
تعتبر ولاية وهران من أهم الولايات الساحلية والزائر لهذه المدينة المضيافة تدعُوه مناظرها الطبيعية الساحرة وشريطها الساحلي الرائع، للرغبة الملحة من أجل اكتشافها والتمتع بها طيلة عمر رحلته أو المكوث بين أحضان السكان الذين يطبع خصالهم ميزات الكرم والجود والشهامة وحسن الضيافة.
الأهم من ذلك يشده الفضول كثيرا على النشاطات الرياضية والثقافية التي تطرأ على الساحة والتي تلهم الكثير من المواطنين طيلة حياتهم بالأخص الرياضية الشعبية التي لها عمق تاريخي وحضاري مع ممر السنين، حيث تأتي في مقدمتها ألعاب الخيول أو الفروسية الأصيلة الممزوجة بطلقات البارود المدوي ولباس الفرسان المكون من العباءة والبرنوس والشاش والكلاح والعمامة والسرج المطرز بخيوط الذهب والتي لا تغيب عن الأفراح والمناسبات لقضاء روتين اليوميات بالنسبة للمهتمين بهذا الطابع، الذي يعتبره الكثيرون من الرياضية التقليدية الضاربة في العراقة والقدم الموروثة أبا عن جد، بالرغم من المسافة الزمنية الفاصلة بين الأزمنة الغابرة إلى وقتنا الحاضر أمام التطورات التي عرفها العصر إلا أن الرياضة التقليدية لها وزنا اجتماعيا مع الأصالة والذاكرة الجماعية لا بديل لها لدى أغلب السكان بالأخص الذين لهم دراية بالعمق التاريخي والثقافي بمناطق ولاية وهران و يسعى معظم السكان المحافظة عليه وترسيخه في ذاكرة الأجيال المتعاقبة وكذا توصيله إلى كل من زار هذه المناطق العريقة وتوغل في أعماقها…
ألعاب الخيول في كل المناسبات
تمارس بوهران جملة من الرياضات أوالألعاب التقليدية، مثلا بما يعرف لعبة (الدامة والدومينو) بالإضافة إلى لعبة (المطرق) أو العصا، وبالمفهوم المحلي الألعاب الشعبية كانت التسلية الوحيدة التي مارسها الأجداد والأباء هي جزء من تراثنا وتاريخنا وما زالت بيننا خير وبركة حسب تعبير البعض من المواطنين، هذه الألعاب استمرت من موضع إقبال اللاعبين واهتمام المتابعين لها، ولعل من أبرز الألعاب الشعبية المنتشرة حاليا في أقطار البلدان العربية منها بالجنوب الجزائري والمغرب وتونس والكويت، هي لعبة (الدامة) التي ازداد الاهتمام بها مؤخرا بين أوساط الشباب في المقاهي والساحات.
المطرق والدامة.. فنون شعبية متوارثة
لقد صدرت مؤلفات خاصة عنها و(الدامة) لعبة شعبية ورياضية عقلية لها محبوها ومشجعوها من الأعمار والمستويات كافة، وكلمة (الدامة) لفظ تركي حسب المصادر المدونة، وجمعها (دامات) ووصف هذه اللعبة بأنها لعبة تحتاج إلى تفكير وذكاء وإنها قريبة من لعبة الشطرنج، واعتبرها من الألعاب الحديثة التي لم تكن معروفة قديمة ولا تزال تعرف رواجا بين أوساط الشرائح بالأخص كبار السن الذين ألفوها منذ سنوات مضت، حسب ما ذكره أحد المولعين من الذين وجدناهم بإحدى أشهر المقاهي بوهران والمعروفة تحت اسم ” قهوة النجاح ّ” حيث قال لنا السيد بوعلام:” إن متعتي تكمن مع هذه اللعبة التي لم أمتنع من تداولها أكثر من أربعة عقود، إنها تنسيني التعب والمشقات والهموم التي تعترضني خلال العمل أو طوال اليوم، فألتقي مع الأصدقاء في نهاية النهار، إنها سعادة لتبادل أطراف الحديث والغوص في المنافسة من خلال هذه الألعاب التراثية الثقافية العريقة التي تأخذ جزء هاما من وقتنا”.
ولا زال يتذكر أيام (الطحطاحة والكرابيلا والمطرق) التي لا زال يمارسها بعض الشيوخ في ما بينهم في أحياء (الحمري وتيريقو وبتيلاك والمدينة الجديدة). وتزدهر هذه اللعبة صيفا وكانت في الماضي تمارس حتى في الأعراس ومواسم الختان كتعبير عن الفرحة وكذلك في رمضان، وبرغم أن عدد ممارسي لعبة المطرق تضاءل مقارنة بالماضي، إلا أن عشاقها لا يزالون على قلتهم يلعبونها في أشهر أحياء وهران وهو حي المدينة الجديدة العريق الذي لا تزال بعض زواياه تحتفظ بتلك النسمات العبقة الهاربة من التاريخ وكأن الزمن توقف ها هنا.
بقلم: هشام رمزي