
بدأ هدف العملية العسكرية التركية التي بدأت جوًا ضد أهداف لجماعات كردية مسلحة في الشمال السوري، ويمكن أن تتطور إلى برية في الأمد القريب، مقترنًا بنية أنقرة إقامة حزام أمني تعكف على إنشائه خلف الحدود التركية الجنوبية مع شمال سوريا.
وكان ذلك واضحا في إشارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حينما أصرّ على استكمال بلاده الحزام من الغرب إلى الشرق، على امتداد الحدود مع سوريا، باعتباره وسيلة وحيدة لضمان أمن تركيا ومواطنيها، بوجهة نظره.
ويقول أردوغان، إن الحزام الأمني الذي تطمح بلاده إلى إنجازه في المنطقة في أقرب وقت سيشمل بحكم الأمر الوقع مدينة كوباني، التي انتزعتها قوات سوريا الديمقراطية عام 2015 من تنظيم الدولة بدعم من الولايات المتحدة.
وحدد أردوغان، الذي ينوي شن هجوم بري عندما يحين الوقت، البلدات السورية تل رفعت ومنبج وعين العرب كوباني لاستكمال المنطقة الأمنية، بعرض يصل إلى 30 كلم على طول الحدود الجنوبية.
اتصالات مع أطراف فاعلة
ويبدو أن حكاية الحزام هو الموضوع الأبرز في الاتصالات السياسية، التي ارتفعت وتيرتها خلال الأيام الأخيرة بين تركيا من ناحية وروسيا والولايات المتحدة وأطراف فاعلة أخرى من ناحية ثانية.
وقد جاء حديث أردوغان عن الحزام ومساحاته بعد يوم من مطالبة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار خلال اتصال هاتفي بنظيره الروسي بضرورة العمل بالاتفاقيات السابقة لتحييد دائم للجماعات المسلحة، التي تشكل تهديدًا لبلاده، وهو ما طرح تساؤلًا حول ما إذا كان يقصد بكلامه الحزام الأمني وحدوده.
إلى ذلك، حاول القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي أن يوجه تحذيرًا ضمنيًا للغرب وتركيا ولأطراف داخلية بغية منع أي تحرك بري لأنقرة، أكد عبدي أن العملية التركية البرية المحتملة ستؤدي إلى اندلاع حرب أهلية ثانية في سوريا، إضافة إلى إيقاف عمليات قواته ضد تنظيم “الدولة”.
ردًا على سؤال حول إلى أي مدى يمكن خلال هذه العملية الحديث عن قدرة على التوغل البري وعن “حسم”، حيث لم يسبق أن تكون العمليات حاسمة في هذا الملف، يجيب الباحث في معهد سيتا للدراسات مراد أصلان، إن الأمر يتعلق بطبيعة الإرهاب.
وأوضح ذات المتحدث من أنقرة، بمجرد اندلاع عمليات إرهابية لا يمكن اجتثاثها بشكل كامل، ولكن يمكن السيطرة عليها، ويلفت إلى المنطقة التي يحتلها حزب العمال الكردستاني في الأراضي السورية ويقوم باستغلالها، مشيرا إلى عامل معاملة الولايات المتحدة لها على أنها دولة في إطار الإنشاء.
ويؤكد بالمقابل، أهمية أخذ الاعتبارين عند القيام بأي عملية، والحفاظ على هذه العمليات بعيدًا من الحدود، وهو الأمر الأهم.
تحارب محاربي الإرهاب
بدوره، يفيد رئيس المركز الكردي للدراسات نواف خليل، بأن هذه القضية عمرها 99 عامًا، حيث تنكر تركيا منذ توقيع معاهدة لوزان وجود الشعب الكردي برمته، ليس في داخل حدودها الرسمية فقط، وإنما في الخارج أيضًا.
ويقول من بوخوم في ألمانيا، إن تركيا لا تحارب الإرهاب بل تحارب محاربي الإرهاب، حسب قوله.
ويشير، إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، التي فيها عشرات الآلاف من المقاتلين العرب والسريان والتركمان وغيرهم من المكونات، هم الحلفاء الرسميون المعتمدون لدى الولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
تركيا ماضية في عمليتها العسكرية شمالي سوريا
أعلنت ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية وقف عملياتها ضد تنظيم “الدولة” بسبب العمليات العسكرية التركية شمالي سوريا، وذلك بعد ساعات من قصف استهدف قاعدة عسكرية أميركية شمال شرقي البلاد من دون أن تتضح الجهة التي تقف وراء القصف.
وجددت واشنطن رفضها للعملية العسكرية التركية وسط تأكيدات من أنقرة على استمرارها حتى تحقيق أهدافها.
اتصالات بين الحسكة وواشنطن
وفي هذا السياق، يشير الباحث السياسي هوشنك حسن إلى أن القوات التركية تقوم باستهداف مناطق عدة منذ 20 نوفمبر الجاري بالطائرات العسكرية والمسيرات، مؤكًدا أن المواقع التي قصفت بلغت أكثر من 250 موقعًا في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
ويلفت حسن من القامشلي، إلى سقوط عدد من الضحايا من المدنيين بينهم صحافي، حسب قوله، ويعتبر أن المشهد في شمال سوريا يبدو أوضح بعد سبعة أيام على الغارات التركية، حيث إن واشنطن تصرّ على عدم إرضاء حليفها التركي وعلى مساندة قوات سوريا الديمقراطية وقد قدمت وفود أميركية لطمأنة حلفائها في الحرب ضد تنظيم الدولة.
ويقول حسن، جرت اتصالات بين الحسكة وواشنطن مفادها أنها ترفض العملية العسكرية التي تهدد الاستقرار في المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع التحالف الدولي.
تركيا تسعى لإقامة منطقة آمنة دائمة
من جهته، يوضح الباحث السياسي يوسف كاتب أوغلو أن تركيا لا تستهدف المدنيين والبنى التحتية بل معاقل وأوكار الميليشيات المسلحة التي تعتبرها إرهابية.
ويشير من اسطنبول، إلى أن تركيا تقوم بعملية عسكرية جوية وهي الآن على أبواب عملية عسكرية جوية لأن هناك هجمات على الداخل التركي وتهديد لأمن تركيا القومي، ويقول: إن الذي يريد الأمن والاستقرار في الداخل السوري عليه أن يعلم أن تركيا تريد الأمن والاستقرار في الداخل التركي، مشيرًا إلى سقوط ضحايا مدنيين في تركيا.
ويلفت أوغلو، إلى أن السقف الذي يمكن أن تقف عنده العملية العسكرية التركية قد حدّده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو أن تكون هناك مناطق آمنة دائمة حيث ستتواجد القوات التركية على طول الحدود الممتدة على 911 كيلومترًا بعمق 30 كيلومتر وهو ما تمّ الاتفاق عليه بين روسيا وواشنطن في أكتوبر 2019، حيث تعهدتا بسحب قوات “بي واي دي” وواي بي جي” اللتين تهددان تركيا من تلك المناطق، لكن أحدًا لم يلتزم بذلك طيلة ثلاث سنوات.
كما يؤكد أغلو، أن تركيا قامت بأربع عمليات عسكرية في سوريا وهي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” و”درع الربيع” ولم تفشل بأي عملية وأن المناطق التي جرت فيها هذه العمليات تعد آمنة.