تكنولوجيا

شركات تقنية كبرى تطلق أكاديمية وطنية لتدريب المعلمين على الذكاء الاصطناعي

في خطوة جديدة تُبرز تنامي الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم، أعلنت ثلاث شركات تقنية كبرى عن شراكة مع واحدة من أبرز النقابات التعليمية في الولايات المتحدة، لإطلاق أكاديمية وطنية تُعنى بتدريب المعلمين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية.

 

دعم مالي وتعاون مؤسسي

المبادرة التي جاءت ثمرة تعاون بين ثلاث شركات متخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، تسعى إلى تجسيد مفهوم الاستخدام المسؤول والفعّال لهذه التقنيات في بيئة التعليم، حيث تم تخصيص دعم مالي قدره ثلاثة وعشرون مليون دولار لتمويل المشروع خلال السنوات الخمس المقبلة

وقد تعهدت إحدى الشركات الكبرى بتقديم نصف هذا المبلغ تقريبًا على شكل تمويل مباشر على مدى خمس سنوات، فيما أعلنت الجهتان الشريكتان الأخريان عن مساهمات مالية متفاوتة تُظهر التزامًا جماعيًا بإحداث تغيير جذري في طرق التدريس وأساليب التعلم من خلال تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي.

كما أوضح الاتحاد الأمريكي للمعلمين أن هذا المشروع يندرج ضمن رؤية مستقبلية، تهدف إلى تحسين قدرات المعلمين وتجهيزهم بالأدوات اللازمة لمواكبة التغيرات المتسارعة في البيئة التعليمية المعاصرة.

 

 تدريب شامل على مستوى وطني

تحمل الأكاديمية الجديدة اسم “الأكاديمية الوطنية لتعليم الذكاء الاصطناعي”، وتستهدف تدريب أكثر من أربعمائة ألف معلم على امتداد البلاد، وهي نسبة تمثل قرابة عُشر العاملين في قطاع التعليم الرسمي من مرحلة الطفولة المبكرة إلى نهاية التعليم الثانوي.

وسوف تشمل البرامج التي تقدمها الأكاديمية ورشات حضورية ودورات عبر الإنترنت وجلسات تطبيقية، يشرف عليها مختصون في مجالات التقنية والتعليم معًا ما يضمن مواءمة المحتوى مع الحاجات الحقيقية للفصول الدراسية، وسيكون بمقدور المعلمين الاستفادة من هذه الدورات بشكل مجاني في إطار خطة ممتدة لخمس سنوات تسعى لتأهيل كوادر تعليمية قادرة على استخدام التقنيات الحديثة بطريقة مسؤولة ومثمرة داخل البيئة المدرسية. وتُعد هذه الخطوة سابقة من نوعها من حيث حجمها وتنوع الجهات الداعمة لها، خاصة وأنها تأتي في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبرى بفعل الذكاء الاصطناعي وتأثيره المتصاعد على شتى القطاعات.

 

تعليم أخلاقي وتوسّع مستقبلي

يؤكد منظمو المبادرة، أن هدفهم ليس فقط تقديم أدوات تقنية للمعلمين، بل أيضًا تعزيز فهمهم لطرق استخدام هذه الأدوات ضمن أطر أخلاقية وآمنة تحمي خصوصية التلاميذ وتُراعي الفوارق الفردية بينهم.

وقد شدد بيان مشترك صدر عن الأطراف الداعمة على أن الأكاديمية ستُتيح للمعلمين مساحة للتعلم والتجربة، مع تقديم أمثلة حقيقية ونماذج تعليمية مدروسة تساعدهم على دمج الذكاء الاصطناعي في مهامهم اليومية دون التأثير على جوهر العملية التربوية. وستبدأ الدورات التدريبية في موسم الخريف الدراسي المقبل، فيما سيتم تخصيص جزء من التمويل لإنشاء مراكز تدريب، إضافية في عدة ولايات بهدف تعميم التجربة وتوسيع دائرة الاستفادة منها بحلول عام ألفين وثلاثين.

ويتوقع الخبراء أن يُسهم هذا المشروع في سد الفجوة الرقمية المتزايدة بين الأجيال، كما سيمنح المعلمين فرصًا جديدة لتجديد أدواتهم التربوية وتطوير كفاءاتهم المهنية بما يواكب التحولات الراهنة ويُعزز جودة التعليم. إن هذه المبادرة لا تُعد فقط استثمارًا في التقنية، بل هي في جوهرها استثمار في الإنسان إذ تسعى إلى تمكين المعلم من أن يكون فاعلًا في صناعة المستقبل لا مجرد متلقٍ له، وهو ما قد يُشكل نقطة تحوّل فارقة في مفهوم التعليم العصري المبني على الشراكة بين الإنسان والآلة.

وبينما يُبدي البعض حذرًا من إدخال الذكاء الاصطناعي إلى الفصول الدراسية بشكل واسع، يرى آخرون أن الاستعداد الجيد والتدريب الواعي للمعلمين يمكن أن يحوّل هذه التقنيات إلى أدوات داعمة للتلاميذ ومُعززة للقدرة على التفكير النقدي والإبداعي داخل المدارس.

ويبدو أن مستقبل التعليم في الولايات المتحدة يتّجه نحو نماذج أكثر مرونة وتفاعلاً بفضل مبادرات من هذا النوع والتي تجمع بين التمويل والتدريب والإرادة المؤسسية، لتقديم تجربة تعليمية أكثر حداثة وإنصافًا لجميع الأطراف.

بن عبد الله ياقوت زهرة القدس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى