
قدّمت الإذاعة الجزائرية يوم أمس، هبة رمزية تتمثل في 687 قرص مضغوط من أرشيفها الخاص بالثورة التحريرية المباركة إلى وزارة المجاهدين وذوي الحقوق تزامنا والاحتفال باليوم الوطني للذاكرة الذي يوافق الذكرى الـ 77 لمجاز الثامن ماي 1945، في إطار مساهمتها في حفظ الذاكرة الوطنية.
بالنادي الثقافي عيسى مسعودي، سلّم المدير العام محمد بغالي إلى وزير المجاهدين وذوي الحقوق هبة الإذاعة الجزائرية المتمثلة في حصة هامة من الأقراص المضغوطة تحمل تسجيلات أصلية ونادرة وذات قيمة تاريخية وعلمية لشهادات حية تاريخية وتحقيقات وثائقية حول عديد الأحداث والمعارك والمجازر التي شهدتها مختلف مناطق الوطن إبان الثورة التحريرية المجيدة بالإضافة إلى بورتريهات وسير تُعرّف بشهداء قياديين وأبطال كانت لهم بصمة في المسار الثوري والتحريري للجزائر وذلك بحضور وزير الاتصال محمد بوسليماني والأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية والرئيسة المديرة العامة للوكالة الوطنية لنشر والإشهار والمدير العام لوكالة الأنباء الجزائرية والمدير العام لمؤسسة اليث الإذاعي والتلفزي والأستاذ أحمد بجاوي.
وستمكن هذه التسجيلات الباحثين والمؤرخين من مادة ذات قيمة عالية في كمها ومحتواها، كما أكده المدير العام للإذاعة الجزائرية الذي وصف الجهد الذي بُذل في تجميعها وأرشفتها وفهرستها بالخرافي.
من جانبه، ثمن وزير المجاهدين وذوي الحقوق مبادرة الإذاعة الجزائرية، مضيفا أنها قامت بمجهودات جبارة ساهمت بطريقة فعالة لتكريس الاتفاقية التي وقعت بين وزيرالمجاهدين وذوي الحقوق والإذاعة الجزائرية والتي تصادف اليوم الوطني للذاكرة وإحياء ذكرى مجازر الثمن ماي 1945، مضيفا أن هذا الرصيد من الشهادات الحية سيضاف إلى الرصيد الهام الذي بحوزة وزارة المجاهدين وذوي الحقوق والذي يقارب 29 ألف ساعة من التسجيلات ما يعادل 36 ألف شهادة حية.
من جهته، عبر وزير الاتصال عن فخره واعتزازه لانتمائه إلى هذا الوطن مشيرا إلى أن التاريخ شاهد على ما حدث في الجزائر خلال فترة الاستعمار الغاشم لذلك وأنه بفضل تضحيات الشهداء والمجاهدين نحتفل اليوم بذكرى مجازر 8 ماي 1945.
شيخي: مجازر 8 ماي كان مخططا لها والرقم قد يصل 90 ألف شهيد
أكد مستشار رئيس الجمهورية المكلف بملف الذاكرة والأرشيف عبد المجيد شيخي، أن أحداث 8 ماي كان مخططا لها، كاشفا عن بعض التقديرات التي تتحدث عن وقوع 90 ألف شهيد.
وصرح شيخي، بمناسبة ذكرى الثامن ماي 1945 إن بعض المصادر الأمريكية تحدثت عن وقوع 90 ألف شهيد نظرا لهول المجازر المرتكبة في تلك الفترة، وحسب المتحدث ذاته، فقد تم الإعداد لهذه الأحداث قبل الثامن ماي بسنة تقريبا، بعد استنفار الجيوش الفرنسية في تونس والمغرب ورفع مستوى التدريب.
وأضاف في نفس السياق، الجيش الفرنسي كان يعلم بأن شيئا ما سيقع لذلك استقطبوا الجنود من خارج الجزائر والعملية مخطط لها.
وفي هذا الصدد، اعتبر المكلف بملف الذاكرة أنه سيأتي اليوم لا محالة الذي تعترف فيه فرنسا بجرائمها، وسيعطي التاريخ لكل ذي حق حقه.
الحرص على ملف الذاكرة ينبع من تقدير الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التاريخي
أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن مجازر 8 مايو 1945 كانت مرحلة فاصلة في تاريخ الأمة الجزائرية، مبرزا أن حرصه على ملف التاريخ والذاكرة ينبع من تقديرِ الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التاريخي، باعتبارِه أحد المقومات التي صهرت الهوية الوطنية.
وتابع أن هذا الحرص، ينأى عن كل مزايدة أو مساومة لصون ذاكرتنا ويسعى في نفس الوقت إلى التعاطي مع ملف الذاكرة والتاريخ بنزاهة وموضوعية في مسار بناء الثقة وإرساء علاقات تعاون دائمٍ ومثمر يضمن مصالح البلدين إطار الاحترام المتبادل.
وشدد رئيس الجمهورية بالمناسبة، على ضرورة رص الصفوف، لمعالجة أَوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية بالفعالية والسرعة المطلوبتين وللتفاعل مع العالم الخارجي وما تفرزه التوترات والتقلبات المتلاحقة، بجبهة داخلية متلاحمة تعزز موقع ومكانة الجزائر في سياق التوازنات المستجدة في العالم.
وأوضح، أنه من شأن هذه الجبهة الداخلية أن تحبط نوايا الاستفزاز والمغالطات العدائية التي قال أنها “لن تثني الجزائر عن الخيارات الكبرى والتوجهات الاستراتيجية، سواء تعلق الأمر بالمسارات التي اعتمدتها لتحقيق وتيرة متصاعدة في مجال التنمية المستدامة أو تعلق الأمر بالرؤية التي نتبناها في سياستنا الخارجية للدفاع عن مصالحنا واسترجاعِ ما تستحقه الجزائر من القوة والهيبة المستمدتين من تاريخها العريق المجيد ومن وحدة شعبها ومن مقدراتها ومواردها ومن إرادتها في توطيد علاقات متوازنة مع شركائها في المنطقة وفي العالم.
وأشار بالمقابل، إلى أن هذه الرؤية تدعو إلى إعلاء صوت الحق وإلى الوقوف إلى جانب القضايا العادلة وتجعل من بلادنا عامل توازن واستقرار في المنطقة.
وفي سياق متصل، صرح رئيس الجمهورية أن تاريخنا المجيد مناط فخرنا ومصدر عزتنا وملهم الأجيال على مر العصور، يزداد إشعاعا ورسوخا في الوجدان كلما اشتد حقد الذين لم يتخلصوا من تطرفهم وارتباطهم المزمن بالعقيدة الاستعمارية البالية البائسة، والذين لم تعلمهم خيباتهم الكف عن محاولات حجب حقائق التاريخ بالتضليل أو الدفعِ إلى النسيان.
واعتبر، أن الفظائع التي عرفتها سطيف وقالمة وخراطة وغيرها من المدن في الثامن من ماي 1945، ستبقى تشهد على مجازر بشعة لا يمكن أن يطويها النسيان، بل ستظل محفورة بمآسيها المروعة في الذاكرة الوطنية وفي المرجعية التاريخية التي أسس لها نضال شعبِنا الأبي ضد ظلمِ الاستعمار.