الــجــامــعــةالجهوي‎

جامعة “جيلالي اليابس” بسيدي بلعباس

تقديم عرض مميز لفيلم "الطيارة الصفراء"

أحيت جامعة “جيلالي اليابس” سيدي بلعباس، اليوم الثامن من ماي، ذكرى تاريخية هامة، حيث يصادف هذا اليوم ذكرى خروج الشعب الجزائري في عام 1945 للاحتفال بانتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على النازية، مع تذكير فرنسا الاستعمارية بوعودها الزائفة، التي قطعتها للشعب الجزائري في وقت سابق.

في هذا اليوم الذي يحمل في طياته ذكرى المجازر الدموية، اختارت جامعة “جيلالي اليابس” إحياء الذكرى تحت إشراف مديرها البروفيسور “بوزياني مراحي”، حيث ألقى كلمة مؤثرة ذكر فيها الحضور بتضحيات الجزائريين التي قدموها في سبيل الحرية والاستقلال.

وشهدت المناسبة عرضًا مميزا لفيلم “الطيارة الصفراء” من إنتاج الطالبة “هاجر سباطة”، وهي متخرجة من كلية الآداب واللغات والفنون بالجامعة، والتي قدمت رؤية سينمائية للأحداث المؤلمة. كما تضمن البرنامج محاضرة علمية قدّمها الأستاذ “لحمر قادة”، إضافة إلى مداخلات قيّمة من الدكتور “جبران جبريل” بعنوان “جرائم ضد الهوية والذاكرة”، والأستاذ “جيلالي حسن زين العابدين حول “التكييف القانوني لجرائم الاستعمار الفرنسي”.

وقد تميز الحفل بحضور واسع من إطارات الجامعة والسلطات المحلية وبعض المدراء التنفيذيين، بالإضافة إلى الأساتذة، الموظفين والطلبة، فضلاً عن حضور لافت لعدد من رجال الإعلام. وفي ختام الاحتفالية، تم تكريم مجموعة من الصحفيين تقديرًا لمساهماتهم في إبراز صورة جامعة “جيلالي اليابس”.

 

“الطيارة الصفراء” فيلم يحيي تاريخ الجزائر ويترجم هوية شعبها على الشاشة

تؤكد المخرجة الجزائرية “هاجر سباطة”، أن السينما هي سفيرة الوطن خارج حدوده، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمهرجانات الدولية. في تصريحاتها الأخيرة، أشارت إلى أن فيلمها “الطيارة الصفراء” قد نجح في الوصول إلى أكثر من 25 ولاية جزائرية، وحصد العديد من التكريمات من مختلف الولاة الذين يولون اهتماما بالغا بالأفلام التي تتناول التاريخ والثقافة الوطنية.

وتعتبر المخرجة أن “الطيارة الصفراء” ليس مجرد فيلم سينمائي، بل هو بمثابة إعادة إحياء لجزء مهم من تاريخ الجزائر وهويتها، مشيرة إلى أن هذه الأعمال تستحق الاهتمام لأنها تعكس نضال الشعب الجزائري وتضحياته. كما حصل الفيلم على العديد من الجوائز القيمة، أبرزها الجائزة الذهبية في مهرجان البحر الأبيض المتوسط في عنابة، والجائزة الكبرى لأحسن فيلم روائي متوسط في الدورة الـ41 لمهرجان كندا السينمائي. وتعبّر “هاجر سباطة” عن فخرها الكبير بهذه الجوائز قائلة: “إنه لشرف عظيم أن ترفع راية الجزائر في مثل هذه المهرجانات الدولية”.

المخرجة “هاجر سباطة”، التي تمتد مسيرتها المهنية في مجال الفن لأكثر من 25 عامًا، بدأت رحلتها الفنية في مجال الإنتاج التلفزيوني، حيث عملت مع المخرج المعروف “جعفر قاسم” في العديد من الأعمال التلفزيونية. شاركت في مسلسلات بارزة مثل “عائلة جمعي” و”موعد مع القدر”، بالإضافة إلى دورها كمديرة برمجة في العديد من القنوات التلفزيونية.

وبينما تكشف “هاجر سباطة” عن مشوارها الفني الذي جمع بين التلفزيون والمهرجانات المحلية والدولية، تؤكد أن “الطيارة الصفراء” هو أول عمل سينمائي لها بعد سنوات طويلة من العمل في الصناعة الفنية. وأضافت: “الرحلة كانت طويلة، لكنها كانت مليئة بالتجارب التي ساعدتني في الوصول إلى هذه النقطة الهامة في مشواري السينمائي”.

