديها نقص في قدراتها، ولذلك لجأت لبرامج الذكاء الاصطناعي.
ويدرس التعاون بين اليونسكو وبنك التنمية للبلدان الأميركية (IDB) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) آثار استخدام الذكاء الاصطناعي على الحياة العملية للنساء من خلال متابعة المراحل الرئيسية لدورة حياة القوى العاملة عن كثب، بدء من متطلبات الوظيفة وحتى التوظيف، بل وحتى التقدم الوظيفي وتحسين المهارات داخل مكان العمل. ويعد هذا التعاون المشترك مقدمة شاملة للقضايا المتعلقة بالجنس والذكاء الاصطناعي، ويأمل في تعزيز المحادثات المهمة بشأن مساواة المرأة في مجال العمل.
الذكاء الاصطناعي وتمكين المرأة
يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتمكين المرأة، وتزويدها بقدرة أفضل على الوصول إلى المعلومات والخدمات وسبل جديدة للتعليم والمشاركة الاقتصادية. ومن الممكن أن يلعب تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تراعي الفوارق بين الجنسين وإنشاء مساحات أكثر أمانا على الإنترنت دورا حاسماً في حماية حقوق المرأة وكرامتها. يحدث هذا رغم التحديات الكبيرة التي يفرضها سوء الاستخدام المحتمل للمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، فمن المهم أن ندرك أن التكنولوجيا في حد ذاتها ليست ضارة بطبيعتها.
تتطلب مكافحة المخاطر المرتبطة بالمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي بشكل فعال استراتيجية شاملة ومتعددة الأوجه. ويعد تحديث الأطر القانونية، وتعزيز التدريب على إنفاذ القانون، وزيادة الوعي العام خطوات أساسية في هذا الاتجاه. يجب أن تتطور أنظمة إنفاذ القانون التقليدية لتوفير الدعم الفعال للنساء اللاتي يواجهن التهديدات الرقمية والوصول إلى العدالة والموارد اللازمة للتعافي.
يتم التعامل مع تعقيدات العصر الرقمي، لتتماشى التطورات في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مع قيم الإنصاف والعدالة. إن قدرة الذكاء الاصطناعي على تعميق الفجوة بين الجنسين في الهند وباكستان هي تذكير صارخ بالحاجة إلى اليقظة واتخاذ التدابير الاستباقية. إن ضمان ألا يأتي التقدم التكنولوجي على حساب حقوق المرأة وسلامتها مسؤولية جماعية. أما ما يخص الأطر القانون، فإنها تزداد معالجة التحديات التي يفرضها المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي في الهند وباكستان تعقيداً بسبب الأطر القانونية غير الكافية والحواجز المجتمعية. وتكافح قوانين مثل قانون تكنولوجيا المعلومات الهندي وقانون منع الجرائم الإلكترونية الباكستاني من أجل مواكبة التقدم السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. في باكستان، 72 في المائة من النساء لا يعرفن كيفية الإبلاغ عن العنف عبر الإنترنت، و45 في المائة، يعتقدن أنه من المحرج الإبلاغ عن التحرش ويفترضن أن الدولة لن تكون قادرة على حماية حقوقهن. وفي الهند، تعكس الزيادة في الشكاوى المجهولة بشأن الجرائم الإلكترونية ضد النساء والأطفال في الهند – من 17460 في عام 2020 إلى 56102 في عام 2022 – الصعوبات التي تواجهها النساء في السعي إلى العدالة والحاجة إلى هياكل قانونية واجتماعية أكثر دعماً.
إعداد: خضرة. ع