تكنولوجيا

“أوبن إيه آي” ترجئ إصدار نموذجها المفتوح

أعلنت شركة “أوبن إيه آي” عن تأجيل إطلاق نموذجها الجديد مفتوح المصدر لأجل غير محدد، وذلك بعد أن كانت قد قررت في وقت سابق تأجيله لشهر إضافي، حيث أوضح مديرها التنفيذي سام ألتمان أن هذا القرار يأتي نتيجة الحاجة إلى مزيد من اختبارات السلامة الدقيقة، وحرصًا على التأكد من جاهزية النموذج للاستخدام العام دون تعريض المجتمع لأي مخاطر غير محسوبة.

 

وفي منشور نُشر عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي، صرح “ألتمان” بأن الشركة ليست واثقة حتى الآن من المدة التي ستستغرقها عملية التحقق، وأكد أن النية ليست تأخير المشروع لمجرد التأخير، بل لضمان أن يتم الإصدار وفق أعلى معايير الأمان، خصوصا أن هذا النوع من النماذج بمجرد إطلاقه لا يمكن استرجاعه أو التحكم فيه بسهولة لاحقًا، وهو ما يجعل مسؤولية الشركة مضاعفة أمام المجتمع الرقمي والباحثين على حد سواء.

ويُعد هذا النموذج أول مشروع مفتوح المصدر للشركة منذ سنوات، ومن المتوقع أن يُحدث تحولًا في آليات تطوير التطبيقات الذكية، إذ سيسمح للمطورين بتشغيله محليًا، دون الحاجة إلى الاتصال المباشر بخوادم الشركة الأم، الأمر الذي يعزز استقلالية الاستخدام ويمنح المطورين مساحة واسعة للتجربة والتخصيص.

 

 تأجيل جديد يعكس التوتر التكنولوجي بين الكبار

يأتي هذا القرار في وقتٍ يشهد فيه قطاع الذكاء الاصطناعي تسارعًا غير مسبوق في وتيرة الابتكار، إذ تسعى شركات عدة إلى تقديم نماذج منافسة قادرة على تنفيذ مهام معقدة بفعالية وسرعة، ما يجعل أي تأخير من قبل شركة رائدة في هذا المجال فرصة لمنافسيها للتقدم بخطوة إضافية نحو الصدارة.

وقد تزامن إعلان التأجيل مع خطوة بارزة من شركة صينية ناشئة تُدعى “مونشوت”، التي أطلقت نموذجًا مفتوح المصدر تحت اسم “Kimi K2″، يُقال إنه يتفوق على النماذج الغربية في بعض الجوانب، خاصة في مجال البرمجة المستقلة، مما يزيد من ضغط المنافسة على شركة “أوبن إيه آي”، التي تسعى للحفاظ على مكانتها كأهم مختبر للذكاء الاصطناعي في وادي التكنولوجيا العالمي.

ويُنظر إلى النماذج مفتوحة المصدر اليوم كأدوات استراتيجية تُوظف، ليس فقط في مجالات تطوير البرمجيات، بل أيضًا في ميادين التعليم، الصحة والأمن الرقمي، وهو ما يفسر شدة التنافس حولها، ويُبرز مدى حساسية توقيت إطلاقها من جهة، وطبيعة استخدامها من جهة أخرى.

 

إجراءات الحذر أم تأخر في الاستعداد؟

بينما ترى الشركة أن التأجيل هو قرار مسؤول لحماية المستخدمين والمجتمع من أي استخدام غير رشيد للنموذج، يرى بعض المتابعين أن هذا قد يعكس وجود تحديات داخلية لم يُكشف عنها بعد، خاصة مع تصريح سابق لمديرها التنفيذي في شهر يونيو، ألمح فيه إلى تحقيق “نتائج غير متوقعة ومدهشة”، دون أن يوضح طبيعتها أو ما إذا كانت ترتبط بتأجيل الإطلاق الحالي.

ويزيد هذا الغموض من فضول المراقبين بشأن طبيعة النموذج الجديد، ومدى قوته، وأين يمكن أن يضع الشركة في خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية، خصوصًا في ظل دخول منافسين كبار مثل “ديب مايند” و”أنثروبيك”، ومبادرات متسارعة من شركات حديثة النشأة مدعومة بمليارات الدولارات.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع التكنولوجي الإعلان الرسمي عن الجيل القادم من نماذج “أوبن إيه آي”، يبقى التأخير الأخير بمثابة تذكير بأن تطوير الذكاء الاصطناعي لا يتعلق فقط بالسبق والإنتاج، بل بمسؤولية عميقة تتعلق بتأثير هذه الأدوات على العالم من حولنا، وهو ما يدفع البعض للترحيب بسياسة التأني على حساب الاستعجال، ولو مؤقتًا.

بن عبد الله ياقوت زهرة القدس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى