تكنولوجيا

حماية الأطفال على مواقع التواصل: التوازن بين الأمان والخصوصية

في ظل ازدياد تفاعل الأطفال والناشئة مع منصات التواصل الاجتماعي. وتوسع استخدامهم لها بشكل يومي، أصبحت مسؤولية الأهل في حماية الأطفال على مواقع التواصل و من المخاطر الرقمية مسألة لا تحتمل التأجيل. حيث لا يخفى على أحد أن هذه المنصات قد تكون مصدرا للتنمر الرقمي أو الابتزاز أو حتى الاستدراج من أطراف مجهولة ما يجعل التدخل الواعي ضرورة ملحّة وليس مجرد خيار


 

غير أن مراقبة الأبناء على هذه المنصات لا تعني بالضرورة فرض رقابة صارمة أو خنق خصوصيتهم. بل يتطلب الأمر اتباع أساليب ذكية تقوم على التفاهم والحوار مع استخدام أدوات تكنولوجية وأبوية فعالة في ان واحد. بحيث يمنح الأبناء شعورًا بالثقة وفي الوقت نفسه يتم ضمان سلامتهم الرقمية.

 

قواعد مشتركة لاستخدام الإنترنت

الخطوة الأولى، تتمثل في التفاهم مع الطفل أو المراهق. حول وضع مجموعة من القواعد الأساسية التي تنظّم استخدام الهاتف والشبكات الاجتماعية بشكل واضح ومتفق عليه. إذ يمكن تحديد أوقات محددة لاستخدام الهاتف يوميًا. والاتفاق على عدم قبول طلبات التواصل من الغرباء وعدم نشر معلومات شخصية مثل العنوان أو رقم الهاتف أو تفاصيل الحياة اليومية.

ومن المفيد إشراك الأبناء في صياغة هذه القواعد. بحيث يشعرون بالمسؤولية المشتركة بدلًا من الإحساس بالفرض أو المنع القسري. كما يمكن مراجعة هذه القواعد من حين لاخر وتحديثها بما يتناسب مع عمر الطفل وتطوّر وعيه التقني.

 

أدوات تقنية وأساليب غير مباشرة

تعد أدوات الرقابة الرقمية وسيلة داعمة لحماية الأبناء دون انتهاك خصوصيتهم. إذ توفر بعض التطبيقات إمكانيات متعددة مثل معرفة الوقت المستغرق على كل منصة أو تحديد التطبيقات المثبتة أو تلقي تنبيهات عند ظهور محتوى مقلق.

ويمكن ربط هذه الأدوات مباشرة بأجهزة الأبناء بما يسمح للأهل بمتابعة الوضع من بعيد دون الحاجة للتدخل المباشر أو التفتيش اليدوي.

كما يمكن مراقبة النشاط الظاهر على حسابات الأطفال والمراهقين. مثل المنشورات العامة أو قائمة الأصدقاء أو التفاعلات التي تحدث في العلن دون التطفل على الرسائل الخاصة أو المحادثات المغلقة. وهذا يتيح للأهل فرصة التدخل في حال ملاحظة أي تغيرات سلوكية مقلقة أو ظهور أسماء مشبوهة دون إشعار الطفل بأنه تحت المراقبة المستمرة.

ومن الجدير بالذكر. أن بعض المنصات الرقمية توفر أنظمة مخصصة لحماية الناشئة مثل الملف المقيد للمراهقين أو وضع الأمان الذي يحد من الوصول إلى محتوى حساس أو غير مناسب. وهذه الميزات تستحق التفعيل والمتابعة المستمرة من طرف الأهل.

 

حماية الأطفال على مواقع التواصل .. وعي تربوي قبل الأدوات

في المقابل، لا يجب أن تقتصر الحماية الرقمية على الجوانب التقنية وحدها. بل إن الجانب التربوي والنفسي يحتل موقعًا بالغ الأهمية في عملية التوجيه والمرافقة.

حيث يشير خبراء علم النفس التربوي إلى أن أسلوب التخويف أو التجسس قد ينتج نتائج عكسية ويدفع المراهق للانسحاب من الحوار الأسري أو اللجوء إلى إنشاء حسابات وهمية. أو استخدام تطبيقات خفية يصعب تعقبها.

لذلك، فإن بناء جسور الثقة مع الطفل هو المفتاح الأول للحماية الحقيقية ويجب أن يشعر بأن اللجوء إلى والديه في حال الوقوع في مشكلة رقمية هو تصرف امن. وليس مهددًا له بالعقاب أو السخرية. كما ينبغي توسيع وعي الأبناء حول المخاطر الرقمية بطريقة مبسطة وتدريجية ومن خلال أمثلة واقعية دون تهويل أو ترهيب.

ومن المهم كذلك، أن يتدرج الأهل في منح الأبناء استقلالًا رقميًا متزايدًا كلما أظهروا نضجًا ومسؤولية. بحيث تتحول الرقابة من تدخل مباشر إلى توجيه وإشراف عام مما يُعزز الشعور بالثقة ويُنمّي الحس الرقمي الذاتي لدى الأبناء.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى