
دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، القضاء إلى تطبيق القانون على أحزاب أثبتت التقارير تلقيها تمويلات خارجية أثناء الحملة الانتخابية لبرلمانيات عام 2019، في المقابل، جدد المجلس الأعلى للقضاء في تونس رفضه ما وصفه بالمساس بالبناء الدّستوري للسلطة القضائية عبر المراسيم –الرئاسية-.
واجتمع سعيد في قصر الرئاسة، مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر، ورئيسة مجلس القضاء العدلي مليكة المزاري والرئيس الأول للمحكمة الإدارية عبد السلام مهدي قريصيعة ورئيس مجلس القضاء المالي محمد نجيب القطاري.
ومنذ 25 جويلية الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حيث بدأ سعيّد سلسلة قرارات استثنائية منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، مع توليه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ رئيستها نجلاء بودن.
سعيّد: لا أحد فوق القانون
وبحسب المصادر، فقد لفت سعيّد خلال الاجتماع، إلى أن القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء ينص على أن أعضاء القائمة المنتفعة بالتمويل الأجنبي يفقدون عضويتهم بمجلس نوّاب الشّعب -البرلمان-، وأن المترشح لرئاسة الجمهورية الذي تمتع بالتمويل الأجنبي يُعاقب بالسجن لمدة خمس سنوات.
وفي نوفمبر 2020، أصدرت محكمة المحاسبات تقريرًا بشأن انتخابات 2019 تضمن ما قالت إنها تجاوزات ارتكبها حزبا “حركة النهضة” و”قلب تونس” وائتلاف “عيش تونسي”، وبينها إبرام عقود مع مؤسسات أجنبية للدعاية والضغط وهو ما نفته الأطراف الثلاثة.
وتابع سعيّد، تقرير محكمة المحاسبات صادر عن محكمة، وليس عن سلطة إدارية أو سياسية، وله بالتالي حُجّية بالرغم من أنه يحمل صفة التقرير لا الحكم، ولابد بقطع النظر عن التسمية، ترتيب النتائج القانونية على هذا التقرير، وأردف إثبات التمويل الأجنبي حاصل من محكمة ومن التّقارير التي وضعت في الخارج وتم نشرها واطلع عليها الجميع، مضيفًا لا أحد فوق القانون مهما كان موقعه ومهما كانت ثرواته، وعلى النيابة العمومية أن تقوم بدورها.
كيف يتم إصلاح القضاء
بدوره، جدد المجلس الأعلى للقضاء رفضه المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية عبر المراسيم، مؤكدًا عقب لقاء مع الرئيس أن إصلاح القضاء ينبغي أن يتم عبر الضوابط الدستورية وخارج إطار التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس في 25 جويلية الماضي.
وأكد المجلس، على الاستعداد الدائم للقيام بدوره كاملًا طبقًا لصلاحياته المنصوص عليها في الدستور بوصفه الضامن لحسن سير القضاء واحترام استقلاله.
وجدد التأكيد على موقفه الرافض للمساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية بواسطة المراسيم الرئاسية، مشيرا إلى اعتزام المجلس الانخراط في مسار الإصلاح ومحاربة الفساد، والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية تونسية ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية.
تصحيح المسار
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي لحركة الشعب رضا لاغة، أن “حركة الشعب” لا تزال داعمة لإجراءات الرئيس، على اعتبار أنها خطوة لتصحيح المسار السياسي في البلاد الذي انحرف عن أهداف الثورة.
وصرح لاغة، إن البلاد كانت شبه مفلسة وفي حالة من الفوضى قبل 25 جويلية، قائلًا إن حركة النهضة اخترقت الجهاز المناعي للدولة، بتنصيب أشخاص لا يتمتعون بالكفاءات اللازمة في المرافق العامة، إضافة إلى أن المشهد الصحي في تونس كان قاتمًا بسبب انتشار فيروس كورونا وأعداد الوفيات مرتفعة، حيث استطاعت السلطات بعد اتخاذ تلك التدابير، تلقيح نحو 5 مليون تونسي.
في السياق نفسه، لفت إلى أن حركة الشعب تطالب الرئيس بتحديد سقف زمني للمرحلة الاستثنائية التي لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، بحسب لاغة، لكنه أوضح أنه يجب أن تستوفي المهام التي قامت لأجلها.
ق.د