
تاريخ ولاية تيسمسيلت يعود إلى عشرة آلاف سنة خلت، حيث عرفت فيها المنطقة استقرار وتعاقب العديد من القبائل والأجناس والحضارات، ففي العصر الحجري، كانت في أدغال الونشريس وهضبة السرسو، حياة استقرار البشر في كل من مناطق كبابة وكاف اللوز بعين تكرية وأم العلو “الزهاير”.
حيث عثر على جمجمة إنسان وأدوات حجرية، أخذت المنطقة خلال هذه الحقبات التاريخية تسمتين الأولى بربرية وهي تيسم سيلت، وتعني غروب الشمس، وفيالار (VIALAR ) في عهد الإستعمار الفرنسي، شهدت المنطقة عدة حضارات منها الفترة الرومانية ( إبان الإحتلال البيزنطي ) وعهد الحضارة العربية بداية من الفتوحات الإسلامية إلى الدولة الرستمية والخلافة الفاطمية والدولة الحمادية والمرابطية والموحدية والزيانية فالدولة العثمانية ومرحلة الإستعمار الفرنسي، حيث أسس الأمير عبد القادر قلعته الحربية عام 1847 بأعالي – تازا – برج الأمير عبد القادر حاليا .
لقد كانت ولاية تيسمسيلت آهلة بالسكان منذ العصر الحجري القديم المتأخر، وتشهد على ذلك الأدوات الحجرية المعثور عليها في كاف اللوز بعين تكرية بمنطقة خميستي، وإستمرت الحياة بالمنطقة ليشهد الونشريس خلال العهد الروماني مقاومة شرسة للوافد الجديد، ورغم سيطرة الرومان على القسم الشرقي والجنوبي والغربي من الولاية، إلا أنه لم يستطع السيطرة نهائيا على القسم الثاني الذي كان نقطة القبائل المورية والبربرية وخلال الحملة الثانية لعقبة بن نافع 64-62 هجري دخل الإسلام إلى تراب الولاية التي بترحاب.
وصارت المنطقة تابعة إلى الولاية الأموية بالقيروان ثم الرستميين بتيهرت 144-298 هجري، ثم الفاطميين 361-298 هجري، غير أن أهل الونشريس لم تدم تبعيتهم لهذه الدولة طويلا وشقوا عصا الطاعة في سنة 360 هجري، فرفض عليهم الطاعة ومنذ ذلك الحين بقي الونشريس تابعا للزيانيين إلى أن ظهر أبوا البهار من الزيري وقطع الونشريس وتيهرت من إبن أخيه المنصوري بن بلكين في سنة 377 هجري، غير أن أبو البهار لم يصمد أمام الثائر زيري بن عطية المغراوي الذي ملك الونشريس وضمه إلى الدولة الزيرية، وبعد أن أسس دولته الحمادية في سنة 450 هجري صير الونشريس إليه.
وفي تلك الفترة ظهرت زعامة قبائل بني توجين، وأحيانا أخرى إلى الحماديين، وفي سنة 473 هجري، إستولى يوسف بنتاشفين المرابطي على بلاد الونشريس وأخضع قبائل بني توجين لدولته، ولكن سرعان ما ظهرت دولة الموحدين التي قبضت وجود المرابطين وإمتلكتالونشريس في سنة 539 هجري، وأثناء ذلك كان بنو توجين يتزعمون الونشريس وقد كانوا برئاسة لعطية بن مناد ولما أضعفت للدولة الحضرية منذ سنة 632 هجري بقيادة عبد القوي.
وفي سنة 639 هجري شهد الونشريس بزوغ إمارة محلية وللأول مرة تقودها قبائل بني توجين، وقد أذن لهم أبو زكريا الحفصي في إمتلاكماجاورالونشريس ليتسع ملكهم إلى قلعة بني سلامة بفرندة ولاية تيارت، غير أن يغمراسن بن زيان لم يهدا له بال من هذه الإمارة التي باتت تهدد طموحاته التوسعية وهاجمها مرات عديدة ولم يفلح، وبقيت صامدة إلى غاية مطلع القرن الثامن هجري إلى 14 ميلادي ليصبح الونشريس منذ ذلك الحين تابعا للدولة الزيانية.
وقد كان الونشريس خلال العهد العثماني تابعا من الناحية الإدارية إلى بايلك الغرب، وكان مقسما إلى مجموعة من القبائل نداء الشرف بعد دخول الإستعمار الفرنسي أرض الوطن وإنضموا إلى مقاومة الأمير عبد القادر، وقد شرفهم الأمير عبد القادر بأنه بني بنفسه قصرا بتازة سنة 1838 ميلادي وإتخذ منه قلعة كانت تضع فيها الأسلحة ويحبس فيها مساجين العدو، ورغم سقوط مقاومة الأمير عبد القادر بقيت متجذرة في أعماقهم ليبرز منهم أبطال في حرب التحرير المجيدة أمثال الجيلالي بونعامة وشنوا معارك ضارية في الونشريس وباب البكوش وبجبل عمرونة وساهموا بقدر كبير في تحقيق الإستقلال.