
في خطوة تحمل دلالات قوية على توجه الذكاء الاصطناعي نحو القطاعات المتخصصة، أعلنت شركة “أنثروبيك” عن إطلاقها لأداة تحليل مالي ذكية, تعتمد على تقنيات نماذجها المتقدمة, بهدف دعم شركات المال والاستثمار في اتخاذ قرارات دقيقة وسريعة.
وتستهدف هذه المبادرة القطاع المالي بشكل مباشر، وهو ما يعد أول دخول من نوعه لأنثروبيك في مجال يزداد احتياجه إلى أدوات قادرة على فهم وتحليل كم هائل من البيانات المتغيرة.
الفكرة الجوهرية التي تقوم عليها الأداة الجديدة هي القدرة على جمع المعلومات المالية من عدة مصادر موثوقة ومتنوعة في وقت واحد، مثل قواعد بيانات الأسواق والاستثمارات والتحليلات الاقتصادية. ما يمكّن المحللين من الوصول إلى صورة أوضح وأكثر شمولًا عن السوق.
وبدلًا من إضاعة الوقت في البحث بين منصات متفرقة، تعمل الأداة على توحيد هذه البيانات وتقديمها بشكل مبسط وسريع.
هذه الخدمة الجديدة، والتي تعد نسخة مخصصة من منصة تحليل البيانات التابعة لأنثروبيك، لن تكون متاحة للجمهور العام، بل ستكون مقتصرة على العملاء المهنيين الذين يمتلكون اشتراكات رسمية في قواعد البيانات المالية المتخصصة.
وبهذا الشكل، فإن الأداة لا توفر محتوى خارج حدود التراخيص التي يمتلكها المستخدم، لكنها تقدم بديلاً أكثر ذكاءً للبحث التقليدي، بحيث يستطيع المحلل طرح سؤاله دون الحاجة إلى التنقل بين مصادر متعددة.
نقلة في أدوات التحليل المالي وتحولات السوق
ترى الجهات العاملة في أسواق المال أن هذا النوع من الأدوات يمكن أن يشكل نقلة كبيرة في مستوى الكفاءة التشغيلية داخل المؤسسات المالية.
فالمحلل الذي كان يحتاج ساعات لتجميع بيانات ومقارنتها أصبح بإمكانه الآن الاعتماد على نموذج ذكي لفعل ذلك في دقائق.
ومن هنا، فإن العائد المتوقع من اعتماد هذه التقنية قد يكون مرتفعا سواء من حيث الوقت أو دقة النتائج، وهو ما يفتح الباب أمام تغيرات جوهرية في طريقة عمل أقسام التحليل والبحوث داخل المؤسسات المالية الكبرى.
وبحسب مسؤولي الشركة، فقد اختارت أنثروبيك هذا القطاع تحديدًا بسبب ارتفاع الطلب على أدوات ذكية قادرة على التعامل مع الكم الضخم من المعلومات التي تحتاجها المؤسسات لاتخاذ قرارات استراتيجية.
وتوضح كيت جينسن، المسؤولة عن الإيرادات في الشركة، أن التفكير في “تحويل القوى العاملة” باستخدام الذكاء الاصطناعي ليس مجرد حلم مستقبلي، بل أصبح واقعًا قابلاً للتطبيق في قطاعات بعينها، والمال أحد أبرزها.
النتائج المحتملة وتغيرات المشهد المهني
ورغم الفوائد الكبيرة المتوقعة من هذه الخطوة، إلا أن بعض التحليلات تشير إلى أنها قد تحدث تأثيرات جانبية، خاصة فيما يتعلق بوظائف العاملين في المستويات الأولى من التحليل المالي.
إذ إن القدرة على الحصول على إجابات فورية من أداة ذكية قد تقلل من الحاجة إلى فرق كبيرة من المبتدئين، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة الوظائف التي ستبقى مستقبلا.
مع ذلك، يبقى من الواضح أن المؤسسات المالية الكبرى لن تتردد في تبني هذه التقنيات، لأنها تتيح لها التفوق التنافسي وتعزز من سرعة الاستجابة لمتغيرات السوق.
كما أن التعاون مع شركات الذكاء الاصطناعي، رغم ما قد يسببه من تراجع في الاعتماد على المنصات الداخلية التقليدية، يفتح المجال أمام ابتكارات تساهم في إعادة تعريف طريقة العمل المالي برمّته.
إن دخول “أنثروبيك” إلى هذا المجال لا يبدو خطوة مؤقتة، بل بداية لعصر جديد يتداخل فيه الذكاء الاصطناعي مع التحليل المالي بشكل عميق.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله