
تشهد مختلف أحياء المدن إنتشارا واسعا لقاعات الألعاب ترتادها مختلف الفئات من شباب أطفال ومراهقين يجمعهم جو المنافسة وحب المغامرة التي تصنعه ألعاب الفيديو، غير مبالين بالمال ولا بالوقت الذي يهدرونه لساعات أمام هذه الأجهزة التي تنقلهم إلى العالم الافتراضي عالم الخيال والمغامرة متناسين في نفس الوقت عالم الرسومات المتحركة التي كانت بالأمس الوجهة المفضلة للأطفال وحتى للمراهقين لما تحمله من قيم نبيلة تستدعي الانتباه.
ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة إرتأت جريدة (البديل) أن تقوم بجولة استطلاعية لبعض القاعات المتواجدة في وسط أحياء مدينة وهران حيث لا حظنا وجود عدد كبير من الأطفال والمراهقين الكل مشدود إلى هذا العالم لم نسمع سوى صوت الرصاص والقنابل وأزير الطائرات، لا مجال للحديث مع أحدهم أثناء اللعب أي حركة أو إزعاج قد يؤدي إلى القضاء عليه طبعا داخل اللعبة. وإذا إفترضنا أن الشباب والمراهقين تدفعهم إلى أشياء كثيرة، مشاكل نفسية اجتماعية ، للهروب من واقعهم والولوج إلى عالم الألعاب لإفراز مكبوتاته، فما الذي يدفع الطفل إلى الدخول إلى هذا العالم المليء بالعنف.
قضاء أكثر من ساعتين أمام اللعبة
أكد أصحاب القاعات التي زرناها أن جل الذين يمارسون هذه اللعبة هم مراهقون أو أطفال أقل من 16 سنة، ويقول (عبد القادر) وهو صاحب قاعة الألعاب أنهم يقضون أكثر من ساعتين أمام اللعبة وهو لا يستطيع منعهم، لأن أغلبهم يأتون بعلم أوليائهم، من القصص الهادفة إلى الألعاب الهادمة، لم تعد الرسوم المتحركة الهادفة التي تحكي قصص الحيوانات وعالمهم وما تمثله من قيم نبيلة يسترجي انتباه الأطفال، بل أصبح العنف والقتال أكثر ما يستهويهم في رسوم اليوم وما زاد الطين بلة هو ولعهم الشديد بألعاب الفيديو بكل ما تحمله من ثقيل، فصار لجوء الأطفال إلى هذه القاعات وإدمانهم على اللعب أمرا خطيرا لم يجحد له الكثير من الأولياء حلا غير العقاب، والذي لم يجدي نفعا مع الكثير منهم، كما هو الحال مع (جواد) 14 سنة الذي لم يستطع الاستغناء عن اللعب رغم العقاب الذي يتعرض إليه يوميا ورغم أن والديه منعا عنه المصروف، غلا أنه يبقى مصرا على اللعب فيلجأ إلى الاقتراض من أصدقائه أو الكذب على والديه، المهم أن يحمل النقود لممارسة اللعبة. أما صديقه (عبد الكريم) فيقول أنها مجرد لعبة ولا يدري لماذا يغضب والديه عندما يذهب إلى قاعة الألعاب. وعن سؤالنا عن أكثر الأشياء التي يحبونها في هذه الألعاب فيؤكد الطفلان أن القتال والمعارك هي أكثر الألعاب التي يمارسونها بعدما يأتي سباق .
الأولياء متخوفون
أما رأي الأولياء فيقول السيد (جمال) وهو أب لطفلين أن الأطفال أصبح همهم الوحيد هو الحصول على المال للعب رغم ما يشكله ذلك من مخاطر على الطفل بدءا من عينيه ووصولا إلى مخيلته الخصبة التي يغذيها العنف والقتال إهمالهم لدروسهم وواجباتهم اليومية، ناهيك عن المحيط الخارجي فالمكان يشاركهم فيه من هم أكبر منهم سنا ومنهم المدخنون وأكثرهم من يتلفظ بكلام بذيء على مسامح الأطفال، فرغم الرقابة التي يفرضها الأولياء إلا أن الأطفال يتحينون الفرصة للدخول إلى هذه القاعات والحقيقة أننا متخوفين كثيرا على أبنائنا من هذه الحالة التي قد تصبح نقمة وتعكس المحصول العلمي والتربوي لهم.
الأطباء يحذرون
وعن رأي الأخصائي النفساني (فؤاد)، فيقول أن هذه الألعاب تعد وسيلة من الوسائل الترفيهية للأطفال وحتى الكبار وإن تمضيه بعض الوقت فيها تريح الفكر للأطفال وتجعله يطلب المزيد منها لكن ننصح الأولياء بمراقبة أطفالهم وعدم تركهم يترددون عليها كثيرا لكي لا تصبح نقمة وتصبح سلبية في نفس الوقت بحيث أن الطفل هنا يصبح يتميز ببعض الحالات من العنف والنرفزة ويقوم تطبيق تلك الألعاب العنيفة على أفراد الأسرة وخاصة إذا كان لديه إخوة أصغر منه بحيث يريد منهم حقل تجارب أين تترتب عنه مناوشات وشجارات في الوقت الذي يتعذر على الأولياء تهدئة الأوضاع ونصيحتي منع هؤلاء الأطفال من هذه القاعات التي يجني من ورائها إلا العنف والآفات الاجتماعية التي لا ترحم.
نـسـريـن.ع