
استقطبت وعـدة الولى الصالح سيدي أمحمد الواسيني التي احتضنتها مدينة مغنية على مدار اليومين الماضيين وفودا غفيرة من مواطنى ولاية تلمسان وحتى الجهة الغربية من الوطن، إذ لم ينقطع السكان على إقامتها منذ قرون مهما كانت ظروفهم لما لهذه المناسبات من دور في ربط حاضرهم بماضيهم كما يؤكد على ذلك منظمو هذه الاحتفاليات.
حيث عاش سكان بلدية مغنية وبلدياتها المجاورة أجواء من الفرجة طبعتها فعاليات إحياء وعـدة الولي الصالح الذي يقترن اسمه بالمنطقة وهو الموعد التي يضربه كل سنة في مثل هذه الأيام سكان الجهة وغيرهم من الضيوف القادمين من كل حدب وصوب من ربوع الجزائر خاصة من الجهة الغربية على غرار، تلمسان، سيدي بلعباس، تيارت، عين تموشنت…وغيرها، الذين اعتادوا على تبادل الزيارات في مثل هذه المناسبات للمشاركة بفرسانهم وزيارة ضريح الولي الصالح سيدي أمحمد الواسيني الذي ولد في حدود سنة 1771 بالسهل الخصب الممتد على أطراف نهر مويلح ونهر تافـنـة وينحدر نسبه من بني مرين، بنو ورتاجن، بن ماخوخ، بن فاتن، بن يذر، بن يخفث، بن عبد الله، بن ورتنيص، بن المعز، بن إبراهيم، بن سحيق، بن واسين (هؤلاء هم إخوة بني يلومي ومديونة وهم خمسة بطون – بنو عبد الواد، وتوجين، ومصاب، وبنو زردال، وبنو راشد بن محمد)، حسب ما ورد في كتاب تاريخ العرب والبربر وزناتة لابن خلدون “الجزء الرابع” الذي أهداه على المستنصر أبي العباس الذي تولى إمارة تونس ما بين سنة (772 هـ إلى 792 هـ )، وينسب سيدي أمحمد الواسيني إلى سحيق بن واسين، ابن ازليتن، ابن ماسرة، ابن زكية، ابن جراوة، ابن عدلت، ابن شانة (الذي هو أب زناتة الذي ينسب إلى كنعان بن حام) الذين سكنوا التل الجزائري في القرن الثاني عشر، وذلك حسب الدراسة التاريخية للشيخ أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الورتلاني المتوفي سنة 570 هــ / 1175 هــ، وفي الترجمة التاريخية للقرن الرابع عشر يوجد الولي الصالح سيدي طلحة (الذي جاء من مكة وحط رحاله على ضفاف واد واردفـوا)، وكان لهذا الأخير أربعة من الولد هم أصول العروش الموجودة بالمنطقة من بينهم عبد الله (الذي جاء من نسله أولاد عبد الله) أبو سيدي أمحمد الذي هو أب فرقة بني واسين، إذ يعد المغفور له مؤسس ومؤطر شعوب ما بين سلطنة زناتة على حدود وادي صفا وملوية، حيث أقام بها إقامة هادئة ومستمرة رفقة أهله وذويه ومن انطوى تحت سلطانه وقد أنعم الله عليه من الماشية والأنعام والأحصنة مما زاده في الجاه والسلطان والنسب وقد كان من حفظة القرآن الكريم والدعاة والصالحين مما أكسبه وقارا وولاءا لدى قبائل واسين واحياها، وقد توفي رحمه الله سنة 1846 م ويعـد ضريحه مقاما صالحا موقرا ومزارا سنويا.
هـذا وتكفل خلال إقامة هذه الوعدة أحفاد الولي الصالح وعرش بني واسين من سكان بلدية مغنية بنصب الخيم المكان المخصص لتلاقي الجميع كما تقوم جماعات بتلاوة القرآن الكريم وتشكل لجان مسؤولة على إطعام الزوار، والمميز في هذه المناسبة تنظيم ممارسات تجارية لشتى الأواني والملابس التقليدية وإقامة فنتازيا الفروسية التي تستقطب جمعا غفيرا من سكان الجهة وغـيرهم من الزوار، وما ميز الوعدة هذه السنة هو تنظيم نشاطات رياضية فلكورية وثقافية وألعاب رياضة العصي.
