
إعداد: ياقوت زهرة القدس بن عبد الله
يشهد عالمنا الرقمي تحولاً جذرياً في طريقة التعبير عن المشاعر، حيث لم تعد العواطف مجرد حالات نفسية داخلية، بل تحولت إلى بيانات رقمية يتم تبادلها وتحليلها واستثمارها. هذا التحول يفرض علينا إعادة النظر في مفهوم المشاعر الإنسانية في عصر التكنولوجيا.
مفهوم الإنترنت العاطفي
يشير الإنترنت العاطفي إلى تحويل المشاعر الإنسانية إلى كيانات رقمية يمكن تخزينها وتحليلها. فكل نقرة “إعجاب” أو تعليق أو مشاركة تمثل شكلاً من أشكال التعبير العاطفي الذي يتم تسجيله وتحليله. تقوم منصات التواصل الاجتماعي بتحويل هذه التفاعلات إلى بيانات قابلة للقياس، مما يخلق سوقاً جديداً للمشاعر الرقمية.
مظاهر التحول العاطفي الرقمي
أصبحت المشاعر تُقاس كمياً بعدد الإعجابات والتعليقات والمشاركات. فعندما يشارك شخص منشوراً حزيناً، تظهر له فوراً إعلانات عن خدمات الدعم النفسي. وعندما يعبر عن فرحه بإنجاز ما، تتوالى عليه عروض المنتجات المرتبطة بمناسبات الفرح. هذه الديناميكية تخلق حلقة رقمية من الاستجابة العاطفية والتسويق المستهدف.
التأثير على العلاقات الإنسانية
أدت هذه الظاهرة إلى تغير جذري في طبيعة العلاقات الاجتماعية. فبينما كان الناس يعبرون عن مشاعرهم وجهاً لوجه في الماضي، أصبح التعبير الرقمي هو السائد اليوم. هذا التحول يفرض تحديات جديدة على قدرتنا في الحفاظ على الصداقات الحقيقية خارج العالم الافتراضي.
الاستثمار التجاري في المشاعر
تقوم الشركات التقنية بتحليل بياناتنا العاطفية لتقديم محتوى وإعلانات أكثر تخصيصاً. فعندما يعبر المستخدم عن حزنه، قد يحصل على إعلانات عن كتب مساعدة ذاتية. وعندما يظهر سعادته، قد تظهر له عروض سفر أو منتجات ترفيهية. هذه الآلية تحول المشاعر إلى سلعة قابلة للاستثمار والتسويق.
التوازن بين العالمين
يواجه المجتمع مهمة صعبة في الحفاظ على التوازن بين التعبير العاطفي الرقمي والتفاعل الإنساني الحقيقي. فبينما يقدم الإنترنت العاطفي فرصاً جديدة للتواصل، إلا أنه يفرض علينا أيضاً الحفاظ على جوهر مشاعرنا الإنسانية خارج الإطار الرقمي. المستقبل سيتطلب وعياً أكبر بكيفية استخدام هذه الأدوات دون فقدان الصلة بالواقع