
يتواجدون في محلهم منذ الصباح الباكر، ينظرون إلى بضاعتهم المعروضة ويقومون بفرزها وترتيبها بشغف وحيوية والبسمة لا تفارق محيّاهم، يجيبون على جميع من يستفسرونهم دون كلل أو ملل، يتنقلون بين أرجاء دكانهم الصغير وكأنهم في متحف صغير مزيّن بأجود أنواع الأعشاب والعقاقير والزيوت الطبيّة على مختلف أنواعها وتعدد فوائدها، غالبا ما يطلعونك على أسرار مهنتهم التي جعلت منهم أطباء في ثوب عطارين ومنحتهم حبّ الناس وثقتهم، وكيف يقضون يومياتهم مع هذه الهواية العريقة.
هؤلاء العطارين ، يزاولون نشاطهم منذ أكثر من عشرين سنة إما في الأسواق أو الأحياء الشعبية، ويتوفر محلهم على جميع مستلزمات الطب البديل والأعشاب والزيوت الطبية والعقاقير والمستحضرات الطبيعية وما جادت به الطبيعة من خيرات، يحبهم كل من يتحدث إليهم من الوهلة الأولى، يلبّون جميع رغبات الزبائن ويساعدوهم على انتقاء أفضل المستلزمات على حسب حاجة الزبون والغرض منها وكأنهم أطباء في ثوب عطارين، اقتربنا من اليعض منهم لنتبادل معهم أطراف الحديث عن مهنتهم وعن يومياتهم مع هذه الهواية العريقة، قابلونا وكأنهم يعرفوننا منذ سنوات طوال.
الأعشاب الطبية تستهويهم وإرضاء الزبائن غايتهم
يقول البعض منهم، دخلوا مجال الأعشاب الطبية ويملكون دراية وإلماما بفوائدها منذ سنوا ت الدراسة، حيث كانوا في أوقات فراغهم يذهبون إلى المحلات المتواجدة بالأسواق الشعبية للمدينة منذ أكثر من عقدين حيث كانوا يتفقدون الكتب والمجلات المختصة في الأعشاب بتمعّن ويساعدون باعة العشاب المحترفين في عملية البيع والشراء، بحيثاكتشفوا مبكرا حبهم لهذه المهنة ولعالم الأعشاب الطبية، خاصة وأنهم كبروا في أسر تداوي بالأعشاب ولا تعرف الطريق إلى الطبيب أو الصيدلي إلا عند الضرورة القسوى. لقد أحبوا هذه المهنة وأصبحت مع مرور الأيام أقتني الكتب وأطلع على فوائدها المتعددة فزادتني الرغبة واللهفة للتعمق في هذا العالم الطبيعي الساحر”. وكلما دخلنا إلى محلاتهم، لاحظنا دخول الزبائن وتوافدهم عليه بكثرة، فمنهم من يقوم بشراء العقاقير المخصصة للطبخ مثل (الكمون والكروية والفلفل الأسود والقرفة وراس الحانوت…..وغيرها) وهم يقدّمون سلعتهم إلى الزبائن بكل حيوية ونشاط ويتنقلون بين هذا وذاك ويلبون جميع طلباتهم ويجيبون على استفساراتهم دون كلل أو ملل، ومنهم من يقوم بشراء الأعشاب الطبية المخصصة للعديد من الأمراض، حيث يقومون بتقديم اقتراحاتهم لهم وتوجيههم إلى أفضل الأعشاب والزيوت المناسبة للأمراض المتعددة والمختلفة.
يقصدونهم من أماكن متعدّدة من الوطن
وبلهفة واشتياق ليوم جديد يتواجدون داخل محلّاتهم الصغيرة والتي يعتبرونها بيتهم الثاني بعد منزل العائلة، يقومون بارتداء المئزر الخاص بالمحل ويعرضون بضاعتهم فوق الطاولات ويرتبونها ترتيبا يسرّ الناظرين ويستعدون لاستقبال العديد من الزبائن الذين يقصدونهم من أماكن متعدّدة من الوطن لأنهم كسبوا ثقتهم من خلال عرضهم لمنتوجات أصلية منذ ما يفوق العشرين سنة دون أن يشتكي أحد من منتوجاتهم المتنوعة، وعن عالم الأعشاب قال أحدهم (الحاج الطيب):” إنه لا يستطيع الاستغناء عن هذه المهنة ولا يفكر في استبدالها بأي عمل أخر رغم الصعوبات التي يتلقاها من خلال جلب السلع والتي يأتي بها من أماكن بعيدة سواء داخل الوطن مثل الصحراء أو منطقة الشرق أو خارج الوطن كدولتي المغرب وتونس”.
فوائد بعض الأعشاب والعقاقير والخلطات الطبية
خلال جلوسنا إليهم أطلعونا على فوائد بعض الأعشاب والعقاقير والخلطات الطبية المطلوبة بكثرة تزامنا وكل الفصول، حيث عرفنا على فوائد (القرفة) حيث شرح لنا أحدهم (عمي عيسى)، قائلا:” أنها تعتبر عشبة شعبية طبية يستعملها العديد من الأشخاص كمشروب لذيذ وساخن في فصل الشتاء وذلك لاحتوائها على مادة فعالة وقابضة للمعدة لطرد الغازات ومطهرة للأمعاء ويطلبها بكثرة مرضى (الكولون) والمعدة”، كما عرفنا على فوائد (بذور الكتا) بتأكيده أنّها تساعد علي خفض الكوليسترول، كما أنّ:” تناول بذور الكتان في الوجبات يساعد أيضاً على تدفئة الجسم، محذرا من هضمها بمفردها بل يجب تناولها مع الماء ويجب طحن بذور الكتان حتى يتم الاستفادة من فوائدها الغذائية”، وغيرها من الأعشاب والزيوت مثل زيت الصبار، زيت النمل، الحبة السوداء، إكليل الجبل، الخزامى، زيت العود ….والعديد من الأعشاب والزيوت الطبية أطلعنا محدّثنا على فوائدها الجمّة.
شفاء المرضى حافز على مواصلة العمل
بالرغم من الصعوبات التي يتلقونها في جلب السلع والأعشاب الطبيعية لأن مصدرها يبقى بعيدا عن المدن التي يعيشون فيها ويحتاجون إلى التنقل والسفر أسبوعيا إلى داخل وأحيانا خارج الوطن من أجل جلب السلع للزبائن، إلا أن أحدهم (السيد محمد)، قال:” رغم العراقيل لا أستطيع الاستغناء عن هذه المهنة التي أعتبرها نبيلة كونها تساهم في شفاء المرضى وهي مصدر رزقي الوحيد”، مضيفا في السيلق ذاته:” أسعد كثيرا عند عودة الأشخاص إلى محلي وإخباري بأنهم شفيوا، ليكون شكرهم لي على ما قدمته لهم من أعشاب وخلطات طبية حافز على مواصلة العمل، صراحة هذا ما يحفزني على تقديم الأفضل لهم رغم الصعوبات التي أتلقاها أحيانا”.
نـسريـن.ع