بوحسون عـبد الحميد عضو جمعية الزاويـة: “الوعــدة مناسبة لربط حاضر المغناوة بماضيهم“
وفي الصدد أكـد السيد “بوحسون عبد الحميد” عضو بجمعية زاوية الوالي الصالح سيدي أمحمد الواسيني ـ الحاجة مغنية ـ بأن كل الظروف كانت مواتية لإنجاح هذه التظاهرة الثقافية الشعبية لإستقبال الضيوف التي سخرت من طرف مصالح البلدية التي جهزت العدة من كهرباء وماء على مدار 24 سا/ 24 سا وتنظيف المحيط، كما تكفلت الأجهزة الأمنية من رجال الدرك والشرطة بالسهر على أمن وسلامة الوافدين إلى الوعــدة خاصة على مستوى الطرقات المؤدية إلى سيدي أمحمد الواسيني، مضيا في سياق حديثه لــ “الــبـديـل” على هامش إحياء هذه التظاهرة الشعبية أن وعـدة الولي الصالح “سيدي أمحمد الواسني” التي عرفت مشاركة 15 عـلـفـة أي ما يعادل 180 فارس من سعيدة، البيض، تيارت، مستغانم…وغـيرها هي من أكبر هذه المواعيد التقليدية التي تشهدها منطقة مغنية على مستوى ولاية تلمسان لما تستقطب من زوار من مختلف أنحاء الوطن، حيث يتم تنظيم هذه الوعــدة دائما مع الأسبوع الأخير لشهر أوت، غير أن هذه السنة تم تأخيرها استثناء مع الدخول الاجتماعي، ويكون اليوم الأول منها حسب التقاليد نصب الخيمة بمشاركة كل العروش المشكلة لمنطقة مغنية وفي مقدّمتهم عـرش “بني واسين” مع إقامة سهرة دينية تتخللها تلاوة القرآن الكريم ومواعظ دينية ينشطها فقهاء في الدين وأئمة من مساجــد مغـنية، حيث تستقطب هذه الوعدة سنويا عشرات الآلاف من المواطنين الذين يتابعون المدائح الدينية ويستمتعون بألعاب الفروسية كما تعتبر ملتقى للأهالي والأحباب ومقصدا للترحم والتبرك، حيث أن التظاهرة الثقافية هذه التي تمتد جذورها إلى زمن بعيد، كان يلتف حولها الشعـراء والمداحون والزمّـارون، الذين كانوا يحوّلون التظاهرة إلى عرس حقيقي تحدوه الألفة والأخوة وصفاء النفس قد تدوم حسب منظميها إلى أسبوع كامل، إذ تبدأ قوافـل الناس تتوافد على منطقة مغنية مع بداية الأسبوع، الذين يأتون لصلة الأرحام من جهة والتبرك بضريح الولي الصالح سيدي أمحمد من جهة أخرى والترحم عليه، كــما تـعـتـبـر هذه الوعدة المخلدة من أكبر التظاهرة الثقافية بالمنطقة وطابعا موروثا أبا عن جدّ لعرش أولاد سيدي أمحمد الواسني، ولما تحمله هذه العادة الحميدة من بعـد روحي وحضاري اتخذ منها سكان مغنية عامة وبني واسين خاصة وأقـربائهم موعدا للقاء والتزاور والتشاور بين كبار العرش والتصالح بتجديد العلاقات بين أفراد العرش الذي حافظ عـنه الأهالي بنسقه وطقوسه عـبر العصور رغم التقدم الحضاري في ظل المعلوماتية وتبادل الثقافات والعولمة الشاملة، فضلا عن معايشة فنطازيا الخيول والبارود التي يشارك فيها العشرات من الفرسان الذين يأتون من مختلف الولايات بزيّهم التقليدي المتمثل في البرنوس الجريدي والسروال العربي والشاش “القـنار” المصفف بالخيط والبندقية ليسحروا الألباب بعروضهم الرائعة أو ما يسمى في الكثير من المناطق “بالعلفة”، وما يزيد المشاهد روعة وجمالا هي تلك الزغاريد المنبعثة من هنا وهناك تعبيرا عن الفرحة التي أحالت الوعـدة إلى عرس حقيقي يسوده النظام والاحترام المتبادلين فضلا عن حفاوة استقبال الأهالي لضيوفهم والعابرين من شيوخ العرش والوفود الحاشدة في كل بيت تأكيدا على الكرم الطائي الفياض، حيث لا يخلو بيت من الضيوف ونظرا لازدحام الوافدين تنصّب الخيم في كل مكان عـبر الساحات، حيث تفرش البسط وتصف الموائد وتحضر جفان الكسكس واللحم الشهي فيأكل الجميع هنيئا وشربوا مريئا، كما أن هذه الوعـدة التي يقصدها أبناء المنطقة والزوار من مختلف ولايات الوطن ليست فرصة للقاء والتعارف والتزاور والمصاهرة فقط، وإنما كانت مكانا للكثير من القضايا التي لا تذهب إلى العدالة يتم حلها وديا بين كبار العروش لاسيما تلك الخلافات التي تحدث في أغلب الأحيان على الحرث والحدود العرشية والاختلاف بين العائلات في مسألة ورث أو طلاق، هذا وقد أجمع الحضور من شيوخ القبائل الذين أتوا من مختلف مناطق ولايات الوطن على نجاح هذه التظاهرة التي تميزت بتوطيد روابط الأخوة. وفي الصدد أكـد السيد “بوحسون عبد الحميد” عضو بجمعية زاوية الوالي الصالح سيدي أمحمد الواسيني ـ الحاجة مغنية ـ بأن كل الظروف كانت مواتية لإنجاح هذه التظاهرة الثقافية الشعبية لإستقبال الضيوف التي سخرت من طرف مصالح البلدية التي جهزت العدة من كهرباء وماء على مدار 24 سا/ 24 سا وتنظيف المحيط، كما تكفلت الأجهزة الأمنية من رجال الدرك والشرطة بالسهر على أمن وسلامة الوافدين إلى الوعــدة خاصة على مستوى الطرقات المؤدية إلى سيدي أمحمد الواسيني، مضيا في سياق حديثه لــ “الــبـديـل” على هامش إحياء هذه التظاهرة الشعبية أن وعـدة الولي الصالح “سيدي أمحمد الواسني” التي عرفت مشاركة 15 عـلـفـة أي ما يعادل 180 فارس من سعيدة، البيض، تيارت، مستغانم…وغـيرها هي من أكبر هذه المواعيد التقليدية التي تشهدها منطقة مغنية على مستوى ولاية تلمسان لما تستقطب من زوار من مختلف أنحاء الوطن، حيث يتم تنظيم هذه الوعــدة دائما مع الأسبوع الأخير لشهر أوت، غير أن هذه السنة تم تأخيرها استثناء مع الدخول الاجتماعي.
ع. أمـيـٍر