لك سيدتي

خبيرتا التجميل “خديجة بن عرماس” و”درية عبدالعباس”، لـ “البديل”:

"عالم التجميل... عالم جميل شوهه الدخلاء"

أصبح التجميل هوس جل، إن لم نقل كل المجتمعات، جعلت من صالونات التجميل تتكاثر كالفطريات وبين صالون وصالون نجد صالونا، غير أن القائمين على هذه الصالونات ليسوا كلهم من حاملي الشهادات المعتمدة من طرف الدولة، بل تحولت إلى مهنة لمن ليس لديه مهنة، خاصة وأنها تدر أموالا طائلة في مجتمع تغيب عن ثقافة الجمال، وكل ما يحسن صنعها، هو التقليد على حساب النتائج المتوخاة من خضوعه إلى التجميل أو العناية.

 

وللتعمق في هذا الميدان الذي أصبح من روتين الفرد اليومي، استغلت جريدة “البديل” وجود خبيرتي التجميل والعناية بالبشرة “درية عبدالعباس”، صاحبة مدرسة “علياء للتجميل” بالجزائر العاصمة وبالضبط في القبة، وهي معتمدة من طرف الدولة، وكذا “خديجة بن عرماس”، صاحبة مركز التجميل “طبيعيتيmynatural”، ببئر الجير بولاية وهران، وهو أيضا معتمد من طرف الدولة، بصفتهما حَكَمتين في مسابقة التجميل التي تدخل ضمن فعاليات “أولمبياد المهن 2025” التي احتضنها المركز الدولي للمؤتمرات “أحمد بن احمد” بوهران، بين 18 و21 نوفمبر الجاري، فدار حديث تناول عالم التجميل وما يحدث في المجتمع بشأنه وأسباب الإقبال عليه، وتضارب الآراء حوله بين رافض وقابل، هذا فحواه:

 

غياب الثقافة التجميلية سبب انتشار الفوضى في المجال 

أكدت خبيرة التجميل “درية عبدالعباس”، أن غياب ثقافة الجمال والتجميل لدى الفرد عموما وخاصة الأنثى، جعل من الفوضى تستشري في القطاع وتهيمن عليه، أمام الانتشار المتواصل والرهيب لصالونات ومحلات التجميل. مذكرة أن معظم الأشخاص يبحثون عن التقليد أو الوصول إلى نتيجة معينة دون معرفة أصلها وأساسها وإن كانت ملائمة أو لا.

فيما أشارت الخبيرة “خديجة بن عرماس”، أن عدم وعي الشخص خاصة المرأة، بأهمية ما تقوم به، جعل الكثير من المتحايلين أو عديمي الكفاءة يفتحون صالونات تجميل لتحقيق أرباح مالية على حساب توعية الخدمة التي يقدمونها، وكثيرا ما نستقبل كمختصين زبائن لإعادة تصحيح الأخطاء والمشاكل التي لحقتهم على أيدي أشخاص لا يعرفون أصول هذه المهنة التي تعتبر حساسة وذا أهمية قصوى، لأنها تتعلق بالمظهر الخارجي أو صورة الوجه بعبارة أدق، وهو ما يعني أن الباحث عن التجميل أو الراغب في الحصول على نتائج مرضية، عليه بالتوجه إلى مراكز التجميل وصالونات الحلاقة اللاتي تملك الحلاقة أو المختصة في التجميل شهادة تكوين معتمدة من طرف الدولة، أي مركز التكوين والتعليم المهنيين أو شهادة من مركز التكوين والتجميل الخاصة المعتمدة من طرف الدولة ولها اتفاق مع مديرية التكوين والتعليم المهنيين للمصادقة على الشهادة التكوينية.

وهنا أوضحت الخبيرة “عبدالعباس”، أن كمراكز تكوين معتمدة، يقومونبامتحانات للمتربصين عند انتهاء مدى التكوين في كل المجالات التي خضعوا لها، وإذا تم ملاحظة عدم التحكم في مجال معين، فإن مدة التكوين تفتح وتتواصل حتى يتم من المتربص مما يقوم به، وذلك لضمان المهنية والاحترافية وجعله يكسب ثقة الزبائن عندما ينطلق في ممارسة نشاطه بعدها.

 

نقص المراقبة واعتماد المواقع الافتراضية أضرّا بالمجال

وفيما يتعلق بتحول مواقع التواصل الاجتماعي، أو ما يعرف بالعالم الافتراضي إلى محلات التجميل والتكوين، فقد ردت الخبيرة “خديجة بن عرماس”، صاحبة مركز التجميل “طبيعتيmynatural”، أن مواقع التواصل الاجتماعي غالبا ما تسوق لصورة زائفة، في ظل توفر ما يعرف بـ “الفيلتر” الذي يزين الصورة ويزيد من عناصر الجمال عليها، وبالتالي لا يمكن تصديق كل ما ينشر.

إضافة إلى أن البعض يستعمل مواد التجميل التي يدعو لاستعمالها، لأنه يقدم إشهار لصاحب الماركة مقابل الحصول على أموال، وبالتالي حسبها يمكن القول أن التجميل عبر الانترنت هو عبارة عن صورة تسويقية، إشهارية وليست جميلة بالك النظرة التي نراها نحن. فيما ذكرت الخبيرة “درية عبدالعباس” صاحبة مركز “علياء للتجميل” أن غياب الثقافة التجميلية هو أساس كل المشاكل، لأن إقبال المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي وتسابقهم لشراء مواد التجميل التي تروج عبرها، دون معرفة دقيقة بملاءمتها لنوعية بشرتهم من عندها هو ما يحقق أرباحا للمروجين، ومن يُعرف بالمؤثرين بينما المتابع غالبا ما يحصد التشوهات، الآثار السيئة على البشرة إضافة إلى خسارة أمواله.

 

منع الاستيراد سمح بظهور مواد تجميلية محلية تنافس الأجنبية 

وفيما يتعلق بمواد التجميل التي غالبا ما يتم البحث عن المواد المستوردة لأنها أكثر جودة، ردت الخبيرة “عبدالعباس”، أن وقف استيراد مواد التجميل كان له فضل كبير في بروز مؤسسات صناعة مواد التجميل محلية، ذات جودة عالية ويتنافس الأجنبية.

وأضافت زميلتها “بن عرماس”، أن الكثير من المنتجات التجميلية الجزائرية الصنع أثبتت جودتها لأنها تصنّع بمواد أولية طبيعية، وأحيانا تنعدم فيها المواد الكيميائية التي غالبا ما تكون سببا في تهيج البشرة أو احمرارها أو الحساسية، وهناك علامات بدأت في اكتساح السوق ويمكن أن توجه إلى التصدير، لأن منتجاتها تستجيب لمعايير المناخ وتوعية البشرة للزبائن. مردفة أنها في مركزها للتجميل، تركز على نصح المتكونات بالتوجه نحو استعمال المواد الطبيعية ولو بنسبة لا تقل عن 60 بالمائة،  فاليوم الحلاقات وأخصائيات للتجميل -حسبها- مطالبات بالعمل على استخدام المواد المحلية والتي تعتمد في الجزائر أساسا على المواد الطبيعية.

والعناية بالبشرة المصنعة محليا لأنها غير مضرة، ولها أثر إيجابي على الوجه خاصة ما يعني أنه هناك تطور مستمر في صناعة مواد التجميل.  مردفة أنه إضافة إلى نصيحتهن لهن، باعتماد المواد المنتجة محليا، تقوم بتعليمهن بعض اسرار صناعة منتجات تجميلية في البيت، خاصة ما تعلق بالأقنعة وبعض الخلطات الخاصة بالعناية بالشعر، لكن هنا يجب أن نعلم أمرا وهو أنه حتى ولو كانت المنتجات طبيعية، فإن هذا لا يعني أنها تناسب جميع أنواع البشرة، وهو ما يرجع بنا إلى أساس التكوين الذي يجب أن تكون قاعدته صلبة، وذلك بتوفر كل المعطيات حول البشرة وأساس العناية بها، فالمختصة في التجميل يجب أن تعرف أولا توعية البشرة التي هي بصدد التعامل معها من أجل استخدام المواد التي تناسبها حتى لا إصابة بحساسية أو احمرار أو تهيج. في الوقت الذي أكدت فيه الخبيرة “درية”، أنهم عند القيام بالتكوينات أصبحوا يعتمدون على المواد التجميلية الطبيعية تشجيعا للزبائن والمكونين، على اعتماد المواد التجميلية الطبيعية لأنها تعتبر صديقة للبشرة.

 

باقات التكوينات والدورات التي تتم في أقل من أسبوع هي سرقة وتحايل بطريقة ذكية

وبالحديث عن دورات التكوين التي تتم عن بعد وتلك القصيرة في مجال التجميل، فقد انتفضتا الخبيرتان، معتبرتان أن باقات التكوينات والدورات التي تتم في أقل من أسبوع هي سرقة وتحايل بطريقة ذكية.

حيث ذكرت الخبيرة “بن عرماس” أن هذه الطريقة تعتبر تحايل على المواطنين، والجهات المختصة مطالبة بالتحريك لوضع حد لهذا التسيب الذي أضر بمجال التجميل، وأثر سلبا على أصحاب الشهادات والمراكز المعتمدة، لأن فارق التسعيرة يجعل الدخلاء على الإيقاع يجهلون طريقة تقييم هذه الخدمة للزبون.

فأصحاب الدورات لأنهم يفقدون للمؤهلات الحقيقية، يتحولون إلى بائعي معلومات مغلوطة، لكن المتهافتين على الدورة، كالعادة لا يسألون لأن المهم بالنسبة لهم هو تحقيق أرباح ماليا، فمن غير المعقول تنظيم باقة دورة تكوينية لـ8 تخصصات ب 1.5 مليون سنتيم في 3 أيام، بينما يكون تربص التكوين على أصبع واحد فقط. ومن جهتها، أوضحت “عبدالعباس درية”، أن غياب المراقبة ساهم في انتشار الفطريات  في محلات التجميل والعناية بالبشرة، لأن كل من حمل مقصا هو خلاف وكل من حملت علبة تجميل هي مختص في مختصة في التجميل والعناية بالبشرة، وهذا خطأ شنيع يمارس في حق نشاط مهم وأساسي في حياة المرأة، حتى وإن كانت لا علاقة لها بالتجميل، إلا أنها مطالبة بتنظيف بشرتها كل ليلة قبل النوم، حتى تسمح لها بالتنفس وترميم نفسها واستعادة حيويتها، وهو ما يبقي عليها جميلة و جذابة.

 

الفيلر، البوتوكس، نفخ مناطق الأنوثة من اختصاص طبيب الجلد 

وأمام التهافت اللافت للإناث على عمليات الفيلر، البوتكس، نفخ مناطق الانوثة، ردت الخبيرة “خديجة بن عرماس” بلهجة حادة: “نحن درسنا تجميل البشرة سطحيا، النفخ والتغيير من اختصاص طبيب الجلد، موضحة أن طبيب الجلد وحده له صلاحيات معرفة ما يليق بالزبون.

وأشارت الخبيرة “درية عبدالعباس”، أنها نتائج النفخ والنحت عواقبها وخيمة على مستعملها، لأن مصدر موادها غير معروف، كما أن طريقة تنفيذها غير دقيقة وغير مراقبة، والأفضل اللجوء إلى طبيب جاد أو طبيب تجميل من أجل تنفيذ هذه العمليات الحرجة، والدليل مواقع التواصل الاجتماعي تعج بفيديوهات الأشخاص الذين خضعوا لعمليات تجميل فشلت وشوهت لهم أجسادهم، لاسيما وجوههم. كما دعا إلى ضرورة إخضاع هذا النشاط للمراقبة من طرف الجهاز المختصة. وقد أكدت الخبيرتان أنهما ضد ما يخترق الجسد من تقنيات تجميلية لا علاقة لها بمهنتهما ولا يشمله التكوين الذي خضعتا له.

وفي كلمتهما الأخيرة، دعا كل من الخبيرتين في التجميل “خديجة بن عرماس” و”درية عبدالعباس” الجهاز الوصي، إلى تنظيم حملات مراقبة لصالونات الحلاقة والتجميل وحتى مراكز التكوين، مع ضرورة اشتراط شهادة معتمدة في مجال التجميل عند استخراج السجل التجاري، وكذا توحيد أسعار عمليات التجميل والعناية بالبشرة، حتى يتم ضبط هذه السوق التي أصبحت ملجأ الكثير من الدخلاء الذين شوهوا سمعتها وأساؤوا بتصرفاتهم غير المهنية، لأصحاب الشهادات ومن يملكون الخبرة في المجال.

ميمي قلان 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى