الحدث

الاجتماعات السنوية للمنتدى الإفريقي للإدارة الجبائية

توحيدجهود الدول الإفريقية والإدارات الجبائية لبلوغ النجاعة

أبرز وزير المالية، السيد “عبد الكريم بوالزرد”، اليوم  الثلاثاء، بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” (الجزائر العاصمة)، خلال إشرافه على مراسم الافتتاح، أشغال الاجتماعات السنوية للمنتدى الإفريقي للإدارة الجبائية التي تتواصل إلى غاية 7 نوفمبر الجاري، تحت شعار “اعتماد مقاربات فعالة ومصوبة من أجل أنظمة جبائية منصفة“، أهمية الإدارة الجبائية في تحقيق أهداف التنمية في إفريقيا، مشددا على أهمية تضافر جهود دول القارة في هذا المنحى.

 

وأكد السيد الوزير في ذات السياق، وذلك بحضور عدد من أعضاء الحكومة، مسؤولي منظمات، أرباب العمل، وممثلين عن الإدارات الجبائية الإفريقية، أن “هذا المنتدى يمكنه لعب دور كبير في توحيد جهود الدول الإفريقية والإدارات الجبائية لبلوغ النجاعة والأهداف التي تمكن من إدارة التطور والتنمية بصفة متوازنة وخاصة في إطار العدالة الاجتماعية”. مشيرا بالمناسبة، إلى أهمية الإدارة الجبائية لمختلف دول العالم، “خاصة الدول الإفريقية التي ما تزال في طور التنمية والبحث عن سبيل لاختصار الطريق وبلوغ الأهداف”.

أما رئيس المنتدى، السيد “إدوارد كييسويتر”، دعا إلى توحيد الجهود لتحقيق رؤية أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 لقارة متكاملة، مزدهرة ومستقلة ماليا، تحقق الكرامة والازدهار لكل مواطن إفريقي، مبرزا الثروات الطبيعية “الهائلة” والعقول “المبدعة” التي تزخر بها القارة، مثمنا في الوقت نفسه، التقدم الملموس المحرز من طرف العديد من الدول الإفريقية في مجال التحول الرقمي للأنظمة الضريبية، ومكافحة التدفقات المالية غير المشروعة.

مشيرا إلى أن هذا الأمر قد ساهم في استعادة مليارات الدولارات التي تعود ملكيتها للشعوب الإفريقية، وهي “إنجازات تعد خطوة جوهرية نحو تمويل التنمية من الداخل”. كما أكد أيضا أن المرحلة المقبلة تتطلب بناء أنظمة جبائية عادلة، تضمن مساهمة الأثرياء والشركات الكبرى بنصيبهم العادل من الضرائب، وتحمي أصحاب الدخل المحدود والمشاريع الصغيرة، مع تعزيز التعاون الإفريقي والدولي لمكافحة تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح إلى الخارج.

من جهتها، الأمينة التنفيذية للمنتدى، السيدة “ماري باين”، أكدت على الدور المحوري للإيرادات الجبائية في تمويل التنمية المستدامة في إفريقيا، مشددة على ضرورة الانتقال من الخطاب إلى الفعل ومن التحليل إلى الحلول العملية ذات الطابع الإفريقي، مشيرة بوجه خاص إلى أن التنمية في إفريقيا لن تتحقق إلا بقدرة الدول على تعبئة مواردها المالية وإدارتها بعدالة وفعالية وشفافية، مبرزة أن الامتثال الجبائي يجب أن يبنى على الثقة لا على الخوف، وأن التكنولوجيا والرقمنة أصبحت أساسية لتحقيق الكفاءة والعدالة في التحصيل.

وفي سياق متصل، ذكرت نفس المتحدثة أن متوسط نسبة الضرائب إلى الناتج الداخلي الخام في إفريقيا بلغ 15 بالمائة خلال السنوات الـ 11 الماضية، وهو “أقل بكثير من الدول المتقدمة حيث تتجاوز 20 بالمائة”، لافتة إلى أن الضرائب غير المباشرة (خاصة ضريبة القيمة المضافة) تمثل حوالي 30 بالمائة من إجمالي الإيرادات، “لكن فقط 5 دول من أصل 39 تحقق نصف إمكانياتها الحقيقية من هذه الضريبة”.

كما أفادت في ذات السياق، أن المنتدى أطلق مبادرة “خيار الإيرادات من أجل التنمية في إفريقيا”، التي تهدف إلى مساعدة الدول الإفريقية على تحصيل ما يصل إلى 10 مليار دولار إضافية بحلول عام 2030، وتعزيز التحول الرقمي للإدارات الجبائية. وبخصوص التطور الرقمي، أوضحت أن البيانات أصبحت بمثابة “النفط الجديد” وأن الذكاء الاصطناعي هو أداة من شأنها كشف التلاعب وتحسين التحصيل بشكل استباقي، مع ضرورة تحسين جودة البيانات الرقمية الوطنية، لافتة إلى أن الدراسات تؤكد أن رقمنة الأنظمة الجبائية يمكن أن ترفع الإيرادات بما يصل إلى 3 نقاط مئوية من الناتج الداخلي الخام.

