
أكد رئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون”، في تصريح إعلامي مشترك بمقررئاسة الجمهورية، عقب المحادثات التي جمعته برئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، السيد “حسن شيخ محمود”، للجزائر، أمس الثلاثاء، أن الزيارة الرسمية التي يقوم بها والتي تعتبر الثانية من نوعها، تجسد الإرادة المشتركة ” لتعزيز تعاوننا وحرصنا على مد جسور هذا التعاون وتبادل وجهات النظر حول القضايا التي تهم البلدين”.
كما أشار رئيس الجمهورية إلى أن هذا اللقاء شكل “مناسبة سمحت لنا باستعراض العديد من القضايا التي تبادلنا بشأنها الرؤى على المستوى العربي والإفريقي”،كما تم التطرق إلى فرص التعاون في مجالات الطاقة والزراعة والصيد البحري والصناعة الصيدلانية والتعليم العالي خلال هذه المباحثات. وبخصوص التعليم العالي، قال رئيس الجمهورية:” نسجل أننا أنجزنا خطوة لاستغلال الفرص المتاحة لتكثيف التعاون”، حيث “ستستقبل الجزائر 110 طالب صومالي، للاستفادة من التكوينن، موسم 2026-2027″، مضيفا “نحن بصدد تعزيز هذه الخطوة وتقديم منح أخرى في مجال التكوين المهني والشرطي والدفاع”.
كما أعرب رئيس الجمهورية، أيضا عن بالغ ارتياحه مؤكدا توافق البلدين حول دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. حيث تطرق الرئيسان إلى القضية الفلسطينية وأكدا دعمهما للشعب الفلسطيني من أجل “نيل حريته واستقلاله وإقامة دولته على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف”. وتناولا معا الأوضاع في ليبيا، حيث تم التأكيد على “أهمية الحل السياسي الليبي-الليبي الجامع من خلال انتخابات حرة تفضي إلى بناء مؤسسات شرعية وتحافظ على وحدة ليبيا وسيادة شعبها الشقيق على أرضه مع وضع حد للتدخلات الأجنبية في شؤونه”
وبذات المناسبة، أفاد رئيس الجمهورية بأنه تم “التطرق باستفاضة إلى المستجدات في منطقة الساحل والصحراء”. فبخصوص ملف السودان، قال رئيس الجمهورية أن “هذا البلد الشقيق يشهد مأساة إنسانية حقيقية ويعاني من التدخل السافر لتأجيج الفتنة”، حيث استطرد قائلا:” لقد عبرنا عن رفضنا للتدخلات وخيمة العواقب التي ما فتئت تمعن في الإضرار بهذا البلد الشقيق وتزيد من تأزم الوضع, متجاوزة كل المبادئ والقيم والأسس الأخلاقية والسياسية التي تقوم عليها تقاليد التعاون والتضامن والتعاون في المنطقة العربية والقارة الافريقية”. وخلص إلى القول:” أعرب عن بالغ ارتياحنا لما أفضى إليه التشاور ونتطلع إلى مزيد من التعاون والشراكة لفائدة البلدين الشقيقين”.
وكان رئيس الجمهورية، قد اجرى قبل ذلك بمقر رئاسة الجمهورية، محادثات على انفراد مع رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، ثم توسعت لتشمل أعضاء وفدي البلدين.
الرئيس الصومالي يشيد بدور الجزائر في تعزيز السلام والعدالة والتضامن الافريقي
من جانبه، أشاد رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية،بدور الجزائر في تعزيز السلام و العدالة والتضامن الافريقي، حيث قال:” يشرفني ويسعدني أن أكون في الجزائر، البلد الذي يظل تاريخه المجيد في التحرر والقيادة والتضامن مصدر إلهام لنا جميعا، في افريقيا وفي العالم العربي”.
وبخصوص المحادثات التي جمعته برئيس الجمهورية، أوضح الرئيس الصومالي أنها اتسمت بـ “روح الأخوة والتفاهم المتبادل والعزم المشترك على تعزيز الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين”، حيث تم خلالها تأكيد “التزامنا الدائم ببناء شراكة تقوم على الاحترام المتبادل”، حيث تم الاتفاق على “العمل سويا من أجل تعزيز الاستقرار الاقليمي والدفع بالتكامل الاقتصادي والمساهمة في تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الافريقي لآفاق 2063 “.
وبالمناسبة استطرد قائلا:” جددنا دعمنا الثابت والمبدئي للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ضمن حدود 1967″، مضيفا بأن اللقاء عرف أيضا التطرق إلى جملة من القضايا التي تخص المنطقة العربية، على غرار الأوضاع في ليبيا والسودان والصحراء الغربية، حيث تم ابراز “أهمية وحدة وسيادة أراضي هذه الدول”. مبرزا بشكل خاص في نغس السياق، إلى أن الجزائر والصومال “سيواصلان العمل معا لضمان الحقوق الأساسية لهذه الدول”، منوها عاليا بـ”الدور الثابت الذي تضطلع به الجزائر في تعزيز السلام والعدالة و التضامن الافريقي”، ومعربا عن تقدير بلاده لدعم الجزائر المتواصل من أجل “السلام وترسيخ الاستقرار في الصومال”. وقال بهذا الخصوص:”سنظل نتذكر مواقف الجزائر المشرفة إلى جانب الصومال في أصعب المراحل التي مر بها”، مشيرا إلى أن بلاده “تتقاسم رؤية مشتركة مع الجزائر تجاه إفريقيا، ترتكز على الاعتماد على الذات وتبني صوت موحد يدافع عن حقوق الشعوب ومصالحها المشروعة”.
وحول الاتفاقيات التي وقعها البلدان والتي وصفها بـ”المهمة، لكونها تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المتقدم” بين الجانبين، قال الرئيس الصومالي أيضا أنها “تعكس رغبتنا المشتركة في تحويل صداقتنا التاريخية إلى تعاون عملي ومنظم، يعود بالنفع على شعبينا ويسهم في تنمية منطقتنا وقارتنا الافريقية”. حيث أنه تم الاتفاق على انشاء لجنة وزارية مشتركة، “تتولى متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه واستكشاف آفاق جديدة للتعاون”. وخلص الرئيس الصومالي إلى التأكيد على أن بلاده “على أتم الاستعداد لتعميق شراكتها الاستراتيجية مع الجزائر وتوسيع مجالات التعاون الثنائي في جميع القطاعات، والعمل يدا بيد على تحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين”.
توقيع عدة اتفاقيات تعاون بين البلدين
ترأس رئيس الجمهورية، رفقة رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، أمس الثلاثاء، مراسم التوقيع على عدة اتفاقات تعاون بين البلدين، تخص العديد من القطاعات. حيث تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية والثقافة والتعليم العالي لجمهورية الصومال، تتعلق بمجال التعليم العالي، إضافة إلى برنامج تنفيذي بين الوزارتين لسنوات 2026-2027- 2028 و2029. كما تم أيضا التوقيع على اتفاق بين حكومتي البلدين في مجال الفلاحة والصيد البحري، واتفاق آخر في مجال الصحة الحيوانية. إلى جانب ذلك تم التوقيع على اتفاق بين حكومتي الجزائر والصومال يتعلق بمجالات النفط والغاز والتعدين. كما وقع الجانبان بالمناسبة اتفاقا بشأن الإعفاء من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية.
قبل ذلك، خص رئيس الجمهورية نظيره الصومالي باستقبال رسمي، حيث استمع الرئيسان إلى النشيدين الوطنيين للبلدين واستعرضا تشكيلات من مختلف قوات الجيش الوطني الشعبي أدت لهما التحية الشرفية.
يذكر أن الرئيس الصومالي كان قد حل أول أمس بالجزائر في زيارة رسمية على رأس وفد هام، وكان في استقباله بمطار الجزائر الدولي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد “إبراهيم بوغالي”، وذلك بتكليف من رئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون”، وكان مرفوقا بعدد من أعضاء الحكومة وإطارات سامية في الدولة.
قبلها، ترحم بمقام الشهيد بالجزائر العاصمة، على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة وقام بوضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري المخلد لشهداء ثورة أول نوفمبر الخالدة وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواحهم الطاهرة. ثم زار المتحف الوطني للمجاهد، حيث تلقى شروحات حول مختلف مراحل تاريخ الجزائر، لاسيما تلك المتعلقة بالثورة التحريرية المجيدة.
وتندرج هذه الزيارة في إطار “تعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين الجزائر وجمهورية الصومال الفيدرالية والارتقاء بها إلى مستويات أعلى بما يعكس متانة الروابط التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين وحرص قيادتيهما على توسيع مجالات الشراكة والتنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك”.
هشام رمزي