فيلم “الطيارة الصفراء” ليس فقط إضافة جديدة للمشهد السينمائي الجزائري، بل هو بمثابة شهادة حية على قدرة السينما في نقل التاريخ وتأريخ لحظات هامة من تاريخ الجزائر، في شكل مؤثر يجسد الهوية الوطنية والتاريخ الثوري بكل معانيه.

وفي الختام، يبقى “الطيارة الصفراء” بمثابة عمل سينمائي يتجاوز حدود الشاشة ليكون أحد أوجه الجزائر الحقيقية التي تسعى إلى تعزيز ثقافتها وتراثها في العالم.

 

السيد “جلال عبد القادر”، (عميد كلية الآداب واللغات والفنون بجامعة جيلالي ليابس)

“في إطار إحياء ذكرى مجازر 8 ماي 1945، تمر اليوم 80 سنة على تلك الأحداث التي شهدتها الجزائر، دفع شعبها ثمنا باهظا من أجل الوعود التي أخلفتها فرنسا بمنح الاستقلال. بينما كان الحلفاء يحتفلون بانتصارهم على النازية الألمانية، كان الشعب الجزائري يعاني من ويلات المجازر التي ارتكبت بحقهم في سطيف. هذه المجزرة التي كانت بمثابة الشرارة التي أضاءت طريق الثورة، وأدت بعد 9 سنوات إلى انطلاق أول رصاصة في 1 نوفمبر 1954.

اليوم، ونحن نحيي هذه الذكرى بجامعة “جيلالي ليابس”، نقدم هذا الفيلم “الطيارة الصفراء” الذي يعرض للمخرجة الطالبة “هاجر سباتي”، وهي طالبة في السنة الثانية ماستر دراسات سينمائية، من ولاية سطيف، والتي تدرس في قسم الفنون. “هاجر سباتي” تنحدر من عائلة ثورية، حيث إن والدتها “جميلة” هي بطلة الفيلم، الذي يمتد على 45 دقيقة، يحمل طابعاً إنسانياً مفعماً بالغلاف الثوري، ويتناول قصة فتاة فقدت والدها الذي كان يعمل موظفاً في الشرطة العسكرية الفرنسية واغتالته آلة الاستعمار، إلا أن هذه الفتاة التي حملت همّ والدها، استطاعت أن تحول حزنها الشخصي إلى هدف وطني، متمثل في الدفاع عن استقلال الجزائر.

الطيارة الصفراء يقول العميد، مستلهمة من الأغنية الشهيرة التي تحمل الطابع الثوري، وتمكنت الطالبة سباتي من تحويل هذا الموضوع إلى فيلم شيق وممتاز، يعكس واقعا تاريخيا وإنسانيا مهما. وهذا يعكس إبداع الطلاب بجامعة “جيلالي ليابس”، وحرصهم على تقديم أعمال تساهم في إحياء الذاكرة الوطنية”.

 

الأستاذ “جيلالي حسن زين العابدين”

في محاضرة ألقاها الأستاذ حول مجازر 8 ماي 1945، يقول تركزت مداخلتي على الجانب القانوني لهذه الجرائم، وكيفية تكييفها ضمن القوانين الدولية. فقد ارتُكبت هذه المجازر في عدة مناطق من شرق الجزائر مثل سطيف، قالمة، خراطة وعدد من القرى والمداشر المجاورة، خلال شهري ماي وجوان من نفس العام.

وقد أشار الأستاذ إلى أهمية النظر في هذه الأفعال في إطار القانون الدولي، الذي كان في ذلك الوقت يفتقر إلى مرجعيات واضحة، تؤكد أن هذه الجرائم قابلة للتجريم. وفي هذا السياق، أشار إلى اتفاقيات لاهاي لعامي 1899 و1907، التي تنص على تجريم الأفعال المرتكبة ضد المدنيين خلال النزاعات المسلحة أو حتى في فترات السلم، مؤكدة أن مثل هذه الجرائم يجب أن تُعتبر جرائم يعاقب عليها القانون الدولي.

كما لفت الأستاذ إلى أهمية اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1977، خاصة فيما يتعلق بمسألة عدم تقادم الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، مما يفتح المجال أمام الجزائر لمطالبة فرنسا بتحمل مسؤوليتها عن هذه الجرائم. ومن خلال هذا الإطار القانوني، أكد الأستاذ أن الجزائر تسعى، منذ سنوات، إلى الحصول على اعتراف رسمي من فرنسا بشأن جرائمها خلال تلك الفترة، ما يعدّ جزء من نضال طويل لتحصيل حقوق الضحايا ومحاسبة المسؤولين.

فتحي مبسوط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى