
تستقطب محطة الحمامات المعدنية لتلمسان أعـدادا كبيرة من الزوار الراغبين في الاستفادة من خدماتها العلاجية، والذين يتوافدون عليها طيلة أيام السنة من مختلف أرجاء الوطن، لاسيما من قسنطينة، سكيكدة، عنابة، أدرار والنعامة… وغـيرها، من أجل الترفيه عن النفس في فضاءات الطبيعة الخلابة التي تتوفر عليها المنطقة، وفي مقدمتهم حمام الشيقر وحمام بوغرارة اللذان يعرفان إقبالا كبيرا للزائرين للاستحمام الذي يعد سنة حميدة لقاصدي الجوهرتين للسياحية بتلمسان، كما يسميها البعض، نظرا لما يتوفر عليه هذين الحمامين من مزايا طبية ومكونات طبيعية تساعد على الشفاء من العديد من الأمراض، خاصة مرض المفاصل.
للإشارة، تزخر ولاية تلمسان بعدة منابع حموية منتشرة بسهول وجبال المنطقة ذات قيمة معدنية هامة، والتي أثبتت نجاعـتها العلاجية لدى العديد من الزوار الذين يؤمونها من كل حدب وصوب للاستشفاء من بعض الأمراض المتصلة بالمفاصل والبشرة وبعض الأعضاء الداخلية، غير أن أغلبية هذه المنابع التي تختلف في مستواها التدفقي ودرجات حرارتها ومكوناتها الكيميائية غير المستغلة بطريقة نظامية تخضع لشروط الصحة وتلبي حاجيات قطاع السياحة بالولاية.
وحسبما صرحت به مديرية السياحة، فإنه من بين المنابع الحموية الثمانية المعروفة توجد 3 منها فقط مستغلة من طرف القطاع وهي حمام بوغرارة، الشيقر وسيدي العبدلي، أما المنابع الحموية الأخرى فهي لا تزال عذراء ولم تستغل من قبل الجهات المعنية، ورغم أنها تعد في مجال الاستثمار السياحي كونها أثبت ميدانيا منافعها المعدنية على صحة زوارها، وفي مقدمة هذه المنابع يوجد ينبوع سيدي بلخير الواقع علي بعـد 06 كـيلومترات عن مدينة مغنية الحدودية، والذي تصل نسبة تدفقه إلي حوالي 120 لترا في الثانية.
واستنادا إلى تصريحات مديرية السياحة وبعض الزوار المتعودين على الحج إلى هذا المنبع، الذي يمتاز بديكور طبيعي خلاب وساحر، بالإضافة إلى حرارة مياه هذا المنبع والتي تبلغ 36 درجة مؤوية تفيد في علاج الأمراض الجلدية والتنفسية والضغط الدموي، كما يوجد شمال مدينة تلمسان وبالضبط بناحية أوزيدان عين تسمى تاجميت كانت في السابق مستقلة بطريقة تقليدية من طرف السكان الذين كانوا يؤمونها للنزهة وطلب العلاج.
فوائد وعناصر علاجية
كما تتوفر مياهه على فوائد وعناصر علاجية مثل البيكاربونات الضرورية لعلاج بعض الأمراض، كالأمراض الهضمية والبولية والجلدية، إلا أن الموقع الذي صار يشكو من انخفاض منسوب مياهه هجر من طرف العديد من الزوار ويكاد مكانه يندثر، أما المنبع الذي ذاعت شهرته خلال السنوات الأخيرة، وأسندت له منافع علاجية متنوعة، خصوصا منها تلك المستعصية على الطب.
ويقع هذا المنبع بعين الحمام على بعد 6 كيلومترات شمال غرب مدينة سبدو، حيث يتميز ماؤه بالتدفق بنسبة 205 لترات في الثانية، وبدرجة حرارة تقدر بـ25 درجة مؤوية وغـني بالبيكاربونات والكاسيك والمغنيزيوم، ويفيد في علاج بعض الأمراض الجلدية، غير أن الرواية الشعبية جعلت منه نافعا لشفاء عدة أمراض مزمنة، وهو ما لم تؤكده البحوث الطبية، ويضاف إلى هذا المنبع منبع سيدي رحو الواقع غرب مدينة الحنايا ومنبع سيدي بركاني بأولاد ميمون اللذان يمتازان بحرارة تتراوح ما بين 25 و30 درجة مؤوية، ومهما يكن، فإن هذه المنابع وإن اختلفت حولها الآراء فإنها بحاجة إلى مزيد من الأبحاث والاهتمام مع استغلالها في الاستثمار الفلاحي والسياحي والعلاج الصحي، أما المنبع المستغل في شكل محطة معدنية فهو يوجد بحمام بوغرارة على بعد 50 كلم عن عاصمة الولاية ويتمتع بالمرافق الاستقبالية اللازمة والضرورية للعمل السياحي، كما أن هذه المحطة أفادت مديرية السياحة أنها مزودة بالأجهزة المتطورة والمستخدمة في العلاج الحموي مثل الأدوات الكهروعلاجية مع العلم أن ماء الحمام الذي تبلغ درجة حرارته 43 درجة مؤوية ويتكون من بيكاربونات الكلور، ويوجد منبع ثاني بمحطة الشيقر بضاحية مدينة مغنية، والذي يبلغ مستوي تدفقه 400 لتر في الثانية وبدرجة حرارة مستقة تبلغ 30 درجة مؤوية ويختص المنبع أساسا في علاج أمراض البشرة والعروق الدموية، في حين توجد المحطة الثالثة ببلدية سيدي العبدلي ويحمل اسم هذه الأخيرة، ويحتوي هو الآخر علي مواد كيميائية مثل الماغنزيوم والبيكاربونات الضروريين لعلاج أمراض الشرايين والعـروق الدموية والكلي والجهاز الهضمي.
تعدت شهرته حدود الجزائر
مياهه دواء وزيارته تجلب البركة والشفاء، ذاع صيته بين المواطنين من مختلف مناطق الوطن وتعدت شهرته حدود الجزائر يقصده الناس من كل أرجاء المعمورة لأن مياهه ليست ككل المياه المتبقية ونسجت من حولها قصص وأساطير الخرافة أم حقيقة هي تلك الأحداث التي شهدها…؟ حمام الشيقر يوجد على بعد 5 كلم من مدينة مغنية اتجاه قرية سيدي المشهور، يتربع على مساحة جبلية واسعة في أسفلها يوجد واد مائي طبيعي يقصده الناس، وعلى حافة الطريق توجد عين يشرب منها المارة، حيث يوجد على ارتفاع 361 م على سطح البحر فتح أبوابه في السبعينات من القرن الماضي وشهد حالة من الإهمال والتخريب في العشرية السوداء.
وفي 28 مارس 2005 وبعد زيارة ميدانية لوالي ولاية تلمسان، أعطى هذا الأخير إشارة إعادة تهيئة الحمام وترميمه وبعد أشهر فتح أبوابه للزوار يدخله سنويا أكثر من 80 ألف شخص، حوالي 600 زائر في اليوم خلال فصل الصيف و200 في اليوم خلال فصل الشتاء وحتى في رمضان يزوره المرضى للتداوي، خاصة وأن الحمام يتكون من جناحين، جناح للرجال به مسبح و24 مرشاة وآخر للنساء به مسبحين واحد للنساء والآخر للأطفال و17 مرشاة، يشرف عليه المكلف بالتسيير وأمين الصندوق مسؤول عن الشاليات، مراقب عند باب الرجال ومراقبة عند باب النساء، بالإضافة إلى عمال قائمون على هذا الحمام رفقة مهندس للدولة في البيولوجيا.
وعن مياه الحمام، فهي تخضع لمراقبة مستمرة من طرف المصالح المختصة، بالإضافة إلى زيارة الباحثين بالجامعات الجزائري لدراسة مكونات المياه المعدنية التي تقضي على الأمراض الجلدية، خاصة تواجد البقع السوداء والحب في كامل الجسم وكذلك مرض الكلى تقريبا 90 بالمائة من المرضى يعودون إلى بيتهم في حالة صحية جيدة، وهناك العديد من كان ينتظر موعد إجرائه للعملية الجراحية يأتي إلى الحمام وبعد أيام من شربه لمياه الشيقر يتمكن من إخراج الحصى والحجر الموجود داخل كليته فيعود فرحا إلى منزله. وبالرغم من النقائص، فإن حمام الشيقر مثلا يزوره يوميا مئات المواطنين، فما بالكم لو يصبح قرية سياحية أو حتى محطة عصرية حتما ستضاعف عدد الزوار وسيكون قبلة للجزائريين والأجانب.
مخطط لعصرنة حمام بوغرارة
وعلى ضفاف تافنة وعلى بعد بضعة كيلوميترات من مدينة مغنية الحدودية، توجـد المحطة المعدنية حمام بوغرارة التابعة لمؤسسة التسيير السياحي بتلمسان، يقصدها على مدار السنة العديد من المواطنين من مختلف أنحاء الوطن وحتى من الخارج ويعتبر فصل الصيف الأكثر نشاطا، حيث فتحت أبوابها لأول مرة في 04 جويلية 1974 وتم تأهيلها مؤخرا وإعادة ترميم مبانيها.
وقد استفادت المحطة المعدنية لحمام بوغرارة، الواقعة على بعد 30 كلم غرب مدينة تلمسان من مخطط للعصرنة والتوسع قصد التحسين من الأداء العلاجي الطبي والحموي وترقية الخدمات المرتبطة بالنشاط السياحي، مثل الإيواء والتسلية والترفيه، كما أن هذه العملية التي قررتها وزارة السياحة والصناعة التقليدية والتي تندرج ضمن إستراتيجية لتطوير المحطات الحموية وعصرنتها تهدف إلى إعادة تأهيل هذا المرفق وفق المعايير الدولية المعمول بها بالهياكل السياحية والمحطات الحموية وتدعيمها بعتاد حديث وتجهيزات طبية متطورة تستجيب لنوع العلاج المطلوب.
ولتجسيد هذا المخطط، تم مؤخرا التوقيع على اتفاقية بين مؤسسة التسيير السياحي لتلمسان ومكتب دراسات يمثل مجمع لثلاث مؤسسات إسبانية من أجل القيام بدراسة مشروع عصرنة وتحسين خدمات المحطة المعدنية المذكورة إلى جانب 3 أخرى بغرب البلاد، وهي بوحنيفية (ولاية معسكر)، حمام ربي (ولاية سعيدة)، حمام بوحجر (ولاية عين تموشنت)، وقد وقعت عملية الاختيار عـلى هذه المؤسسات الاسبانية، لما تتمتع به من خبرة في هذا المجال والأعمال التي قامت بها في تطوير المؤسسات السياحية الحموية.
أمــيــر. ع