
تراهن الجزائر على نجاح القمة العربية التي تجري فعالياتها بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، وذلك من خلال إعتماد ورقة باتت اليوم مكشوفة لكل متتبعي الشأن العربي، والتي يتجلى فحواها في لم الشمل وإصلاح ذات البين.
وقد تم الشروع في التحضير لها منذ مطلع السنة الجارية 2022، من خلال تولي وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مهمة إجراء عدة دوريات نجح من خلالها إجراء محادثات وصفت بالمثمرة مع نظرائه في كل الدول العربية تقريبا، بالعزف على وتر تقريب الرؤى وجس النبض في محاولة لإقناع الرافضين لفكرة مشاركة الشقيقة سوريا في قمة الجزائر قبل خروج وزير الخارجية السوري ليعلن عن موقف بلده بأن سوريا لن تشارك في القمة المنتظرة وهذا حفاظا على تماسك الصف العربي.
في وقت واصل فيه رمطان لعمامرة جولاته الرامية لتعزيز الجهود العربية قصد ضمان المشاركة القوية في هذا المحفل العربي العام الذي كثيرا ما كان محل إنتقاذ خلال السنوات التي سبقت هبوب رياح الربيع العربي بسبب تراجع الدور العربي وتخليه عن الكثير من المطالب التي تحملها الشعوب، ولاسيما تلك التي عاشت ويلات الحروب في فلسطين والعراق واليمن وسوريا وليبيا، حيث تسعى القيادة الجزائرية اليوم في إتجاه تأكيد حضور يرقى إلى تمثيل رفيع المستوى بغرض أخذ قرارات يتبعها إلتزام كل المشاركين الحاضرين في القمة.
وفي سياق تهيئة الظروف المساعدة على توحيد الصف العربي، أصرت الجزائر على ضرورة إنهاء حالة الإنقسام بين الفصائل الفلسطنية والتي أشرف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على رعايتها شخصيا في مؤتمر لم الشمل المنعقد قبل أيام فقط بقصر الأمم بنادي الصنوبر، أين جرت لقاءات بين 14 فصيل فلسطني، و بعد يومين كاملين من الأشغال والمحادثات توصلوا إلى التوقيع على إعلان الجزائر في صورة أعطت إنطباعا جيدا في سبيل إصلاح ذات البين، تلتها تحركات رمطان لعمامرة بغرض إستكمال التحضيرات لإستقبال ضيوف الجزائر في أحسن الظروف.
وأمام كل هذه المساعي كبرت التحديات وعظمت، في وقت إنتاب فيه التشاؤم بعض المتابعين والمحللين العرب من الذين يشيرون إلى ما خلفته مآسي الحرب في فلسطين، ناهيك عن رياح الربيع العربي وما أحدثته من صراعات وإنقسامات في كل من ليبيا وسوريا والعراق واليمن والسودان، حتى أن بعضهم تساءلوا في الوقت ذاته، هل تملك الجزائر حقا وصفة شافية لتضميد جراح الإخوة الأعداء ولم شملهم وقبر الكراهية التي تسللت إلى رؤوس البعض من الذين أصبحوا يقاتلون أشقاىهم بسهام غربية؟
في وقت تجد فيه شعوب كثيرة تنثر اليوم ورود التفاؤل على الجزائر الجديدة، وهي ترفع ورقة تحمل من الآمال العربية ما يجعل هذه اليلاد العظيمة قادرة حسب تصريحات الكثيرين لعرض و تجسيد مقاربة جديدة مبنية على لم الشمل وإصلاح ذات البين، في وقت يسعى فيه مسؤلوها في كل الإتجاهات لتعزيز الجهود وتكريس مبدأ التعاون و التشارك لتمتين جسور التأخي في عالم أمسى يعيش أحببنا أو كرهنا ظروفا إقليمية ودولية إستثنائية صعبة أصبحت تفرض على كل الشعوب دون أي إستثناء تحديات جديدة لا يمكن رفعها إلا إذا إتحد كل العرب.
بقلم: يحيى عزواو