الجهوي‎

استراتيجية “التجذير” الصحي تتخذ من المؤسسة التربوية منطلقاً لتمكين المرأة

كيف تحوّل الوعي ضد سرطان الثدي من "مناسبة شهرية" إلى "فعل تنموي مستدام" بالمنيعة

استراتيجية “التجذير” الصحي…. تُقدم ولاية المنيعة، في إطار فعاليات “أكتوبر الوردي“، نموذجا وطنيا لافتا في إدارة الحملات الصحية، يتجاوز النمط التقليدي ليلامس جوهر الاستثمار الاجتماعي والتربوي. لم يعد الهدف مجرد نشر المعلومة، بل “توطين” الوعي الصحي وجعله جزء أصيلا من الثقافة المحلية، مستغلة في ذلك التناغم غير المسبوق بين القطاعات الحكومية والمجتمع المدني.


ثانوية “ديدوش مراد”: تحصين الجبهة الداخلية للأسرة

يشكل اختيار ثانوية “ديدوش مراد” كمركز ثقل للحملة دلالة عميقة،فالمدرسة كمؤسسة، هي الأقرب لغرس المفاهيم في جيل الغد وللوصول إلى الأمهات والطالبات، مما يجعل عملية التوعية استثماراً مضاعف الأثر، لقد تحولت قاعة المحاضرات، التي اكتست حللا وردية رمزية، إلى ورشة عمل متكاملة تُقدم مقاربة شاملة لمرض سرطان الثدي.

جاءت الحملة لتُحقق نقلة من الوعي النظري إلى “الممارسة الميدانية المُمَكِّنة”، وقد تم التركيز على ثلاثية وقائية حاسمة: الشرح العلمي لأهمية الكشف المبكر بوصفه المُحدد الرئيسي لنسب الشفاء، والتدريب العملي على الفحص الذاتي الشهري لتحويل المرأة من متلقية للمعلومة إلى شريك فاعل في مراقبة صحتها، إضافة إلى التعريف المنهجي بعوامل الخطر وكيفية إدارتها عبر نمط حياة صحي. وتضمنت الفعالية تقديم شروحات معمقة وتوزيع مطويات إرشادية لتأمين استمرارية الرسالة خارج نطاق الثانوية.

شهادات مهنية: التكافل التخصصي لـ “تطويق” القلق

يُعزز التناغم بين المستويات المهنية المختلفة من فاعلية الحملة،فمستشارة التربية “زوليخة بن سليمان”، أكدت أن: “المؤسسة التربوية لم تعد مسؤولة عن التعليم الأكاديمي فقط، دورنا اليوم هو تطعيم المجتمع بالثقافة الوقائية، وجعل قضية صحة المرأة محورا تربويا لا يمكن فصله عن البناء الوطني”.

من الجانب الطبي، أوضحت الدكتورة “بايليك شريفة”، طبيب عام بوحدة الكشف والمتابعة، أن: “وحدة الكشف والمتابعة داخل الثانوية تُمثل خط دفاع أول، ووجودها يسهل عملية تقريب الخدمة الصحية وتقديم الشروحات الطبية الدقيقة بطريقة تزيل الغموض والخوف المرتبط بالمرض”.

فيما يتعلق بالدعم النفسي والاجتماعي، أشارت الأخصائية النفسانية، “صباح أولاد علي”، إلى أن: “الفعالية عملت على إضفاء الطابع الإنساني على المرض، ومواجهة ‘الوصم’ والخوف. الدعم النفسي يمنح المرأة عدةالتعافي والقوة للمواجهة”. وأكدت “ملوكي سرين”، مساعدة اجتماعية للصحة الجوارية، على أن: “الجانب الاجتماعي هو مفتاح الاستدامة، فعملنا يضمن متابعة المستفيدات وتوفير التسهيلات الضرورية لضمان عدم تراجعهن عن خطة الكشف الدورية”.

 الوعي في المنيعة.. استثمار في جغرافية جديدة

إن ما تشهده المنيعة هو أكثر من مجرد احتفال باللون الوردي؛ إنه تأكيد على إدماج البعد الصحي الوقائي ضمن الأجندة التنموية للولاية الجديدة، إن تضافر جهود مؤسسة تربوية محورية كثانوية “ديدوش مراد” مع القطاعات الصحية والاجتماعية، يبعث برسالة واضحة” الوقاية هي استراتيجية وطنية”، تبدأ من المعلومة الصحيحة وتُحصن بالممارسة السليمة.

إن هذا النموذج في المنيعة يُشير إلى أن الاستثمار في الوعي الصحي، هو استثمار مباشر في جودة الحياة، وفي بناء مجتمع يُدرك قيمة “الصحة المستدامة” كركيزة أساسية لتقدمه.

الهوصاوي لحسن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى