
تتحضر الجزائر لتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة، كان قد أعلن عنها رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، في اجتماع سابق، قاطعا الطريق أمام الأبواق الناعقة التي كانت تحاول زرع الخوف واليأس وسط الجزائريين بإشاعات كاذبة ومغلوطة، تحمل آراء متضاربة وأفكار متناقضة، من شأنها نشر الشك وزرع التشكيك بين المواطنين وسلطتهم.
جاء ذلك في الوقت الذي بدأت الجزائر تثبت أقدامها على طريق التطور والإقلاع الاقتصادي البعيد عن ريع النفط وغلق صنبور تحويل الأموال إلى الخارج، التي كانت تعتمد طريق الاستيراد وتضخيم الفواتير، إلى جانب فتح باب الاستثمار وتعديل القوانين التي جعلت طلبات الاستثمار الأجنبي بالجزائر ترتفع إلى 100 طلب ينتظر الدراسة والموافقة من طرف الجزائر، في الوقت الذي تركز فيه الجزائر على اعتماد الاستثمار الأجنبي الذي تكون فيه نسبة من الإدماج الجزائري، ويسمح بنقل الخبرة والتكنولوجيا إلى الجزائريين، لتطوير قدراتهم وصقل خبراتهم، إلى جانب الانطلاق في خلق مناطق تجارية حرة، دشنت أول منطقة بين الجزائر وموريتانيا، ولم تتوقف السلطات الجزائرية عند هذا الحد من البرامج الاستراتيجية، بل تعدته إلى خلق وزارة قائمة بذاتها، تتعلق بالتكفل بالشباب المبتكر والمخترع، في خطوة عملاقة منها، للإبقاء على “العقل الجزائري” بالجزائر، ومنحه فرصة الابتكار والاختراع من خلال وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، التي تربطها اتفاقيات مباشرة مع وزارة التعليم العالي، ناهيك عن فروعها المتبقية التي تعتني وتنظم وتؤطر النشاطات المهنية والفكرية الأخرى لمختلف الفئات التي تنشط سواء عبر وسائط التواصل الاجتماعي أو باقي الحرف والمهن التي تمارس دون ضوابط قانونية، والغرض منها منح أصحابها حق الممارسة وفق قانون يضمن لهم تأمينا وحقا قانونيا، على غرار “الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي”. في الوقت الذي تم توفير فضاء للشباب لتدار الأفكار وتقديم المقترحات باعتبارهم مستقبل الجزائر وحاملي مشعلها عبر المجلس الاعلى للشباب، الذي يضم شبابا متعلما يحمل أفكارا نيرة ويمثل باقي أترابه، بصفتهم من اختاروهم لتمثيلهم وطرح أفكارهم ونقل مشاكلهم، في الوقت الذي تم خلق فضاء يؤطر المجتمع المدني، بصفته أساس وعي المجتمع وتأطيره، عبر المرصد الوطني للمجتمع المدني، الذي تجتمع فيه الجمعيات والتنظيمات، لتطرح رؤاها وتناقش أفكارها وفق ما يسمح به القانون، كما أن هذا الفضاء يقطع الطريق امام الجمعيات والتنظيمات الوهمية أو تلك التي كانت بطريقة أو أخرى تنفذ مهام لكيانات خارجية بقصد أو دون قصد منها، مقابل إعانات ودعم خاص.
القنصليات تتأهب لتكون في موعد 7 سبتمبر
وفي إطار التوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، للسفارات والقنصليات للتكفل التام بأبناء الجالية الوطنية في الخارج، حتى يكون لها تمثيل ودور ميداني في بناء الجزائر الجديدة، ترأس الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، “لوناس ماقرامان”، اجتماعا ضم مجموع رؤساء المراكز القنصلية الجزائرية بأوروبا وأمريكا الشمالية.
حيث تناول هذا الاجتماع الذي احتضنته سفارة الجزائر بفرنسا يومي 16 و17 ماي الجاري، ويأتي أشهر قليلة قبل الانتخابات الرئاسية ما يرتبط بهذا الموعد السياسي الوطني الهام وذلك من أجل توفير كل الشروط لإنجاحه، من خلال تدارس كيفية توفير كل الظروف الملائمة حتى تشارك الجالية بقوة في صنع مستقبل جزائرها. كما كان الاجتماع فرصة لتقييم النشاط القنصلي بالخارج، والإحاطة بالمشاكل التي تواجهها الجالية الجزائرية، للعمل على رفع نوعية الخدمات إلى مستوى تمسك الرعايا الجزائريين بوطنهم الأم, بشكل يستجيب لتطلعاتهم المتنوعة والملحة. في الوقت الذي أشار المشاركون إلى التأثير الإيجابي للإجراءات الجديدة، التي تم الإعلان عنها مؤخرا لفائدة أفراد جاليتنا بالخارج، سيما فيما يتعلق بتخفيف شروط السفر خلال فترة العطلة الصيفية، وتمديد ساعات وأيام العمل، وإعادة العمل بنظام المواعيد، والتكفل بتكاليف نقل جثامين الموتى وتسهيلات إدارية أخرى.
يذكر أن الاجتماع سمح بتقييم عملية تجديد جوازات السفر البيومترية، التي انطلقت منذ فترة ولازالت مستمرة، مع تبادل وجهات النظر والتجارب حول الإجراءات الإضافية، التي من شأنها السماح للجهاز الدبلوماسي والقنصلي الجزائري بمواجهة التحديات.
الأحزاب تستفيق من سباتها وتتأهب للتموقع
عقب إعلان رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” عن اجراء انتخابات رئاسية مسبقة، بدأت الأحزاب تتحرك وتستنفر قواعدها النضالية، استعدادا للمشاركة في صنع هذا الحدث السياسي البارز، من خلال الاجتماعات الولائية، والجهوية، وتقديم مقترحاتها، للفصل في طريقة المشاركة، سواء بالمقاطعة، المشاركة أو المعارضة أو الموالاة.
وفي هذا الإطار، أعلنت عدة أحزاب خوضها غمار الاستحقاقات، على غرار “بلقاسم ساحلي” رئيس حزب “التحالف الوطني”، الذي رشحته 7 أحزاب فارسا عنها، في الوقت الذي أعلن فيه الأمين العام لحركة “حمس” أن الفصل في المشاركة سيتم الفصل فيه بعد الدراسة والتشاور، والقرار النهائي يعود مجلس الشورى، في حين دعت الجزائريين للتحضير الجيد لهذه الانتخابات لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن. في الوقت الذي دعا حزب التجمع الوطني الديمقراطي، خلال اجتماع بمناسبة أمس الوطني للطالب، برئاسة الأمين العام “مصطفى ياحي”، لتعبئة قواعده النضالية للمساهمة في إنجاح الانتخابات الرئاسية ليوم 7 سبتمبر المقبل، من خلال تحسيس الهيئة الناخبة بضرورة التوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع واختيار مرشحها بكل ديمقراطية وشفافية في ظل المحيط القانوني الملائم الحالي. مثمنا قرارات رئيس الجمهورية، الرامية إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطن، من خلال الزيادات المتوالية في الأجور ومعاشات المتقاعدين، ومراجعة القوانين الأساسية لمختلف فئات الموظفين، إلى جانب المشاريع التنموية الواعدة في المجال الزراعي والصناعي والتجاري والمنجمي والبنية التحتية. من جهته، تحدث رئيس حركة البناء الوطني، “عبد القادر بن قرينة”، من تجمع له بتيميمون، داعيا لتعزيز المرجعية الفكرية والدينية الوطنية والموروث الثقافي في مواجهة المتربصين بالوطن. إلى جانب حرصه على الدعوة لحماية الأمن الفكري في مواجهة محاولات استهدافه من بعض الجهات التي لا يعجبها توجه الجزائر، ودورها على الصعيد الدولي ومواقفها تحت قيادة رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، في الوقوف مع القضايا العادلة، على غرار المدرسة الدينية التي امتدت في اتجاه العمق الإفريقي في إطار ”دبلوماسية دينية” وصناعة الأمن القومي المشترك بكل أبعاده، لافتا إلى أهمية تعزيز الدعم لهذه المرجعية من خلال تضافر جهود كل الفاعلين.
يذكر أن “بن قرينة” لم يعلن ترشحه وإنما اكتفى بتأكيد قوة فارسهم الذي سيشارك وهو ما رآه المتابعين إشارة لرئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”.
وبالحديث عن المعارضة، فقد برزت “لويزة حنون” الأمينة العامة لحزب العمال، كأول معارضة للنظام، معلنة ترشحها وجخول مضمار السباق الرئاسي المزمع في 7 سبتمبر القادم.
جاء ذلك خلال تزكية اللجنة المركزية لحزب العمال في الدورة العادية للمجلس الوطني، لها كمترشحة لرئاسيات 7 سبتمبر 2024. وقد ذكرت “لويزة” مناضلي الحزب، بأنهم حملوها مسؤولية كبيرة بالمشاركة في الرئاسيات، معتبرة أياه شرفا عظيما ولكن هو عبء جد ثقيل ومسؤولية كبرى بالنظر للرهانات المطروحة، موضحة أنه ليست قرار حزبي فقط وإنما هو وسيلة لفرض الحلول الجزائرية للمشاكل والعراقيل.
يشار إلى أن “لويزة حنون” اعتبرت ترشحها في سباق رئاسيات 7 سبتمبر القادم، ليس مثل مشاركاتها السابقة، كون الانتخابات المقبلة تكتسي طابع غير عادي بالنظر للسياق العالمي المتوتر.
عبير. ص