
أدى ظهور الذكاء الإصطناعي إلى استحداث ثورة تكنولوجية كبيرة على كل المجالات وقطاعات الحياة بحيث كان لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأثر البالغ والدور الهام لا سيما في مجال القانون، ممّا انعكس بصورة إيجابية على كلّ من المحامين والعملاء، وذلك من خلال تسهيل إجراءات العمل القانوني الرتيب.
يعتقد الخبراء أنه سوف نشهد استمرارا مُتزايدا وبشكل خاص مُتداخل مجالي القانون والتكنولوجيا خلال السنوات القادمة وهذا ما سيحقّقُ نجاعة أكثر ونتائج إيجابية. ورغم أنّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون ما زالت في طور التطوير وتواجه العديد من التحديات، إلا أنّها تُساير التحوّلات التكنولوجيا وتواكبها ولو ببطء شديد أحيانا وبوتيرة أسرع أحايين أخرى. ولعلّ من أهمّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال القانون، حسب ما ذكره الخبراء، ما يأتي:
(3)- مًـراجـعـة الـعُـقـود: يُبنى النظام الاقتصادي بأكمله من خلال العقود والالتزام بها، إذ يعدّ العقد جزءًا لا يمكن فصله عن أي معاملة تجارية مهما كانت بسيطة، كما يتدخّل المحامون في عمليات فحص المستندات ومراجعة العقود بصورة متكرّرة ومُستنزفة للوقت، ممّا يعيق الصفقات ويؤخر تحقيق الأرباح والأهداف المرجوّة. يمكن أن يقع المحامي أيضًا في بعض الأخطاء نتيجةً لكثرة التفاصيل الموجودة في الصفقات، لذا كان لا بدّ من اللجوء إلى طرق توفّر الجهد وتقلّص الأخطاء المتوقّعة من خلال الأتمتة، فتصبح العملية تلقائية وسلسلة من خلال الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي المجهّزة للنظر في العقود والتأكّد من جميع جوانبها بالقبول أو الرفض. تجدر الإشارة إلى أنّ دور الإنسان في عمليات مراجعة العقود لا يمكن الاستغناء عنه بصورة نهائية، إذ يبقى مساهمًا في ذلك من خلال الفحص الإشرافي على النواتج، وتقديم الأحكام النهائية، وقد يكون الاعتماد الكلّي على الذكاء الاصطناعي ممكنًا في المستقبل، إلا أنّه حاليًا لا يعدّ أمرًا موثوقًا. تحليل العقود ينبغي الإشراف على العقد بعد مرحلة توقيعه لضمان تنفيذه بخطوات سليمة، إلا أنّ عمليات الإشراف قد تكون صعبة ومُنهِكة أحيانًا، خصوصًا إذا كانت الشركة تتعامل مع عدد كبير من الأطراف في الوقت ذاته، لذا كان لا بدّ من تطوير منصّات وبرامج متخصّصة تعمل على تقييم البيانات الواردة تبعًا لطبيعة عقود الشركات في العموم. توفّر برامج الذكاء الاصطناعي المرتبطة بتحليل العقود العديد من الخدمات، ومن ذلك إبقاء أقسام المبيعات في الشركات على توال دائم واطّلاع مستمر لمعرفة الوقت المناسب لتجديد العقود، ممّا يسمح باستغلال أفضل الفرص، إضافةً إلى الدور الفعّال في السماح لأقسام المشتريات بمتابعة العقود الجارية وإجراء التعديلات اللازمة. توقع نتائج الحالات الوشيكة يمكّن الذكاء الاصطناعي من توقّع حالات التقاضي الوشيكة من خلال تطوير نماذج التعلّم الآلي، والدمج بين التكنولوجيا والواقع الحقيقي، كما تنتهج العديد من الشركات والجهات القانونية هذا الأسلوب بهدف تسريع عمليات المفاوضة للتسوية، إضافةً إلى التخفيف من أعداد القضايا المحوّلة إلى المحاكم. وعلى سبيل المثال، تعدّ شركة (Blue J Legal) من الأمثلة البارزة على الشركات المتّجهة نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي من خلال إنشاء محرّكات متخصّصة في التنبؤ بالحالات الوشيكة، كما تركّز هذه الشركة في عملها على تدعيم الذكاء الاصطناعي في مجال قانون الضرائب.
(2) – الـبـحـث الـقـانـونـي: يُعرف البحث القانوني عمومًا بأنّه العملية التي تهدف إلى تجميع القوانين والآراء المتنوعة ذات الصلة المباشرة بقضيةٍ ما، ولمّا كان هذا الأمر صعبًا ومعقدًا أحيانًا، كان لا بدّ من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في البحث عن القضايا المشابهة للقضية الحالية بسهولة بالغة. يجري العمل على تسهيل وصول المحاميين إلى قواعد البيانات القانونية الضخمة المتوفرة على الإنترنت، ويكون ذلك من خلال تطوير خوارزميات البحث لتقديم أفضل النتائج التي تحتوي على المصادر الموثوقة، والتي تناسب القضية المعروضة المُراد الوصول إليها.
(3) – الـتـرمـيـز الـتـنـبـؤي: يُطلق على نظرية الترميز التنبؤي اسم المعالجة التنبؤية أحيانًا، ويُقصد بها أنّ وظيفة الحواس البشرية تنحصر في الحكم على التنبؤات الداخلية المُسبقة، فالدماغ يعمل من خلال معاينة نماذج مُعدّة مُسبقًا، فيسمح بالشم والسمع والرؤية بعد أن يكون قد كوّن انطباعًا قريبًا من الواقع يعدّ الترميز التنبؤي جانبًا من جوانب الصناعة القانونية المتقدّمة والمُقيّدة أيضًا، ويمكن من خلاله القيام بعمليات الكشف الإلكتروني بصورة سريعة مقارنة بالطرق التقليدية، كما يقوم الترميز التنؤي بأكمله على خوازمية تصنيفية تُعدَّل من قِبل المحامين، ويُرجع إليها لمعرفة المستند الملائم لأغراض الكشف.
الـمـحـامـون والـرجـال الألـيـيـن
روبوتات المحادثة (المحامين) يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والرجال الآليين (الروبوتات) في الحصول على المساعدات والاستشارات القانونية، كما يمكن من خلالها تحقيق نتائج جيدة بسهولة بالغة في مثل هذا النوع من الخدمات، ويقوم الروبوت المختصّص في المحاماة بجميع المهام المتوقعة من المحامي التقليدي في العموم بصورة آلية. يمكّن الذكاء الاصطناعي الأفراد من الحصول على تجربة سريعة وذاتية عن بعد من خلال شبكات الإنترنت، إضافةً إلى قدرة خدمات الدردشة المحامين على التنبؤ بالحالات القانونية، كما أن لهم القدرة على إنشاء المستندات وإعداد فواتير العملاء، وغيرها من المهام الموثوقة سريعة التنفيذ. يمكن عرض العديد من الأمثلة الشائعة على روبوتات المحامين، ومن ذلك ما يأتي الى تسريع إجراءات العناية الواجبة تستغرق إجراءات العناية الواجبة وقتًا طويلًا للكشف عن المعلومات الأساسية المطلوبة، ممّا يجعل عمل الممارس القانوني مستنزِفًا للساعات، لذا قد يكون التوجه للعمل من خلال منصات وبرامج الذكاء الاصطناعي حلًا يساهم في الحدّ من إضاعة الوقت.
ريمة.ب