
تمكنت شركة ناشئة تدعى (أسترو ميكانيكا) مقرها (سان فرانسيسكو)، من تطوير محرك طائرات مبتكر أطلقت عليه اسم (التوربو الكهربائي التكيفي)، يجمع هذا المحرك بين مزايا المحركات النفاثة التقليدية ومحركات (التوربو) فان مزدوجة التدفق، مما يضعه في طليعة الابتكارات التكنولوجية، يعتمد هذا النظام الفريد على (توربو) مولد يغذي محركات كهربائية تدير كلا من الضاغط والمروحة (التوربينية)، مما يجعله قابلا للتكيف مع مختلف ظروف الطيران.
هل حلمت يوما بالسفر عبر المحيطات بسرعة تفوق الصوت دون الحاجة إلى التوقف للتزود بالوقود وبانبعاثات أقل تلوثا؟ يبدو أن هذا الحلم يقترب من الواقع بفضل الابتكار الجديد قد يغير قواعد اللعبة في عالم الطيران، حيث قدمت الشركة للعالم محركا ثوريا هذا المحرك لا يقتصر على تحسين كفاءة الطائرات الحالية، بل يعيد صياغة مفهوم المحركات التقليدية تماما من خلال الجمع بين التكنولوجيا الكهربائية والهندسة (التوربينية) المتقدمة.
هذا المحرك المبتكر يجمع بين ميزات المحركات النفاثة التقليدية ومحركات (التوربو) فان مزدوجة التدفق، ولكنه يتميز بنظام تشغيل فريد يعتمد المحرك على توربو مولد يقوم بتزويد محركات كهربائية بالطاقة، وهذه بدورها تدير كلا من الضاغط والمروحة (التوربينية)، وكانت النتيجة محرك يتمتع بمرونة استثنائية تمكنه من التكيف مع مختلف ظروف الطيران بسرعات تتراوح من دون الصوتية إلى ما بعد( ماخ 3).
من أبرز ما يميز هذا المحرك هو مرونته الفريدة حيث يمكنه العمل بثلاثة أوضاع تشغيل مختلفة:
(01)- الوضع الكهربائي الذي هو مخصص للتشغيل الأرضي والإقلاع والرحلات بسرعات منخفضة، مما يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات.
(02)- الوضع النفاث الذي يستخدم في السرعات فوق الصوتية، حيث يتم تشغيل المحرك بأسلوب مشابه للمحركات النفاثة التقليدية.
(03)- وضع (ستاتو جيت) الذي يفعل عند الوصول إلى سرعات فائقة تتجاوز (ماخ 3) وهو مستوى يجعل المحرك مناسبا حتى لمهام الطيران الفضائي المستقبلية.
التقارير الصادرة عن (أسترو ميكانيكا) تكشف عن أداء مذهل لهذا المحرك على سبيل المثال، لو كان هذا المحرك متوفرا في زمن الكونكورد لتمكنت الطائرة الأسطورية من زيادة مدى طيرانها بنسبة 61 بالمائة. وقد أثبت المحرك كفاءته في اختبارات حديثة، حيث نجح في العمل عند 30 بالمائة من قدرته القصوى وهو إنجاز مبهر يؤكد جدوى هذه التقنية الواعدة.
من أهم مميزات المحرك أنه قادر على العمل باستخدام (الغاز الطبيعي المسال- GNL) الذي يتميز بأنه أنظف وأكثر كفاءة من الكيروسين التقليدي، هذا يعني أن الطائرات المزودة بهذا المحرك ستتمكن من تقليل الانبعاثات الكربونية بشكل كبير ما يجعلها خيارا أكثر صداقة للبيئة. كما أن تصميم المحرك الذكي يقلل من عدد الأجزاء المتحركة، مما يقلل بدوره من أعطال المحرك ومتطلبات الصيانة بالنسبة لشركات الطيران هذا يعني تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة موثوقية الطائرات.
لا تكتفي الشركة بتطوير محرك فريد، بل تطمح إلى إجراء تجربة عملية على متن طائرة حقيقية الخطة تشمل تركيب أربعة من محركاتها الثورية على طائرة، إلى جانب اثنين من المحركات التقليدية (GE CT7) لتنفيذ رحلة تجريبية بدون توقف بين سان فرانسيسكو وطوكيو إذا نجحت هذه التجربة، فقد نشهد انطلاق عصر جديد من الطيران الهجين حيث تجمع الطائرات بين السرعة الهائلة والكفاءة البيئية.
هذا الابتكار يفتح الباب أمام احتمالات لا حصر لها، قد تصبح الطائرات التجارية المستقبلية أسرع وأكثر كفاءة وقد نشهد استخدام هذه المحركات في مشاريع فضائية تنقل البشر إلى مدارات أبعد وأسرع من أي وقت مضى.
فهل سنرى قريبا طائرات تجارية تعتمد كليا على تقنيات كهذه؟ الإجابة تحمل في طياتها وعدا بمستقبل مشرق للطيران حيث تجتمع السرعة مع الابتكار والاستدامة. رحلة عبر السماء بسرعة الصوت قد تكون أقرب مما نتخيل.