للإشارة، تتضمن أشغال المنتدى حول مواضيع ذات أهمية استراتيجية، على غرار “التحول الرقمي للإدارات الجبائية”، “مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة”، “تآكل الوعاء الضريبي”، “إصلاح النظام الجبائي الدولي”، “التحديات التي يفرضها الاقتصاد الرقمي”، “توسيع الوعاء الضريبي” و”تعزيز الجباية كوسيلة لتمويل أهداف التنمية المستدامة”.

حيث يعتبر هذا اللقاء منصة لتعزيز الأجندة الإفريقية المشتركة في مجال تعبئة الموارد المحلية بشكل مستدام وتحسين الحوكمة الضريبية، ودفع النمو الاقتصادي الشامل، وأيضا فرصة لتبادل الخبرات وتعميق الحوار حول سبل تعزيز قدرات القارة في تمويل تنميتها الذاتية وتحقيق تحول مستدام.

وحسب المنظمين، فإن هذا اللقاء يهدف بشكل خاص إعداد خارطة طريق مشتركة لمواجهة التحديات الجبائية الراهنة وتعزيز الامتثال الضريبي، واستغلال الفرص التي يتيحها تطور المشهد الجبائي العالمي، فضلا عن إيصال صوت إفريقيا داخل الهيئات الدولية، خاصة في ظل السياق العالمي المتغير الذي تتزايد فيه الضغوطات على المالية العمومية، بحيث تبرز فيه الجباية الحديثة كركيزة أساسية لتمويل التنمية المستدامة بالقارة.

وفي سياق متصل، انطلقت الجلسات المغلقة لهذا اللقاء أول أمس، وذلك بعقد اجتماعات للجنة التقنية، تضمنت محاور “الضرائب الدولية” و”تبادل المعلومات” و”الضرائب المباشرة وغير المباشرة” و”الإدارة الضريبية”، إلى جانب اجتماع “مجلس إدارة شبكة النساء المحاسبات التابعة للمنتدى”.

وعليه، فقد تضمن برنامج اليوم الأول خلال الفترة الصباحية، جلستين رئيسيتين: الأولى حول “تطور الحوكمة الضريبية العالمية ومساهمة إفريقيا في تعزيز التعاون الضريبي الدولي” والثانية حول “تأثير التحولات الديموغرافية السريعة”، على غرار النمو السكاني والتحول الرقمي على الأنظمة الجبائية وكيفية التعامل مع القوى العاملة المتنقلة عبر الحدود. أما في الفترة المسائية، تم تنظيم جلستين أخريين، تناولت الأولى “استراتيجيات تعزيز الامتثال الضريبي في القطاع غير الرسمي والفئات الثرية والأشخاص الذين يصعب تتبع إيراداتهم وأصولهم” فيما ناقشت الثانية “”تفاعل إفريقيا مع آليات تسعير الكربون العالمية كوسيلة لتعزيز التنمية المستدامة والحد من آثار تغير المناخ.

للإشارة، تأسس المنتدى الإفريقي للإدارة الجبائية في نوفمبر 2009، ويمثل فضاء للحوار والتشاور حول سبل تحسين الأنظمة الجبائية في إفريقيا ويهدف إلى تعزيز فعالية الإدارات الجبائية ودعم تعبئة الموارد الوطنية لدفع النمو الاقتصادي بالقارة، حيث انضمت الجزائر إلى المنتدى الذي يضم حاليا 44 دولة، سنة 2024 كعضو رقم 43، وذلك في إطار رؤية طموحة لتعزيز قدرات إدارتها الجبائية في مجال تعبئة الإيرادات ومكافحة الغش والتهرب الجبائيين والتدفقات المالية غير المشروعة، وكذا المساهمة في إيصال الموقف الإفريقي بصوت موحد بشأن التحديات الجبائية الدولية. كما أن الاجتماعات السنوية الأخيرة للمنتدى الذي يوجد مقره بجنوب إفريقيا، كانت قد عقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي في نهاية سنة 2024.

للتذكير، حضر مراسم افتتاح أشغال الاجتماعات السنوية للمنتدى الإفريقي للإدارة الجبائية، عدد من أعضاء الحكومة وإطارات من قطاع المالية وممثلين عن منظمات أرباب العمل، إلى جانب وفود الإدارات الجبائية الإفريقية الأعضاء في المنتدى وخبراء دوليين وممثلين عن منظمات دولية مختصة في الشأن الجبائي.

هشام رمزي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى